< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث التفسیر

38/09/27

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : على اعتاب يوم القدس

﴿وَ لَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ ميثاقَ بَني‌ إِسْرائيلَ وَ بَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقيباً وَ قالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَ آتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَ آمَنْتُمْ بِرُسُلي‌ وَ عَزَّرْتُمُوهُمْ وَ أَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ لَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْري مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبيلِ . فَبِما نَقْضِهِمْ ميثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَ جَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَ نَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَ لا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى‌ خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلاَّ قَليلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنينَ[1]

انتهينا من البحث في الليلة الماضية حول الآية الاولى والثانية والليلة نتحدث عن الآية الثالثة حيث تحدثنا عن الحالة التي آلوا اليها اثر نقضهم الميثاق فقال: "فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَ جَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً. اللعن هو البعد عن رحمة الله والبعيد مهجور ويترتب على هذا الهجران قساوة القلب وعدم الشعور بكثير من المعاني والحالات النفسية السامية ولا يشعر بلذة المناجات والقرب والطاعة لمولاه ومحبوبه فيتغافل هذه الحرمان كي يريح نفسه فتزداد القسوة قلبه فلم يعد يبدي أي مرونة أمام الحقائق، فيتقدم في المعصية ويتجرء على مولاه وكلما تقدم في هذا المجال وتورط في الغي تجرء اكثر قال تعالى: ﴿ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذينَ أَساؤُا السُّواى‌ أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَ كانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ[2] . وفي سورة التوبه بعد ما ذكرهؤلاء الذين طلبوا بعض المعجزات والكرامات وعلقوا ايمانهم على استجابة بعض ما ارادوا ثم اخلفوا ولم يؤمنوا قالتعالى بشأنهم: ﴿فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً في‌ قُلُوبِهِمْ إِلى‌ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِما أَخْلَفُوا اللَّهَ ما وَعَدُوهُ وَ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ[3] في سورة البقرة كذالك ذكر بعض موارد نقضهم للميثاق فقال: ﴿ وَ إِذْ أَخَذْنا ميثاقَ بَني‌ إِسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَ ذِي الْقُرْبى‌ وَ الْيَتامى‌ وَ الْمَساكينِ وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَ أَقيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَليلاً مِنْكُمْ وَ أَنْتُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [4] ﴿وَ إِذْ أَخَذْنا ميثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ وَ لا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَ أَنْتُمْ تَشْهَدُونَ﴾[5]

﴿ ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَ تُخْرِجُونَ فَريقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ وَ إِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى‌ تُفادُوهُمْ وَ هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ أَ فَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَ تَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى‌ أَشَدِّ الْعَذابِ وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾[6] ﴿ أُولئِكَ الَّذينَ اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾[7] ﴿ وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَ قَفَّيْنا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَ آتَيْنا عيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَ فَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى‌ أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَريقاً كَذَّبْتُمْ وَ فَريقاً تَقْتُلُونَ ﴾[8] ﴿ وَ قالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَليلاً ما يُؤْمِنُونَ﴾[9] ﴿ وَ لَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَ كانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرينَ ﴾[10] ﴿ بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى‌ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى‌ غَضَبٍ وَ لِلْكافِرينَ عَذابٌ مُهينٌ ﴾[11] ﴿ وَ إِذا قيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَ يَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ وَ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنينَ ﴾[12] ﴿ وَ لَقَدْ جاءَكُمْ مُوسى‌ بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَنْتُمْ ظالِمُونَ ﴾[13] ﴿ وَ إِذْ أَخَذْنا ميثاقَكُمْ وَ رَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَ اسْمَعُوا قالُوا سَمِعْنا وَ عَصَيْنا وَ أُشْرِبُوا في‌ قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إيمانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنينَ ﴾[14] ﴿ قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقينَ ﴾[15] ﴿ وَ لَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْديهِمْ وَ اللَّهُ عَليمٌ بِالظَّالِمينَ ﴾[16]

﴿ وَ لَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى‌ حَياةٍ وَ مِنَ الَّذينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَ ما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَ اللَّهُ بَصيرٌ بِما يَعْمَلُونَ ﴾[17] ﴿ قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْريلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى‌ قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَ هُدىً وَ بُشْرى‌ لِلْمُؤْمِنينَ﴾[18] ﴿ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ رُسُلِهِ وَ جِبْريلَ وَ ميكالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرينَ ﴾[19] ﴿ وَ لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ وَ ما يَكْفُرُ بِها إِلاَّ الْفاسِقُونَ﴾[20] ﴿ أَ وَ كُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَريقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ﴾[21]

﴿ وَ لَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبَذَ فَريقٌ مِنَ الَّذينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللَّهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ ﴾[22]

في سورة النساء: قال تعالى:﴿ فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وَ كُفْرِهِمْ بِآياتِ اللَّهِ وَ قَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَ قَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾[23] ﴿وَ بِكُفْرِهِمْ وَ قَوْلِهِمْ عَلى‌ مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً ﴾[24] ﴿ وَ قَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَ ما قَتَلُوهُ وَ ما صَلَبُوهُ وَ لكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَ إِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّباعَ الظَّنِّ وَ ما قَتَلُوهُ يَقِيناً ﴾[25] ) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَ كانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً[26]

ويذكر الآية المبحوث عنها جرئتهم على الله بقوله: " يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِه ِ" فهم الذين حرفوا التورات واخلوا فيها من الخرافات ما لم تكن فيها وكذالك التحريف المعنوي بحمل الايات على اهوائهم و تفسيرها على آرائهم وعلى حسب رغبتهم فالتوراة التي انزل الله على موسى وفيها هدى ونور انقلبت الى توراة خليطها الشرك والخرافات.

ثم ذكر موضوعاً آخر فقال: " وَ نَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِه ِ" نعم هم ذُكّروا بالانبياء اللاحقة ثم نسواها ويمكن ان يكون النسيان هو الحقيقي ويمكن ان يكون بمعنى التناسي اي ترك العمل وعدم الاعتداء بالوعود والمذكرات السابقة

ثمّ تتطرق الآية إلى ظاهرة خبيثة طالما برزت لدى اليهود- بصورة عامّة- إلّا ما ندر منهم، فقال: "وَ لا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى‌ خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ" و هي الخيانة التي كانت تتكشف للمسلمين بين فترة و أخرى،

و في الختام قوله تعالى: "فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ". هل أنّ المراد في الآية أن يعفو النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن الأخطاء السابقة للأقلية الصالحة من اليهود، أم أنّ المراد هو العفو عن الأغلبية الطالحة منهم؟ إنّ الأقلية الصالحة لم ترتكب ذنبا أو خيانة لكي يطلب من النّبي صلّى اللّه عليه و آله‌ و سلّم العفو عنهم- و الظن الغالب هو أنّ العفو و الصفح المطلوبان في الآية يشملان- فقط- تلك الحالات التي كان اليهود يوجهون فيها أذاهم و تحرشاتهم و استفزازاتهم إلى النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و لا يشملان أخطاء اليهود و جرائمهم بحق الأهداف و المبادئ الإسلامية، حيث لا معنى للعفو في هذا المجال

تكملة البحث : سيرة النبي الاعظم في تعامله مع الناس عدم متابعة عوراتهم والكشف عن معاصيهم وهذه سيرة الاسلام وينبغي لكل مسلم ان يكون هكذا فالمعاصي التي يعود الى الفرد ما امرنا الشارع بافشائها وكشفها كالزنا واللواط وشرب الخمر وما شابه ذالك ولكن المرتكب اذا كان متهتكا بدرجة يرتكب الزنا في منظر العامة بحيش شهده اربع من العدول يجلد ولكن ان اتفق راه احد المؤمنين لا ينبغي ان يكشف عن امره وان كشف ولم يأت بارع شهداء فيجرى عليه حد القذف، نعم اذا كان هناك خلايا يريدون الاخلال في امور المسلمين كالاغتيال والتفجير او تسميم المياه وتهريب المخدرات لاسقاط الشباب في مهاوي الضلال فينبغي بل يجب البحث والتنقيب لاكتشاف تلك الخلايا و معالجتها بما فيه مصلحة الامة فان الامام الخميني كان يوصي الشباب اللذين يتابعون الخلايا الارهابية ان لا يفتشوا عن سائر امورهم من المسكرات او الصور الخليعة وغيرها مما يمارسونها في حيلتهم الفردية


[1] سورة المائدة، اية13.
[2] سورة الروم، ایة10.
[3] سورة التوبة، ایة77.
[4] سورة النساء، ایة83.
[5] سورة النساء، ایة84.
[6] سورة النساء، ایة85.
[7] سورة النساء، ایة86.
[8] سورة النساء، ایة87.
[9] سورة النساء، ایة88.
[10] سورة النساء، ایة89.
[11] سورة النساء، ایة90.
[12] سورة النساء، ایة91.
[13] سورة النساء، ایة92.
[14] سورة النساء، ایة93.
[15] سورة النساء، ایة94.
[16] سورة النساء، ایة95.
[17] سورة النساء، ایة96.
[18] سورة النساء، ایة97.
[19] سورة النساء، ایة98.
[20] سورة النساء، ایة99.
[21] سورة النساء، ایة100.
[22] سورة النساء، ایة101.
[23] سورة النساء، ایة155.
[24] سورة النساء، ایة156.
[25] سورة النساء، ایة157.
[26] سورة النساء، ایة158.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo