< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث التفسیر

38/09/09

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : معرفة العدو ومعرفة الباطل

وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَ يُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَ هُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ﴿204﴾[1] وَ إِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَ يُهْلِكَ الْحَرْثَ وَ النَّسْلَ وَ اللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴿205﴾[2] وَ إِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَ لَبِئْسَ الْمِهَادُ [3]

في الليلة الماضية تناولنا مفردات الآية بالدراسة و بحثنا بحثاً عابراً على معنى الآيات بما لا مزيد عليه. وتكملة لبحثنا نريد ان نلقي ضوئاً لنعيش الآيات بأجوائها.

الآيات فوقها تطرح امامنا حالة نفسانية يعيشها بعض الناس وليس مجرد دراسة افعالهم ولذالك وصفهم بالحالات لا الافعال فاولاً: يتحدث عنهم عن حالة الرياء والتزلف والتصنع، اي انهم ىائما في حالة المجاملة و اظهار النفس وعرض الوجود. فبما انهم يعيشون ازدواجية في نفوسهم فباطنهم مليئة بالحقد والكراهية وسوء السريرة و التخطيط للمؤامرات، وفي ظاهرهم يريدون كسب الثقة وتحبيب القلوب والتزلف فيعيشون سراعاً شديداً في باطنهم وقلق وارتباك.

نتيجة الصراع القائم في نفوسهم فلا يفكرون لحظة في فعل الخير والعود الى الانصاف فهم الدّ الخصام، فخصومتهم ليست في امر معين او امور معينة تتوقع ارتفاعها بالحصول عليها. كما خطرهم اكثر لانهم يظهرون الجب ويبطنون الكراهية والبغض.

ولذا تصفهم الآية التالية بانهم: "إِذا تَوَلَّى سَعى‌ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فيها وَ يُهْلِكَ الْحَرْثَ وَ النَّسْلَ" فهنا يطرح سؤال نفسه ما فائدة قوله في الارض؟ هل هناك فساد في السماء يمكن ان يقوموا به؟ ما يخطر بالبال في فائدة هذا القيد اراد ان يبين لنا أنّ الفساد يكون هدفهم الشامل وليس لهم مأرب واهداف معينة، حتى اذا وصلوا اليها تسكن روعتهم وتهدء شرَهَهم، فقوله يهلك الحرث والنسل يعني كل الخيرات التي يعيش الناس عليها من دون اختصاص فلا خصوصية لهم باي مكان او زمان او موضوع.

يقولون انّ جنكيز المغول عند ما أغار على النيسابور وهي كانت مدينة كبيرة قيل كان يعيش فيها الف الف نسمة فهدم البيوت وقتل كثير من الناس وعملوا له تلا كبيراً من القتلى فامر ان يبسطوا عليها فرشاً وطعاماً شهياً ليجلس عليها و يأكل ويتلذذ بالانتصار و ينظر الى عرض عسكري من جيشه الفاتح ففي اثناء النظر الى المناورة والعرض خاطب جيشه فقال: هل كان أحد منكم رقّ قلبه فيما فعل من قتل الرجال والنساء والاطفال؟ فلم يجيبه أحد منهم الّا أنّ واحد منهم قال: بلى انا رأيت امرأة آخذة طفلها ترضعه فجعلت رمحي في صدرها فوقعت على الارض وسقط الطفل من حضنها فبدء الطفل يبكي فوضعت رمحي في فم الطفل فظنه ثدي امّه فاخذ يمصها فادخلت في حلقها ورفعته حتى مات على الرمح وعند ذالك دخلني شيئا من الرأفة والرقة عليه ، فلما سمع جنكيز بذالك، امر بقتله لانه ما كان يرضى لجندي من جنوده ان يكون له رأفة ولو بهذا المقدار.

ما فعل بني امية باهل البيت عليهم السلام لم يكن مجرد مطالب ارادوا ان يصلوا اليه انهم قتلوا الحسين واهل بيته فما هو سبب اداسة الاجساد المطهرة تحت سنابك الخيول وما الداعي لحمل الرؤوس المنورة و سبي النساء والاطفال. لم يكن منهم ذالك الا لحقد شديد من الاسلام في نفوسهم.

كما في عصر الحضارة نري الدّ المستكبرين يدّعون الديمقراطية و حقوق الانسان وعلى ان هذه الدول المستكبرة ليس لمطالباتهم حد محدود وهؤلاء الذين يزعمون ان التفاوض معهم يقنعهم ويرفعون شرهم عنا هم واهمون لان المستكبرين ينظرون الى غيرهم نظرة استغلالية لا يمتنون لمن يقدم لهم خيراً بل يعتبرون اي امتياز ياخذون من عمالهم انها حصلت من خلال زكائهم. والله تعالى يصف غرورهم واعجابهم بانفسهم فيقول: (وَ إِذا قيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَ لَبِئْسَ الْمِهادُ) يعني انهم لا ينصفون أحداً بل بالعكس يظلمون على من يستسلم لهم ويتنازل امامهم


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo