< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

41/10/21

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كتاب الصلاة /صلاة الجماعة /جواز نقل النية من إمام إلى إمام آخر / دلالة أدلة على الجواز

كان بحثنا في قول المصنف: (الأقوى و الأحوط عدم نقل نيّته من إمام إلى إمام آخر اختياراً و إن كان الآخر أفضل و أرجح...)[1]

وقد كنا في ذكر أدلّة القول بجواز النقل من امام الى امام، فرفضنا الاجماع اوّلاً ثم دخلنا في حقل الروايات فذكرنا ثلاثة عشرة رواية فيها صحاح و هي كانت حول نقل من امام الى امام عند حدوث اعذار: كنسيان الطهارة او حصول الحدث او الرعاف او اُزّاً في البطن او اعتلال الامام وكذلك النقل الى امام ليسلَّمَ به مضافاً الى النقل من امام صلاته قصر ففرغ منها الى امام للركعة الثالثة والرابعة.

و مما يستحق الوقوف عنده: انّ هذه الاعذار والعلل ورد في كلام السائل، لا في قول الامام لأنه لو قال الامام: (إنْ أحدث الامام فليقدم احد المأمومين ليصلي بالناس) مثلاً، فبما انها قضية شرطية فلها مفهوم اي ان لم يحدث فلا يُقدّم أحداً، فيفيد عدم جواز تقديم احد المصلين ليئمهم وهكذا بالنسبة الى سائر الاعذار فمجموع الاعذار تشكّل قضيةً شرطيةً منفصلةً ومعناه ان أحدث الامام او اصابه رعاف او تذكر حدثاً سابقاً او...فليُقدِّم أحد المأمومين ليئم المصلين. ولكن انما الموجود في الروايات، السؤال عن علاج ما وقعوا فيه، و عادة لا داعي للنقل الا عند مواجهة المشكلة واثبات الشيء لا ينفي ما عداه و ليس عندنا رواية تنهى عن الانتقال من امام الى امام حتي تعارض القول بالجواز. فعلى ذلك كثره هذه الروايات، و عدم اطلاق ينهى عن النقل، يقوي احتمال كون جواز النقل مفروغ عنه عند السائلين. فما تفضّل به المحقق العراقي و الامام الخميني و السيد احمد الخوانساري والشيخ علي جواهري رضوان الله عليهم و غيرهم في نفي القوة عن عدم الجواز في محله.

وثالث ما استدل به لجواز النقل هو: انتفاء المانع عن الصحة، ولابد ان يكون مرادهم نفي وجود دليل اجتهادي دال على عدم صحة صلاة من انتقل من امام الى امام، كي يعارض روايات التي يظهر منها جواز الانتقال بالبيان الذي ذكرناه.

أقول أصالة عدم المانع انما تجري اذا ثبت المشروعة في العبادة اي بعد ثبوت المقتضي مثل ما اذا شك في ان فرقعة الاصابع مبطل للصلاة او لا؟ فالأصل عدم المانعية وهذا الاصل من اقسام البراءة. ولكن في مفروض المسألة لا ندري هل شرعت الجماعة بإمام في اثناء الصلاة فالأصل هنا عدم المشروعية، فان الصلاة من العبادات التوقيفية فلا يجوز ان نتعبد بها الاعن دليل. ولذلك استدلال المانعين علي اصالة عدم المشروعية في محله. لو لم يتم دلالة الروايات على الجواز. فان اصالة عدم المشروعية دليل فقاهتي والروايات ادلة اجتهادية والاصل دليل حيث لا دليل. فالمرجع تلك الروايات.

و رابع ما استندوا اليه لجواز النقل : اصالة الصحة. و اصالة الصحة تأتي في امور:

الاول: اصالة صحة في عمل الغير. وهي اصل عقلائي امضاه الشارع المقدس ولو لا ذلك لَاختلّ نظام المعاش. و لكن موضوعها خارج عن محل الكلام لان كلامنا في عمل النفس لا عمل الغير.

الثاني: اصالة الصحة بعد الفراغ من العمل اي اذا شككنا في صحة عمل قد انجزناه، بعد الفراغ منه نبني على صحة العمل ولا نعتني بالشك و قد شرعها الله تسهيلا للعباد و موضوعه احتمال فقد جزء او شرط او حدوث مانع في اثناء العمل. ولكن ما نحن فيه اجنبي عن هذا الموضوع فالشك فيما نحن فيه شك سابق عن العمل ناشئ عن الجهل بالحكم.

الثالث: البراءة من جزئية ما يحتمل جزئيته، او شرطية ما يحتمل شرطيته او مانعية ما يحتمل مانعيته. كما انها تجري في مورد الشك في اصل التكليف وجوبا وحرمة، فاذا شككنا في جزئية التسبيحات الاربعة اكثر من مرة فبأصالة البراءة ننفيها او شككنا في شرطية ستر البدن من السرة الى الركبة زائدا عن العورة فالبراءة تنفيها او شككنا في مانعية فرقعة الاصابع من صحة الصلاة او لبس الحرير في الثياب الداخلي للرجال في الصلاة فالبراءة تنفي المانعية وكل ذلك بعد ما ثبت مشروعية العبادة . ولكن فيما نحن فيه اصل الالتحاق بالجماعة في اثناء الصلاة لا دليل على مشروعيتها حسب الفرض.

وخامس ما استندوا اليه للجواز: قياس نقل النية من امام الى امام بجواز انتقال من الفرض الى النفل و جواز ابطالها. و لكن هذا القياس ايضا في غير محله بل هو من القياس المحرم لان المناط في جواز النقل الى النافلة غير معلوم عندنا بل هو لدرك الجماعة من اولها وما نحن فيه درك الجماعة الجديدة من وسطها فلا ينبغي قياس ما نحن فيه بالنقل الى النافلة.

فأقوى الادلة لإثبات الجواز هي الروايات التي مررنا عليها فلا نفتي بعدم جواز النقل من امام الى امام اختياراً ومع ذلك نقول ينبغي الاحتياط في المسألة بترك النقل من امام الى امام في غير الموارد المنصوصة .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo