< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث التفسیر

40/06/15

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : معاني الإمامة

﴿يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَ لا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً . وَ مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى‌ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى‌ وَ أَضَلُّ سَبِيلاً﴾[1]

في الاسبوع الماضي ذكرنا اقوالاً خمسة في معني الامام، ثلاث منها لا وجه لها وهي كون الامام جمع الأمّ فانه معنى غريب غير ظاهر، و كون المراد صحيفة الاعمال، فانها تابع لعمل العبد و ليس بمتبوع لعمله كي يصدق عليها الامام، و كذلك اللوح المحفوظ فهو عام لكل الناس وليس متعدداً، والمعني الرابع الانبياء اولو العزم من نوح الى محمد صلوات الله عليهم اجمعين كل لاُمّته وهذا ايضا يوجب عدم شموله لمن سبق من الانبياء قبل الشرائع على ما ادعى صاحب الميزان رضوان الله عليه، ويمكن المناقشة في كلامه بان الحصر في اولي العزم لا وجه له فان الانبياء من آدم الى الخاتم صلوات الله عليهم اجمعين هم كانوا حجة على امتهم فالناس كانوا مكلفين باتباعهم لان لا يقول أحد لولا ارسلت الينا رسولا منذرا و أقمت لنا علما هاديا من قبل ان نضل ونخزى،

فالأظهر والاقرب والموافق لكثير من الروايات هو من ائتم به الناس مدى التاريخ من أئمّة الهدى و أئمة الضلال اصولهم وفروعهم وتكون سلسلة الامامة عنقودياً فالانبياء والاولياء كانوا رأس الأئمة والعلماء والحجج الذين دعوا الى طاعة الفريق الاول فهم ايضا كانوا أئمة لمتبعيهم فيمكن الجمع بين الانبياء كالصف الاول وسائر الهداة في الصفوف والمراتب المتأخرة سواء في ائمة الهدى او في ائمة الضلال. فيوم القيامة تدعى كل فرقة بامامهم الذي اقتدوا به فيشمل الأنبياء في المرتبة العالية والعلماء الذين اهتدوا بهم الناس الى الحق والتوحيد و علموهم شريعة تلك الانبياء، في المراتب دونها ولا ينافي ان يدعى امة الاسلام فيقال لهم يا اهل القرآن ولاتباع المسيح عليه السلام يا اهل الانجيل و اتباع موسى عليه السلام يا اهل التوراة ولاتباع ابراهيم عليه السلام يا اتباع الصحف وهكذا. كما نرى في القرآن كثيرا ما يخاطبهم بقوله تعالى يا اهل الكتاب. كما ان عكس القضية صادق بالنسبة الى اهل الضلال فهم ايضاً يدعون باسم الشيطان و ائمة الضلال في المراحل الدانية ثم بالعلماء الذين دعوهم الى تلك الاباطيل فسلسلة الحق في اليمين وسلسلة الباطل في اليسار.

 

وهذا المعنى يناسب مضامين الروايات الواردة من اهل البيت عليهم السلام فرأيت من المناسب أن نرتع في حقول الروايات و قد جمع في تفسير نور الثقلين كثيراً منها فالأحرى ان نطل اطلالة سريعة الى رياض الاحاديث بنصوصها:

    1. في محاسن البرقي... عن يعقوب بن شعيب قال: قلت لأبى عبد الله عليه السلام «يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ» فقال: يدعو كل قرن من هذه الأمة بإمامهم، قلت: فيجي‌ء رسول الله صلى الله عليه و آله في قرنه و على عليه السلام في قرنه و الحسن عليه السلام في قرنه و الحسين عليه السلام في قرنه الذي هلك بين أظهرهم؟ قال: نعم.[2] المراد من القرن عصر كل امام توفي فيه المقتدي.

    2. وقريب من هذا المعنى ما يلي: في تفسير على بن إبراهيم عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تبارك و تعالى: «يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ» قال: يجي‌ء رسول الله صلى الله عليه و آله في قومه و على في قومه، و الحسن في قومه، و الحسين في قومه، و كل من مات بين ظهراني قوم جاؤا معه.

    3. في عيون الاخبار عن الرضا عليه السلام و باسناده قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله في قوله تعالى: «يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ» قال: يدعى كل قوم بإمام زمانهم، و كتاب الله و سنة نبيهم.

ففي هذا الحديث جمع الامرين ولا منافات بينهما.

    4. وعن عبد الله غالب عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما نزلت هذه الآية «يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ» قال المسلمون: يا رسول الله الست امام الناس كلهم أجمعين؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه و آله: انا رسول الله الى الناس أجمعين، و لكن سيكون من بعدي أئمة على الناس من الله من أهل بيتي يقومون في الناس فيكذبون و تظلمهم أئمة الكفر و الضلال و أشياعهم، فمن والاهم و اتبعهم و صدقهم فهو منى، و معى و سيلقاني، الا و من ظلمهم و كذبهم فليس منى و لا معى و انا منه برى‌ء.

    5. في أصول الكافي... عن عبد الأعلى قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: السمع و الطاعة أبواب الخير السامع المطيع لا حجة عليه، و السامع العاصي لا حجة له، و امام المسلمين تمت حجته و احتجاجه يوم يلقى الله عز و جل، ثم قال: يقول الله تبارك و تعالى: «يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ».

    6. عن عبد الله بن سنان قال: قلت: لابي عبد الله عليه السلام: «يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ» قال: امامهم الذي بين أظهر هم و هو قائم أهل زمانه.

    7. في مجمع البيان و روي عن الصادق عليه السلام انه قال: ألا تمجدون الله، إذا كان يوم القيامة فدعي كل قوم الى من يتولون و فرغنا الى رسول الله صلى الله عليه و آله و فرغتم إلينا قال: اين ترون يذهب بكم؟ الى الجنة و رب الكعبة. قالها ثلاثا.

    8. وعن يحيى بن عبد الله بن الحسن عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله: يجي‌ء كل غادر بإمام يوم القيمة مائلا شدقه حتى يدخل النار.

    9. و قال على بن إبراهيم في قوله: «يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ» قال: ذلك يوم القيمة ينادى مناد: ليقم ابو بكر و شيعته و عمر و شيعته، و عثمان و شيعته، و على و شيعته.

هذا الحديث و ان لم يكن مستنداً الى معصوم ولكن من عادة علي بن ابراهيم ان كلامه في تفسيره اما نص الحديث واما مضمونه.

    10. في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام و قد ذكر المنافقين و كذلك قوله: «سلام على آل ياسين» لان الله سمى النبي صلى الله عليه و آله بهذا الاسم حيث قال: «يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ» لعلمه بانهم يسقطون قول الله «سلام على آل محمد» كما اسقطوا غيره، و كذلك قال: «يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ» و لم يسم بأسمائهم و أسماء آبائهم و أمهاتهم.[3]

    11. في أمالي الصدوق (ره) باسناده الى أبي عبد الله عليه السلام قال: سأل رجل يقال له بشر بن غالب أبا عبد الله الحسين عليه السلام فقال: يا بن رسول الله أخبرني عن قول الله عز و جل: «يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ» قال: امام دعا الى هدى فأجابوه اليه، و امام دعا الى ضلالة فأجابوه إليها، هؤلاء في الجنة، و هؤلاء في النار، و هو قوله عز و جل «فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَ فَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ» و الحديث طويل أخذنا موضع الحاجة.

    12. في تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام انه إذا كان يوم القيمة يدعى كل بإمامه الذي مات في عصره، فان انتبه اعطي كتابه بيمينه لقوله: «يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ» فان اوتى كتابه بيمينه «فَيَقُولُ: هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ» الاية و الكتاب الامام، فمن نبذه وراء ظهره كان كما قال نبذوه وراء ظهورهم، و من أنكره كان من أصحاب الشمال الذين قال الله: «ما أَصْحابُ الشِّمالِ فِي سَمُومٍ وَ حَمِيمٍ وَ ظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ» الى آخر الاية.[4]

    13. و عنه عن محمد بن مسلم عن أحدهما قال: سألته عن قوله «يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ» قال: من كان يأتمون به في الدنيا و يؤتى بالشمس و القمر فيقذفان في حميم و من يعبدهما.

    14. و عن أبي بصير قال: أخذت بفخذ أبي عبد الله عليه السلام فقلت: أشهد انك امامى، فقال: اما انه سيدعى كل أناس بإمامهم أصحاب الشمس بالشمس و أصحاب القمر بالقمر و أصحاب النار بالنار، و أصحاب الحجارة بالحجارة.

    15. وعن بشير الدهان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أنتم و الله على دين الله، ثم تلا «يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ» ثم قال: عليّ إمامنا و رسول الله صلى الله عليه و آله إمامنا، كم من امام يجي‌ء يوم القيمة يلعن أصحابه و يلعنونه، و نحن ذرية محمد، و امنا فاطمة.

    16. عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ هَمَّامٍ، قَالَ: قَالَ الرِّضَا(عَلَيْهِ السَّلاَمُ) ،فِي قَوْلِ اللَّهِ: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنٰاسٍ بِإِمٰامِهِمْ ،قَالَ :«إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ قَالَ اللَّهُ: أَ لَيْسَ عَدْلٌ مِنْ رَبِّكُمْ أَنْ نُوَلِّيَ كُلَّ قَوْمٍ مَنْ تَوَلَّوْا؟ قَالُوا: بَلَى- قَالَ:- فَيَقُولُ:تَمَيَّزُوا؛ فَيَتَمَيَّزُونَ.[5]

    17. و عن محمد بن حمران عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ان كنتم تريدون ان تكونوا معنا يوم القيمة لا يلعن بعضنا بعضا فاتقوا الله و أطيعوا. فان الله يقول: «يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ».

مضافاً الى ائمة الهدى والضلال يستفاد من بعض الاحاديث ان كل انسان تعلق في الدنيا بشيئ يحشره الله معه حتي ورد: انه من احب حجرا حشره الله معه

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo