< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث التفسیر

40/09/02

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : سورة لقمان

﴿الم (1) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ (2) هُدىً وَ رَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ (3) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولئِكَ عَلى‌ هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)﴾[1]

هذه الآيات سياقها سياق الآيات الاولى من سورة البقرة حيث يقول: "﴿الم (1) ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولئِكَ عَلى‌ هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)﴾[2]

الا ان هناك ذكر الهداية للمتقين وهنا ذكرت للمحسنين فهناك النظر الى البعد النفسي وهنا الى البعد العملي

و تحدثنا في الليلة الماضية حول الآيات الثلاثة الاولى، الآية الرابعة في الحقيقة تفسير للمحسنين فيذكر لهم خصال ثلاثة وهي اقامة الصلاة وايتاء الزكاة والايقان بالآخرة، والظاهر ان اقامة الصلاة ليس مجرد قراءتها فنحن نرى في بعض الفقرات من زيارات المأثورة عن اهل البيت عليهم السلام فيما نشهد لأئمتنا نقول "اشهد انك قد أقمت الصلاة وآتيت الزكاة وامرت بالمعروف ونهيت عن المنكر حتى اتاك اليقين" فإن كان المراد مجرد الاتيان بالصلاة فهذا اقل ما يتحلى به المسلم كما ورد في النبوي: "لتنتقضن عرى الاسلام عروة عروة و كلما تنتقض منها عروة التبس الناس بالتي تليها اولها الحكم و لآخرها الصلاة" وجيش عمر سعد كانوا يصلون ايضا و كثير من الفساق والفجار يصلون فمجرد القيام الى الصلاة ليس فضيلة عالية نحن نشهد بها عند الله لائمتنا عليهم السلام واقامة الصلاة تختلف عن القيام الى الصلاة والاتيان بها.

فإن الصلاة في الحقيقة دليل الاسلام فمجموعة الافعال والاذكار مع مقدماتها و مقارناتها التي تشكل الصلاة فيها رموز تدل على جميع تعاليم الاسلام في مقام العقيدة والعمل فالصلاة صلة جامعة بالله التي تتضمن لإسلام كامل فإقامتها عبارة عن احياء ثقافة الصلاة،

نعم مجموعة المفاهيم والقيم التي ترشد اليها الصلاة مقولات مشككة و متجزئة أي لها مراتب القوة والضعف كما تتجزأ بمفردات مختلفة، فإحياء ثقافة الصلاة كذلك له درجات.

وَ قد ورد في الفقيه بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الرِّضَا ع فِيمَا‌ كَتَبَ إِلَيْهِ مِنْ جَوَابِ مَسَائِلِهِ أَنَّ عِلَّةَ الصَّلَاةِ أَنَّهَا إِقْرَارٌ بِالرُّبُوبِيَّةِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ خَلْعُ الْأَنْدَادِ وَ قِيَامٌ بَيْنَ يَدَيِ الْجَبَّارِ جَلَّ جَلَالُهُ- بِالذُّلِّ وَ الْمَسْكَنَةِ وَ الْخُضُوعِ وَ الِاعْتِرَافِ- وَ الطَّلَبُ لِلْإِقَالَةِ مِنْ سَالِفِ الذُّنُوبِ- وَ وَضْعُ الْوَجْهِ عَلَى الْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ إِعْظَاماً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ أَنْ يَكُونَ ذَاكِراً غَيْرَ نَاسٍ وَ لَا بَطِرٍ- وَ يَكُونَ خَاشِعاً مُتَذَلِّلًا رَاغِباً- طَالِباً لِلزِّيَادَةِ فِي الدِّينِ وَ الدُّنْيَا- مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الْإِيجَابِ- وَ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِاللَّيْلِ وَ النَّهَارِ- لِئَلَّا يَنْسَى الْعَبْدُ سَيِّدَهُ وَ مُدَبِّرَهُ وَ خَالِقَهُ فَيَبْطَرَ وَ يَطْغَى- وَ يَكُونَ فِي ذِكْرِهِ لِرَبِّهِ وَ قِيَامِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ- زَجْراً لَهُ عَنِ الْمَعَاصِي وَ مَانِعاً لَهُ عَنْ أَنْوَاعِ الْفَسَادِ".

نعم لو كان المجمع الاسلامي يعيش ثقافة الصلاة بالإقرار بربوبية الله و خلع الأنداد أي رفض جميع المعبودات والآلهة لما خضعوا لأمريكا و لإسرائيل او سائر الدول المستكبرة فلا يجتمع الايمان الحقيقي مع الخضوع للمستكبرين قال تعالى: "الم تر الى الذين يزعمون انهم آمنوا بما انزل اليك وما انزل من قبلك يريدون ان يتحاكموا الى الطاغوت وقد امروا ان يكفروا به" وقال ايضا: "أ فرأيت من اتخذ الهه هواه واضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه" فاعتبر طاعة الهوى اتخاذها إلها، وقال تعالى: "قل يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد الا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضا اربابا من دون الله"، والمراد من عدم اتخاذ بعضهم بعضا اربابا هو نفي الاستعمار يعني أن لا يكون سلطة لجهة على جهة . وما نرى في هذا الحديث المبارك من ذكر الله بواسطة الصلاة حنى ينتهي الى ان يطيع الله في جميع احواله وتاركاً لجميع المعاصي أي ترك عبودية النفس و عبودية الطواغيت من البشر.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo