< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

41/05/22

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كتاب الصلاة /صلاة الجماعة /أقل عدد تنعقد به الجماعة / حكم كا إذا كان الصبي منهم

كان بحثنا في المسألة الثامنة حيث قال السيد رضوان الله عليه: ((مسألة 8: أقلّ عدد تنعقد به الجماعة في غير الجمعة و العيدين اثنان أحدهما الإمام سواء كان المأموم رجلًا أو امرأة بل و صبيّاً مميّزاً على الأقوى و أمّا في الجمعة و العيدين فلا تنعقد إلّا بخمسة أحدهم الإمام)[1] . وانتهينا من كفاية اثنين في انعقاد الجماعة بهما سواء كان المأموم رجلا او امرأة و اليوم كلامنا في قوله: (بل وصبيا مميزا على الاقوى)

الرأي في هذه المسألة مترتب على موقفنا من عبادات الصبي هل هي صحيحة او لا؟ فمن الفقهاء من يقول بعدم شرعية عبادات الصبي و عدم صحتها مستندا الى حديث "رفع القلم"، و حديث "عمد الصبي وخطأه واحد" و امثال ذلك من النصوص، حتى قالوا: (ان الصبي مسلوب العبارة) و ذهبوا الى ان لا اثر لإنشاءاته و قد شبهوه بسائر الحيوانات التي لا مدلول لأصواتها. وفي باب العبادات ايضا ذهبوا الى ان عباداته ليست بصحيحة وانما هي مجرد حركات والفاظ تمرينيّة في صورة العبادة والمستند لمثل هذه الآراء مقاطع من بعض الروايات التي ظاهرها ذلك نذكر لكم نماذج منها:

ان المحقق الحلّى، جمال الدين، احمد بن محمد اسدى في كتابه -المهذب البارع في شرح مختصر النافع - عند الإستدلال على عدم قبول شهادة الصبي‌: قال: (الأول) قوله عليه السلام: "رفع القلم عن الصبي حتى يبلغ، و عن المجنون حتى يفيق، و عن النائم حتى ينتبه" و في رفع القلم عنه دلالة على ان لا عبرة بأفعاله و أقواله[2] ).

وهذا هو حديث المعروف برفع القلم المذكور في صحاح و مستندات العامة ولم يرد في احاديثنا بهذا التعبير ولكن فقهائنا رضوان الله عليهم تلقوه بالقبول واستندوا عليه في ابواب مختلفة في الفقه من العبادات و المعاملات. و قد ورد هذا الحديث في كتب العامة بعبارات متقاربة، اليك نماذج منها:

قوله صلّى اللّه عليه و آله: «رفع القلم عن الصبي حتى يبلغ و عن المجنون حتى يفيق".

وكذلك: قوله عليه السلام: "رفع القلم عن الصبي حتى يبلغ، و عن المجنون حتى يفيق، و عن النائم حتى ينتبه" وما الى ذلك وقد ورد الحديث في جل الصحاح والمسانيد لأهل العامة.

فعلينا ان نشخص المراد من رفع القلم فان كان المراد من رفع القلم في مطلق الافعال اي لا يكتب لها ولا عليها شيءٌ فيفيد عدم صحة اعمال الصبي و عدم نفوذ إنشاءاته، ولكن ان قلنا ان المراد من رفع القلم يعني رفع قلم التكليف والمؤاخذة فلا ينافي صحة عباداتهم و مقبوليتها.

والحق عند ما نراجع الى تلك النصوص نرى انها وردت في بيان رفع قلم المآخذة، فهي صادرة اما لبيان الامتنان و لا امتنان على الصبي اذا لم يقبل عباداته، و إمّا واردة لرعاية التوثيق والدقة في المعاملات وحفظ سلامة المعاملات بين الناس كما نرى ان الاسلام لم يعط للطفل ولاية على امواله وقال: ﴿وَ لاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَ ارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَ اكْسُوهُمْ وَ قُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً﴿5﴾وَ ابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَ لاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَ بِدَاراً أَنْ يَكْبَرُوا وَ مَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَ مَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَ كَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً"﴾[3] .

فهذه الآيات تلقي نظرة شاملة للاقتصاد فعبر عن مال السفيه وهو الذي لا تدبير له في المعاش سواء كان لضعف في عقله او لصغر سنه بأموالكم وهي التي بها قوام المجتمعات البشرية و لذلك نهى عن تسليط السفيه والاولاد على الاموال ولو كانت ملك لهما حتى وصل الى حد الرشد الذي يأهله للعمليات الاقتصادية اما في العبادات لا وجه للقول بعدم صحة عبادة الاطفال قبل بلوغهم الحلم.واذا تأملنا في رواياتنا نستكشف منها بوضوح ان القلم المرفوع هو قلم المؤاخذة واليكم إطلالة الى نماذج منها:

بِإِسْنَادِهِ -اي الشيخ- عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى الْخَشَّابِ عَنْ غِيَاثِ بْنِ كَلُّوبٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيّاً ع كَانَ يَقُولُ عَمْدُ الصِّبْيَانِ خَطَأٌ (يُحْمَلُ عَلَى) الْعَاقِلَةِ.[4]

السند موثقة لان اسحاق بن عمار كان واقفياً ولكنها حجة.

ولكن دلالتها على المراد واضحة لانها ترفع تحمل الخسارة عن صبي ارتكب ما يترتب عليه تحمل خسارة مالية و تحملها الى العاقلة التي عليها دية جنايات صدر عن المكلف قهرا و من دون قصد و تعمد.

كذلك ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ كَتَبَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع- يَسْأَلُهُ عَنْ رَجُلٍ مَجْنُونٍ قَتَلَ رَجُلًا عَمْداً- فَجَعَلَ الدِّيَةَ عَلَى قَوْمِهِ وَ جَعَلَ خَطَأَهُ وَ عَمْدَهُ سَوَاءً. وَ رَوَاهُ الشَّيْخُ بِإِسْنَادِهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ.[5]

ففي هذه الرواية ايضاً جعل استواء العمد والخطاء في وضع الدية على قومه لا نفي العبادات عنه.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo