< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

41/06/20

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /حكم إنكشاف الخلاف في الإمام المقتدى به للمكلف / صورتان في المسألة / كلام السيد الخوئي (ره)

كان بحثنا في في الفقرة الثانية من المسألة الثانية عشرة حيث كان المفروض فيها إذا نوى الاقتداء بشخص على أنّه زيد فبان أنّه عمرو و كان عمرو أيضاً عادلًا فقال السيد رضوان الله عليه: (في المسألة صورتان: إحداهما: أن يكون قصده الاقتداء بزيد و تخيّل أنّ الحاضر هو زيد و في هذه الصورة تبطل جماعته و صلاته أيضاً إن خالفت صلاة المنفرد. الثانية: أن يكون قصده الاقتداء بهذا الحاضر و لكن تخيّل أنّه زيد فبان أنّه عمرو، و في هذه الصورة الأقوى صحّة جماعته و صلاته . فالمناط ما قصده لا ما تخيّله من باب الاشتباه في التطبيق[1] ).

كان خلاصة ما استدل لهذه المقالة : ان في صورة الاولى كان اقتدائه مقيدا بكون المقتدى زيداً فلم يقصد الاقتداء بعمرو فلم تتحقق منه الجماعة فان لم يخالف وظيفة المنفرد فصلاته صحيحة والا تقع الصلاة ايضا باطلة لان ما وقع لم يقصد وما قصد لم يقع.

و الصورة الثانية: أن يكون قصده الاقتداء بهذا الحاضر و لكن تخيّل أنّه زيد فبان أنّه عمرو، و في هذه الصورة قال السيد (الأقوى صحّة جماعته و صلاته لان المناط ما قصده لا ما تخيّله من باب الاشتباه في التطبيق[2] ). و صحة الصلاة و جماعته في هذا الفرض لأنّه تم اقتدائه بالإمام الحاضر الذي هو عمرو تخيل انه زيد. فاقتدى بإمام عادل في صلاته و لو تخلف تخيله عن الواقع.

ان السيد الخوئي يرى استحالة تحقق الصورة الاولى ببيان نعرض عليكم خلاصته:

قال رضوان الله عليه: (أنّ الأفعال على ضربين:

أحدهما: الأفعال الإنشائية المتعلّقة بالأُمور الاعتبارية كالملكية و الزوجية و نحوهما. فتارة يتعلّق الاعتبار فيها بعنوان خارجي محقّق، لكنّه كان بداعٍ من الدواعي انكشف فيما بعد تخلّفه، و أنّ تلك الغاية الداعية إلى الفعل لم تكن مطابقة للواقع كما تزوج بنته من رجل زعم انه عالم ثري و خلوق، فاكتشف بعد العقد خلافه فالعقد يقع صحيحاً لازماً، لان تخلف الداعي لا يؤثر في صحة العقد و لا في لزومه ، و كما لو اشترى العبد المعيّن على أن يكون كاتباً فبان عدمه. ففي مثل ذلك لا موجب للبطلان بعد أن كان المقصود و ما تعلّق به الاعتبار و الإنشاء متحقّقاً في الخارج، و هو الزوج أو العبد الذي هو طرف لعلقة الزوجية أو الملكية. و لا أثر لتخلّف الوصف الداعي.اما اذا كانت تلك الصفات شرطا في متعلق العقد في ضمن العقد فتخلفها يوجب الخيار ولكن مثل الزوجية ليست قابلة للتعليق بشيء فلا يثبت الخيار فيها مطلقاً. و في مثل هذه الموارد ليس إنشاء العقد معلّقاً على ثبوت الوصف، و إنّما الالتزام بالعقد معلّقاً عليه و نتيجته هو الخيار عند التخلّف في المحلّ القابل. لان تعليق العقد باطل فلا يقال مثلا اشتريت هذا الرز ان كان رشتيا بل يقال اشبريته على ان يكون رشتياً. فالعقد غير مشروط وانما متعلق العقد مشروط. و أُخرى: يتعلّق الاعتبار بعنوان غير واقع خارجاً، كما لو باع هذا الكتاب مشيراً إليه بعنوان أنّه كتاب المكاسب فبان أنّه كتاب المطوّل، أو باعه القطعة الخاصّة على أنّها ذهب فبانت نحاساً، ففي مثل هذه الموارد يقع العقد باطلا، لانّ عنوان الذهب والمكاسب لم يكن موجودا فتعلقَ الامرُ بأمر غير موجود، فما قصد لم يقع و ما وقع لم يقصد.، فيرجع قوله: بعتك هذا الشي‌ء على أن يكون ذهباً، أو ... هذا الذهب. إلى قوله: إن كان هذا ذهباً فقد بعته. و عليه فمع عدم حصول المعلّق عليه لا إنشاءَ و لا قصدَ، فلا عقد، و نتيجته طبعاً هو البطلان. أمّا القسم الثاني: الأفعال التكوينية المتعلّقة بالأُمور الخارجية كالأكل و الضرب و القتل و نحو ذلك فحيث إنّ متعلّقها أُمور خارجية و هي أُمور جزئية و شخصية فلا يعقل في مثلها التعليق، إذ لا إطلاق ليقبل التقييد. فمن ضرب زيداً مثلًا باعتقاد كونه فاسقا، أو قتله بتخيّل كونه كافراً، أو شرب شيئاً بزعم كونه ماءً ثمّ انكشف الخلاف فقد تحقّق الفعل في جميع ذلك خارجاً، و تحقّقت العناوين، و كيف يمكن القول بأنّ الضرب الصادر في المثال معلّق على تقدير الفسق، و على تقدير العدالة لم يتحقّق ضرب منه أصلًا، و هو فعل تكويني و جزئي خارجي تعلّق بأمر جزئي خارجي مثله، و هذا الامر ساري في الأفعال القصدية ايضاً كالتعظيم و التحقير و نحوهما، فمن قام لزيد تعظيماً بتخيّل أنّه عالم، أو إهانة بتخيّل أنّه فاسق أو جاهل فبان الخلاف فقد تحقّق منه التعظيم بقصده أو الإهانة على كلّ حال، لا أنّ القصد قد تحقّق منه على تقدير دون آخر.

وفيما نحن فيه الائتمام فعل خارجي، عبارة عن متابعة الإمام في أفعاله بنية الاقتداء، و مثله غير قابل للتعليق و التقييد، و لا يكون التخلّف في مورده إلّا من باب التخلّف في الداعي. فالمتعيّن في مثل المقام الحكم بصحّة الجماعة، فضلًا عن صحّة أصل الصلاة حيث إنّه نوى الاقتداء بشخص صالح لذلك، غايته أنّه تخيّله زيداً العادل بحيث لو علم أنّه عمرو العادل لم يكن ليأتمّ به لغرض من الأغراض ولكنه اقتدى به فعلاً و على رغم عدم ميله فصلاته وجماعته صحيحة لاغبار عليها[3] ).

وهذا الكلام من السيد الخوئي متين ففي كلا الموردين التي كان الامام عادلا تحققت صلاة الجماعة صحيحة و لا وجه للتفصيل الذي ذكره المصنف.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo