< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث التفسیر

40/09/01

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : سورة لقمان

﴿الم (1) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ (2) هُدىً وَ رَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ (3) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولئِكَ عَلى‌ هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)﴾ [1]

نود ان نذكر في كل آية بعض ما يفيدنا في تجويد القراءة.

ورد في المجمع حول فضيلة قراءتها عن أبي بن كعب عن النبي ص قال: "من قرأ سورة لقمان كان لقمان له رفيقا يوم القيامة و أعطي من الحسنات عشرا بعدد من عمل بالمعروف و عمل بالمنكر و روى محمد بن جبير العزرمي عن أبيه عن أبي جعفر (ع) قال من قرأ سورة لقمان في كل ليلة وكل الله به في ليلته ثلاثين ملكا يحفظونه من إبليس و جنوده حتى يصبح فإن قرأها بالنهار لم يزالوا يحفظونه من إبليس و جنوده حتى يمسي‌"،

ان حروف المقطعة التي نراها في مفتتح بعض السور تحدث المفسرون فيها بامور مختلفة:

منها: انها رموز بين الله ورسوله لا يعرفها الا النبي صلى الله عليه واله و لعل ائمة الهدى صلوات الله عليهم، بما لهم من الشأن الذي يجعلهم في المدارج العالية التي تقاربهم الى مستوى النبي من الكمالات يعرفون معاني تلك الرموز، منها انها وردت لإسكات هؤلاء المشاغبين من الغوغاء الذين كانوا يرفعون اصواتهم بالصياح والضوضاء لان لا يسمع الناس صوت النبي عند قراءة الآيات فورد الحروف المقطعة لتفاجئهم فيسكتوا استغرابا ثم يتابع النبي قراته لسائر الآيات و هذا الاسلوب من انجح الطرق لإسكات من يتعمد في صرف الناس عن الاستماع لكلام الخطيب،

منها: انها وردت ليوضح للناس ان القرآن تشكل من نفس الحروف التي ينطقون بها ولكنه نزل بأسلوب لا يستطيعون ان يأتوا بمثله ولا بعشر سور ولا بسورة واحدة منها فينبههم على الاعجاز الذي هو مكنون في الآيات القرآنية. ولا مانع للاعتراف بجميع هذه الجهات و الدوافع المذكورة.

ثم نأتي الى قوله تعالى: "﴿تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ﴾" فالذي يستفاد من التأمل في الموضوع والمحمول يفيد ان تلك اشارة الى مطلق الآيات القرآنية و لا تختص بآيات هذه السورة المباركة فقط واما الحكيم فهو وصف للكتاب الذي هو القرآن والحكيم هو الشيء المحكم الذي لا ينثلم و لا يكسره شيء ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وقد بني على اساس الحكمة الربانية.

وحكيم مطلقا في جميع ابعاده: حكيم في فصاحته وبلاغته ،حكيم في مضامينه، حكيم في اسلوب عرضه بل هو معجزة من جميع مناحيه وقد تحدى في اكثر من آية ان يأتوا بمثله فلم يستطع احد ان ينافسه. من الامور التي يستحق الوقوف عنده هو اسلوب عرض القرآن. فإنّنا عند ما نلاحظ سائر الكتب نرى لكل كتاب موضوع معين و فيها فصول مقسم على مواضيع و لكل فصل عنوان يحكي عن ما يحتويه.

ولكن القرآن هو الكتاب الوحيد الذي لا يحدده عنوان لا في اسمه فهو قرآن أي ما يقرأ و فرقان أي ما يفرق و كتاب أي مكتوب، و فصوله وهي السور المباركة اسمائها ابعد شيءٍ عن مواضيعها المذكورة فيها وهذا الذي يتضح لمن تأمل في اسماء السور المباركة، وهذه الخصيصة تجعل المخاطب حراً في تفكيره و في استنباط المعاني و لذا كلّما نراجع الآيات ونتأمل فيها تفتح امامنا آفاق جديدة ويأتي الى ذهننا معنىً لم نسبقه، مثلا في آية النفر انما كنا نتأمل فيها لدلالتها على حجية خبر الواحد، و لكن في احد الايام كنت اتحدث مع المجاهدين في لزوم تثقيفهم وبصيرتهم فبادر الى ذهني نقطة هامة وهي ان الله تعالى يقول: "﴿فلولا نفر من كل فرقة طائفة منهم ليتفقهوا في الدين﴾" ولم يقل ليقاتلوا العدو فنفهم من هذه الآية أن ميدان الجهاد احسن فرصة للتّفقُه في الدين أي البصيرة في الدين لان التفقه هو التفهم العميق والصحيح عن الدين بجميع ابعاده.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo