< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

41/05/23

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كتاب الصلاة /صلاة الجماعة /إنعقاد الجماعة مع الصبي / كلام السيد الخويي / روايات المسألة

كان بحثنا في ان الصبي المميز هل يمكن ان يكون مكملا للاثنين لصحة تحقق صلاة الجماعة او لا؟

قلنا ان ما استدلوا عليه (بان الصبي مسلوب العبارة) فلا تصح عنه انشاء في المعاملات ولا فعل في العبادات و عمدتها حديث رفع القلم الذي سنده عامي ولكن عامة فقهائنا استندوا اليه في مختلف ابواب الفقه وتلقوه بالقبول، لا تدل على مرادهم بل هي في مقام رفع قلم المؤاخذة عند الله و رفع المعاقبة عنه في احكام الحقوقية الاسلامية من الديات و الحدود والقصاص، فلا تدل على عدم قبول عباداته ولو اتى بها بقلب خاشع و نية صادقة، بل هناك روايات تدل على صحة عباداته اذا اتى بها بصورة صحيحة جامعة لشروط الصحة وخالية عن موانعها.

ثم ان السيد الخوئي قال: (و أمّا إذا كان مأموماً فقد قوّى الماتن (قدس سره) الجواز، بناء على مشروعيّة عباداته. بل قيل بالجواز حتّى على كونها تمرينية، استناداً إلى رواية أبي البختري واليك نصها: (شيخ عن محمد بن احمد وَ عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ جَعْفَرٍ ع قَالَ إِنَّ عَلِيّاً ع قَالَ: الصَّبِيُّ عَنْ يَمِينِ الرَّجُلِ فِي الصَّلَاةِ- إِذَا ضَبَطَ الصَّفَّ جَمَاعَةٌ- وَ الْمَرِيضُ الْقَاعِدُ عَنْ يَمِينِ الصَّبِيِّ جَمَاعَةٌ[1] .

و رواية إبراهيم بن ميمون عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام): في الرجل يؤمّ النساء ليس معهنّ رجل في الفريضة؟ قال: نعم، و إن كان معه صبيّ فليقم إلى جانبه.[2]

ومراده ان القائل بينما يقول بعدم شرعية عبادة الصبي يستند الى الروايتين لإثبات تحقق الجماعة بالصبي تعبداً

ثم قال رضوان الله عليه بعد نقل الحديثين: (لكنهما لضعف سنديهما غير صالحتين للاستدلال بهما فلا دليل على الصحّة بحيث يترتّب على ذلك أحكام الجماعة من رجوع كلّ من الإمام أو المأموم إلى الآخر عند الشكّ و غيره، بناءً على التمرينية).

اقول: لا حاجة الى التمسك بالمانع من ضعف السند بل المشكلة في المقتضي فانهما لا تدلان على كفاية الصبي لإكمال الاثنين لصحة الجماعة لانه ليس الفرض فيهما حصر المأموم في الصبي كي يكون مكملا للعدد بل انما يبين مكان الصبي في الجماعة بالنسبة الى الامام و في الثانية المفروض وجود النساء فيها فلا يدلان على مورد البحث في شيءٍ.

ثم قال: (نعم، بناء على الشرعية كما هو الصحيح فالأقوى هو الجواز، تمسكاً بإطلاق قوله (عليه السلام): صلّ خلف من تثق بدينه. حيث لا قصور في شموله للصبيّ المميّز، فإنّه إذا وثق الصبيّ بدين الإمام شمله الإطلاق و انعقدت الجماعة، سواء كان معه غيره أم لم يكن، عملًا بالإطلاقً).

و ملخّص القول: أنّ اقتداء الصبيّ بالرجل لا يحقّق الجماعة بناء على التمرينية، لأصالة عدم المشروعيّة بعد عدم الدليل عليها. و أمّا على الشرعية فيشمله إطلاق قوله (عليه السلام): صلّ خلف من تثق بدينه. و بذلك يحكم عليه بالصحّة كما مرّ)[3] .

اقول: لا منافات بين القول بصحة عبادات الصبي وكونها تمرينية. فان الاولياء امروا بأمر الصبي بإتيان الصلاة بجميع حدودها ومنها النية لان يتمرنوا على اتيان الصلاة ويستأ نسوا بها فالصبي المميز يصلي لله قبل بلوغه كي يتعود بها فنقول بتمرينية صلاته وهي صحيحة مقبوله.

واما تمسكه بإطلاق حديث: "صل خلف من تثق بدينه" فلا حاجة اليها مع الروايات الكثيرة الآمرة بأخذ الصبيان بالصلاة فهي تدل على صحة صلاتهم اذا قاموا بها بشروطها واليك بعض تلك النصوص:

منها صحيحة معارية بن وهب :(مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع فِي كَمْ يُؤْخَذُ الصَّبِيُّ بِالصَّلَاةِ- فَقَالَ فِيمَا بَيْنَ سَبْعِ سِنِينَ وَ سِتِّ سِنِينَ[4] " الْحَدِيثَ.

في السند عباس بن معروف قد وثقه النجاشي بقوله: (قمي ثقة صحيح) فالسند لا بأس به.

والاخذ بالصلاة هو بالميسور منها فان كان هو الجامع فهو.

وَمنها صحيحة محمد بن مسلم: (وعَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ صَفْوَانَ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا ع فِي الصَّبِيِّ مَتَى يُصَلِّي‌؟ فَقَالَ إِذَا عَقَلَ الصَّلَاةَ- قُلْتُ مَتَى يَعْقِلُ الصَّلَاةَ وَ تَجِبُ عَلَيْهِ قَالَ لِسِتِّ سِنِينَ[5] . فالمفروض فيها تعقل الصلاة في ست سنين حيث ان الصبي يعرف ربه و يعرف معنى الصلاة لربه.

ومنها موثقة عمار: (وَبِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِذَا أَتَى عَلَى الصَّبِيِّ سِتُّ سِنِينَ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ- وَ إِذَا أَطَاقَ الصَّوْمَ وَجَبَ عَلَيْهِ الصِّيَامُ[6] . في السند اسحاق بن عمار واقفي ثقة. الصلاة والصوم استعمل في معناهما الصحيح و المراد بالوجوب الايجاب من قبل والدين لان هناك نصوص تدل عدم وجوب العبادات قبي البلوغ.

ومنها رواية عبد الله بن فضالة: (وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَوْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي حَدِيثٍ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: يُتْرَكُ الْغُلَامُ حَتَّى يَتِمَّ لَهُ سَبْعُ سِنِينَ- فَإِذَا تَمَّ لَهُ سَبْعُ سِنِينَ قِيلَ لَهُ- اغْسِلْ وَجْهَكَ وَ كَفَّيْكَ فَإِذَا غَسَلَهُمَا- قِيلَ لَهُ صَلِّ ثُمَّ يُتْرَكُ حَتَّى يَتِمَّ لَهُ تِسْعُ سِنِينَ- فَإِذَا تَمَّتْ لَهُ عُلِّمَ الْوُضُوءَ وَ ضُرِبَ عَلَيْهِ- وَ أُمِرَ بِالصَّلَاةِ وَ ضُرِبَ عَلَيْهَا- فَإِذَا تَعَلَّمَ الْوُضُوءَ وَ الصَّلَاةَ- غَفَرَ اللَّهُ لِوَالِدَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ[7] . عبد الله بن فضالة لم يوثق و لكن الدلالة كسابقتها.

مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ أَوْلَادَ الْمُسْلِمِينَ مَوْسُومُونَ عِنْدَ اللَّهِ- شَافِعٌ وَ مُشَفَّعٌ فَإِذَا بَلَغُوا اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً كُتِبَتْ لَهُمُ الْحَسَنَاتُ- فَإِذَا بَلَغُوا الْحُلُمَ كُتِبَتْ عَلَيْهِمُ السَّيِّئَاتُ.[8]

في السند طلحة بن زيد قال الشيخ فيه: (هو عامي الا ان كتابه معتمد)

وَ بِإِسْنَادِهِ (صدوق)عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: تَجُوزُ صَدَقَةُ الْغُلَامِ وَ عِتْقُهُ- وَ يَؤُمُّ النَّاسَ إِذَا كَانَ لَهُ عَشْرُ سِنِينَ[9] .

و رواية ابراهيم بن ميمون المذكورة في مفتتح بحثنا.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo