< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث التفسیر

37/09/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : الثمرة التاسعة عشر

قال الله تعالى: "إِنَّا أَنْزَلْناهُ في‌ لَيْلَةِ الْقَدْرِ . وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ . لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ . تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ . سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) [1]

في هذه السورة المباركة لابد من الوقوف في مقاطع منها:

انا انزلناه جاء بضمير المتكلم مع الغير و لم يقل: -أنا نزّلته- و يحتمل في مثل ذالك أحد أمرين: للتشريف وتعظيم المتكلم، لانّ الجمع قد يأتي بهذا المعنى وليس المراد تعدد المتكلمين، كما في الخطاب أيضاً، وإمّا اُريد من ذالك الملائكة الذين هم وسائط الأنزال، والأول أقرب.

والإنزال باب الافعال وضمير الهاء يعود إلى كلّ القرآن لا بعضه كما قيل ويؤيد هذا المعنى ما في سورة حم حيث ورد هنا بعد قوله: "والقرآن الحكيم" فانزال القران كان في شهر رمضان وفي ليلة القدر، ويشهد بذلك قوله تعالى: " إِنَّا أَنْزَلْناهُ في‌ لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرينَ"[2]

وكذلك لا وجه لما قيل إنها كانت ليلة واحدة بعينها نزل فيها القرآن من غير أن يتكرر، و كذا ما قيل: إنها كانت تتكرر بتكرر السنين في زمن النبي ص ثم رفعها الله، و كذا ما قيل: إنها واحدة بعينها في جميع السنة و كذا ما قيل: إنها في جميع السنة غير أنها تتبدل بتكرر السنين فسنة في شهر رمضان و سنة في شعبان و سنة في غيرهما. و قيل: القدر بمعنى المنزلة و إنما سميت ليلة القدر للاهتمام بمنزلتها أو منزلة المتعبدين فيها، و قيل: القدر بمعنى الضيق و سميت ليلة القدر لضيق الأرض فيها بنزول الملائكة. و الوجهان كما ترى.

والوجه الصحيح الذي يستفاد من القرآن والروايات هو كونها ليلة معينة في كل سنة تتكرر بتكرر السنين في نفس الليلة ولكنها في شهر رمضان لقول الله تعالى: "شَهْرُ رَمَضانَ الَّذي أُنْزِلَ فيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَ بَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى‌ وَ الْفُرْقان‌..." [3] . و في سورة القدر يعين انه تعالى نزل القرآن في ليلة القدر فيثبت أن ليلة القدر تقع في رمضان وفي تعيين تلك الليلة في ليالي رمضان خلاف واسع

وفي وجه تسمية الليلة بالقدر ذكروا ثلاثة وجوه:

الاول : ليلة التقدير و هي الاولى والانسب.

الثاني : القدر بمعنى المنزلة و إنما سميت ليلة القدر للاهتمام بمنزلتها أو منزلة المتعبدين فيها.

الثالث : القدر بمعنى الضيق و سميت ليلة القدر لضيق الأرض فيها بنزول الملائكة". و في الميزان بعد ذكر الوجهين الأخيرين قال: (و الوجهان كما ترى). ولكن لا داعي لرفض الوجهين الاخيرين فهذه الوجوه الثلاثة ليسن مانعة الجمع فلا داعي لإنكارها وخصوصا عند ما نرى ان هذه الوجوه ناطقة بها روايات.

إِنَّا أَنْزَلْناهُ في‌ لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرينَ . فيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكيمٍ . أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلينَ . رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّميعُ الْعَليمُ"[4]

ما يدل على النزول التدريجي : "وَ قُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى‌ مُكْثٍ وَ نَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا" [5]

و قوله: «وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَ رَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا»[6]

 


[1] القدر1-5.
[2] الدخان 3 .
[3] البقرة 185 .
[4] الدخان3-6.
[5] إسراء106.
[6] الفرقان 32.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo