< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

41/11/14

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: کتاب الصلاة /صلاة الجماعة /إعتبار قصد القربة في الجماعة / كلام السيد الخويي (ره) / ملاحظة الأستاذ (دامت بركاته)

كان بحثنا في مسألة 22 حيث قال السيد: (لا يعتبر في صحّة الجماعة قصد القربة من حيث الجماعة، بل يكفي قصد القربة في أصل الصلاة، فلو كان قصد الإمام من الجماعة الجاه ، أو مطلب آخر دنيويّ، و لكن كان قاصداً للقربة في أصل الصلاة صحّ ، و كذا إذا كان قصد المأموم من الجماعة سهولة الأمر عليه أو الفرار من الوسوسة أو الشكّ أو من تعب تعلّم القراءة أو نحو ذلك من الأغراض الدنيويّة صحّت صلاته مع كونه قاصداً للقربة فيها نعم لا يترتّب ثواب الجماعة إلّا بقصد القربة فيها).[1]

في هذه المسألة نفى السيد لزوم قصد القربة في صحة الجماعة و انما رأى وجوب القربة في اصل الصلاة وكما رأيتم اقوال الفقهاء ممن افتى بلزوم قصد القربة في عنوان الجماعة و ممن احتاط في ذلك. والسر في عدم ايجاب قصد القربة في الجماعة اعتبار الجماعة صفة خارجة عن حقيقة الصلاة وبعبارة اخرى لا تنقسم الصلاة نوعين احداهما فرادى و الاخرى جماعة، و مَثَل الجماعة بالنسبة الى الصلاة مَثَل الصلاة في المسجد و الصلاة في غير المسجد و كما ان الحضور في المسجد عنوان مستقل عن الصلاة كذلك الجماعة و كما ان صحة الصلاة في المسجد غير متوقف على نية القربة لكونه في المسجد، كذلك صحة الصلاة في الجماعة غير متوقفة على نية القربة في كونها في الجماعة نعم كما يتوقف زيادة الاجر لصلاة تقام في المسجد على قصد القربة لكونه في المسجد كذلك يتوقف زيادة اجر الصلاة في الجماعة على نية القربة في لحوقه الى الجماعة. فنية القربة لا دور لها في صحة الجماعة و انما تؤثر في حصول الاجر.

فصحة الجماعة من دون قصد القربة انما يتم اذا قلنا انها مجرد قصد المتابعة فمن قصدها وعمل بها تصح صلاته وجماعته الا ان الاجر متوقف على نية القربة الى الله.

و وافق السيد الخوئي في هذه المسألة مع السيد المصنف في عدم توقف صحة الجماعة الى قصد القربة الا في الرياء فرأى ان الرياء مبطل للجماعة و حمل كلام السيد في الامور الدنيوية الى غير الرياء منها، و هو كلام متين نذكره بعينه، قال رضوان الله عليه:

(أمّا في الإمام فواضح، لما عرفت من عدم اعتبار قصد الإمامة في‌ صحّة الجماعة، فضلًا عن قصد القربة فيها، بل تصحّ الجماعة حتّى مع نيّة الإمام الصلاة فرادى،... و أمّا في المأموم فقصد الائتمام و إن كان معتبراً في صحّة الجماعة كما سبق، إلّا أنّ عنوان الجماعة من العناوين الطارئة كسائر الخصوصيات الزمانية و المكانية، فكما لا يعتبر قصد القربة في سائر الخصوصيات الطارئة كأن يصلّي في المسجد لبرودة المكان لا بقصد التقرّب لا يعتبر في خصوصية الجماعة أيضاً لعدم دخلها في ماهية الصلاة كي يعتبر القصد فيها. فلو كان الداعي للائتمام شيئاً آخر ممّا ذكره الماتن (قدس سره) و نحوها من الدواعي غير القربية مع كون الداعي إلى أصل الصلاة هو التقرّب صحّت الجماعة، نعم ترتّب ثواب الجماعة موقوف على قصد القربة بها، لكونها من شؤون الطاعة. و على تقدير الشكّ في ذلك فالمرجع إطلاقات أدلّة الجماعة، بناء على ما هو الصحيح من التمسّك بالإطلاق لإثبات التوصلية، كما ذكرناه في مبحث التعبّدي و التوصّلي من أُصول الفقه، هذا كلّه إذا لم يكن القصد الدنيوي من قبيل الرياء، و إلّا فلا ينبغي الإشكال في بطلان الصلاة فضلًا عن الجماعة، لما مرّ في الكلام عن الرياء في مبحث النيّة من كونه مبطلًا للعمل كيف ما اتّفق، سواء أ كان في تمام الصلاة، أم في أجزائها أم في شرائطها أم في خصوصياتها المقارنة لها من الزمان و المكان و نحو ذلك ممّا له مساس بالصلاة ، فإنّه تعالى كما في بعض الروايات خير‌ شريك، فمن عمل له و لغيره كان لغيره . و كلام المصنّف (قدس سره) منزّل على غير هذه الصورة بالضرورة).[2]

هذا كله على مبنى من يرى الجماعة مجرد نية المتابعة ولكن الحق ان الجماعة عبادة يحتاج تحققها الى القصد القربة ولا بأس ان تكون الاغراض الدنيوية من قبيل الدواعي الى الداعي، كما اكثر عباداتنا نأتي بها بداعي الوصول الى الجنة او الوقاء من النار او لتوسعة الرزق او شفاء المرضى او الرياضة او يؤجر نفسه لعبادات عن الغير للحصول على الاجرة و تسمى الجهة الدنيوية الداعي الى الداعي: من الحصول على مال او شفاء مريض او الوصول الى الجنة او الخلاص من النار كلها دواعي لاختيار عبادات تقرِّبُنا الى الله فيقصد القرب الى الله للوصول الى حاجاته وليس الا الأوحدي من المؤمنين يعبدون الله خالصا لوجه الله، امثال امير المؤمنين عليه السلام حيث خاطب ربه وقال: " مَا عَبَدْتُكَ طَمَعاً فِي جَنَّتِكَ وَ لَا خَوْفاً مِنْ نَارِكَ وَ لَكِنْ وَجَدْتُكَ أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ فَعَبَدْتُكَ"‌[3] فعلى ذلك من لم ينو التقرب الى الله بإيتمامه في الصلاة فجماعته باطلة فان نوى الرياء فقد ارتكب معصية كبيرة ومن لم يقصد عبادة الله بجماعته فلم يدخل في الجماعة ويجب عليه ان يأتي بما يجب في صلاة الفرادى.

ولعل وجه كلام المعلقين على هذه المسألة في قولهم: (في غاية الاشكال)[4] وقولهم: (الظاهر صحة صلاته واما صحة جماعته فمحل اشكال و كذا في المأموم)[5] و غيرها من التعبيرات التي تدل على عدم قناعتهم لما عليه المصنف في عدم توقف صحة الجماعة على قصد القربة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo