< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

41/10/16

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كتاب الصلاة /صلاة الجماعة /عدم جواز نقل النية من إمام إلى إمام آخر/ المناقشة في كلام العلامة في التذكرة

 

كان كلامنا في المسألة الرابعة عشرة في مبحث صلاة الجماعة من العروة حيث ورد فيها: (الأقوى و الأحوط عدم نقل نيّته من إمام إلى إمام آخر اختياراً و إن كان الآخر أفضل و أرجح...)[1] .

وملخص دليل القول بعدم جواز انتقال النية من امام الى امام كما ذكرناه امران:

اوّلاً: الاصل فيها عدم المشروعية، و ثانياً: لم يرد دليل على الجواز كي نخرج من الاصل.

اما ما استُدلّ به للجواز: اولاً: الاجماع كما ورد في كلام الشيخ رضوان الله عليه. ثانياً: التمسك بإطلاق بعض روايات الباب و ثالثاً: انتفاء المانع عن الصحة، رابعاً: اصالة الصحة. خامساً: قياسا بجواز انتقال من الفرض الى النفل و جواز ابطالها.

اما ادعاء الاجماع فيرده وجود الخلاف بين الفقهاء فيها و إجماعات الشيخ انما ذكرها ليساير بها العامة.

اما الروايات:

فهناك ثلاثة ابواب في الوسائل يمكن ان تكون بعض رواياتها مستندا للقول بجواز النقل من امام الى امام: ان صاحب الوسائل عنون باب40 من ابواب صلاة الجماعة في المجلد الثامن من الوسائل، بقوله:

(بَابُ جَوَازِ اسْتِنَابَةِ الْمَسْبُوقِ فَإِذَا انْتَهَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ أَشَارَ إِلَيْهِمْ بِيَدِهِ يَمِيناً وَ شِمَالًا لِيُسَلِّمُوا ثُمَّ يُتِمُّ صَلَاتَهُ أَوْ يُقَدِّمُ مَنْ يُسَلِّمُ بِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ذَكَّرُوهُ) وعناوين المذكورة في الوسائل هي بيان لرأيه في المسألة. فهو قال بجواز الاستنابة و انما ذكر معالجة الامر حتى اجاز الاستنابة ثانية بقوله او يقدم من يسلم بهم. ‌

اما الروايات:

فمنها: صحيحة جميل و اليك نصها: روى في الفقيه: (وَ ِإِسْنَادِهِ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنِ الصَّادِقِ عليه السلام فِي رَجُلٍ أَمَّ قَوْماً عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَانْصَرَفَ- وَ قَدَّمَ رَجُلًا وَ لَمْ يَدْرِ الْمُقَدَّمُ مَا صَلَّى الْإِمَامُ قَبْلَهُ- قَالَ يُذَكِّرُهُ مَنْ خَلْفَهُ)[2]

سندها صحيح و وجه الاستدلال بها ان الجواز كان مفروغ عنه عند السائل وانما سئل عن معالجة جهله بعدد الركعات التي صلاها الامام قبله.

ومنها: صحيحة معاوية بن عمار و اليك نصها:(مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ يَأْتِي الْمَسْجِدَ- وَ هُمْ فِي الصَّلَاةِ- وَ قَدْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِرَكْعَةٍ أَوْ أَكْثَرَ- فَيَعْتَلُّ الْإِمَامُ فَيَأْخُذُ بِيَدِهِ- وَ يَكُونُ أَدْنَى الْقَوْمِ إِلَيْهِ فَيُقَدِّمُهُ- فَقَالَ يُتِمُّ صَلَاةَ الْقَوْمِ ثُمَّ يَجْلِسُ- حَتَّى إِذَا فَرَغُوا مِنَ التَّشَهُّدِ- أَوْمَأَ إِلَيْهِمْ بِيَدِهِ عَنِ الْيَمِينِ وَ الشِّمَالِ- وَ كَانَ الَّذِي أَوْمَأَ إِلَيْهِمْ بِيَدِهِ التَّسْلِيمَ وَ انْقِضَاءَ صَلَاتِهِمْ- وَ أَتَمَّ هُوَ مَا كَانَ فَاتَهُ أَوْ بَقِيَ عَلَيْهِ. وَ رَوَاهُ الصَّدُوقُ مُرْسَلًا نَحْوَهُ و مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ مِثْلَهُ.)[3]

السند صحيح فان معاوية بن عمار هو ابن ابي معاوية الدهني قال فيه النجاشي: (كان وجهاً في اصحابنا و مقدّماً كبير الشأن عظيم المحل ثقة وكان ابوه ثقة في العامة) و قد اجتمع على روايته المحمدون الثلاثة. و وجه الاستدلال بها ما ذكرناه في سابقتها.

ومنها: رواية زرارة واليك نصها: شيخ في التهذيب: (وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ عَنْ جَمِيلٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَحَدَهُمَا ع عَنْ إِمَامٍ أَمَّ قَوْماً- فَذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى وُضُوءٍ- فَانْصَرَفَ وَ أَخَذَ بِيَدِ رَجُلٍ وَ أَدْخَلَهُ- فَقَدَّمَهُ وَ لَمْ يَعْلَمِ الَّذِي قُدِّمَ مَا صَلَّى الْقَوْمُ- فَقَالَ يُصَلِّي بِهِمْ فَإِنْ أَخْطَأَ سَبَّحَ الْقَوْمُ بِهِ- وَ بَنَى عَلَى صَلَاةِ الَّذِي كَانَ قَبْلَهُ. وَ رَوَاهُ الْكُلَيْنِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ مِثْلَهُ.)[4]

في سندها علي بن حديد و هو ابن الحكم المدائني فطحي لم يوثق بل ضعفه الشيخ بقوله: (لا يعول على ما انفرد بنقله) و وجه الاستدلال ما قلناه في التي سبقتها

و منها رواية طلحة بن زيد، واليك نصها: (وَبِإِسْنَادِهِ( اي الشيخ في التهذيب) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ أَمَّ قَوْماً- فَأَصَابَهُ رُعَافٌ بَعْدَ مَا صَلَّى رَكْعَةً أَوْ رَكْعَتَيْنِ- (فَقَدَّمَ رَجُلًا مِمَّنْ قَدْ فَاتَهُ) رَكْعَةٌ أَوْ رَكْعَتَانِ- قَالَ يُتِمُّ بِهِمُ الصَّلَاةَ- ثُمَّ يُقَدِّمُ رَجُلًا فَيُسَلِّمُ بِهِمْ- وَ يَقُومُ هُوَ فَيُتِمُّ بَقِيَّةَ صَلَاتِهِ.)[5]

في سندها العباس بن معروف هو ابو الفضل مولى عبد الله الاشعري وثقه النجاشي بقوله: "قمي ثقة" و في سنده طلحة بن زيد لم يرد له توثيق الا ان الشيخ قال فيه (عامي المذهب الا ان كتابه معتمد) وهذا توثيق لكتابه لا لنفسه. اما الدلالة ففي هذه الرواية انتقالين من امام الى امام. والانتقال من الثاني الى الثالث لم يكن لعذر بل كان للإمام الثاني ان يطول تشهده حتي يسلم المأمومين ثم يقوم لإكمال صلاته.

و كذلك باب 41 (بَابُ كَرَاهَةِ اسْتِنَابَةِ الْمَسْبُوقِ وَ لَوْ بِالْإِقَامَةِ)‌.

منها: صحيحة سليمان بن خالد: واليك نصها: (مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ النَّضْرِ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع‌ عَنْ رَجُلٍ يَؤُمُّ الْقَوْمَ- فَيُحْدِثُ وَ يُقَدِّمُ رَجُلًا قَدْ سُبِقَ بِرَكْعَةٍ كَيْفَ يَصْنَعُ- قَالَ لَا يُقَدِّمُ رَجُلًا قَدْ سُبِقَ بِرَكْعَةٍ- وَ لَكِنْ يَأْخُذُ بِيَدِ غَيْرِهِ فَيُقَدِّمُهُ.)[6]

سليمان بن خالد قال فيه النجاشي: (كان قاريا فقيها وجها) و وجه الاستدلال بها ان التهي في لا يقدم تنزيهي و يأخذ بيد غيره يفيد الجواز.

ومنها: (وَبإِسْنَادِهِ (اي الشيخ) (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى) عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ (عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ) عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مِسْكِينٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ شُرَيْحٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ إِذَا أَحْدَثَ الْإِمَامُ وَ هُوَ فِي الصَّلَاةِ- لَمْ يَنْبَغِ أَنْ يُقَدِّمَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ الْإِقَامَةَ الْحَدِيثَ.)[7]

في السند احمد وابوه حسن هما ثقتان فطحيان وحكم بن مسكين و كذلك معاوية بن شريح لم يرد لهما توثيق فالسند ساقط عن الاعتبار. واما الدلالة فهي في مقام نفي المسبوق مفروغاً عن جواز الاستنابة. والنفي محمول على الكراهة جمعا بينها وبين ما نص على الجواز.

و منها: رواية معاوية بن ميسرة: واليك نصها: (مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ: لَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ إِذَا أَحْدَثَ أَنْ يُقَدِّمَ- إِلَّا مَنْ أَدْرَكَ الْإِقَامَةَ.)[8] وهي مثل سابقتها سندا و دلالة.

ونتابع بحثنا في الروايات في يوم السبت انشاء الله.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo