< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

41/05/01

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كتاب الصلاة /صلاة الجماعة /كلام الفقهاء حول الإختلاف بين صلاة الإمام والماموم

قد فرغنا في الجلسة السابقة عن المسألة الثانية في صلاة الجماعة واليوم ندخل في مسألة جديدة.

قال المصنف رضوان الله عليه: (مسألة 3): (يجوز الاقتداء في كلّ من الصلوات اليوميّة بمن يصلّي الأُخرى أيّاً منها كانت، و إن اختلفا في الجهر و الإخفات، و الأداء و القضاء و القصر و التمام، بل و الوجوب و الندب، فيجوز اقتداء مصلّي الصبح أو المغرب أو العشاء بمصلّي الظهر أو العصر، و كذا العكس و يجوز اقتداء المؤدّي بالقاضي و العكس، و المسافر بالحاضر و العكس، و المعيد صلاته بمن لم يصلّ و العكس و الذي يعيد صلاته احتياطاً استحبابيّاً أو وجوبيّاً بمن يصلّي وجوباً، نعم يشكل اقتداء من يصلّي وجوباً بمن يعيد احتياطاً و لو كان وجوبيّاً، بل يشكل اقتداء المحتاط بالمحتاط إلّا إذا كان احتياطهما من جهة واحدة)[1] .

فروع المسألة

ان السيد اليزدي ذكر كبرى ثم استنتج صغريات عن الكبرى، كل واحدة منها فرع فقهي، فالكبرى هي قوله: (يجوز الاقتداء في كلّ من الصلوات اليوميّة بمن يصلّي الأُخرى أيّاً منها كانت)[2]

احدها: لذا اختلفا في الجهر و الإخفات، مثاله: اقتداء مصلّي الصبح أو المغرب أو العشاء بمصلّي الظهر أو العصر، و كذا العكس.

ثانيها: اقتداء المؤدّي بالقاضي و العكس.

ثالثها: المسافر بالحاضر و العكس.

رابعها: المعيد صلاته بمن لم يصلّ و العكس.

خامسها: الذي يعيد صلاته احتياطاً استحبابيّاً أو وجوبيّاً بمن يصلّي وجوباً بلا عكس. فيشكل اقتداء من يصلّي وجوباً بمن يعيد احتياطاً و لو كان وجوبيّاً، بل يشكل اقتداء المحتاط بالمحتاط إلّا إذا كان احتياطهما من جهة واحدة.

لتنقيح البحث لابد ان نرى ان الاصل عند الشك هو صحة الجماعة او عدم صحتها فنقول:

اولاً: الروايات المحرضة للمشاركة في الجماعة ظاهرها اقامة الصلاة الحاضرة في اوقاتها بالصلاة الحاضرة فما زاد عن ذلك يحتاج الى دليل.

ثانياً: وقد استدل البعض على ذلك هو ان اطلاق حديث: "لا صلاة الا بفاتحة الكتاب" يفيدنا انه لا تصح الصلاة الا بها، فالمتيقن من سقوط الفاتحة هو اقتداء اليومية بمثلها في الجماعة، فما شك فيه يبنى على البطلان من دون فاتحة الكتاب ففي موارد الشك لابد من الحكم بلزوم الفرادى.

الظاهر ان كبرى التي ذكرها المصنف هي المتفق عليه عند الشيعة و نطقت به رواياتهم انما الشهيد نسب الى الصدوق عدم جواز اقتداء مصلي العصر بصلاة الظهر فقال:

(الرابعة عشرة [حكم ما لو اقتدى من يصلّي الظهر بمن يصلي العصر و بالعكس]قال الصدوق رحمه اللّٰه: لو اقتدى من يصلّي الظهر بمن يصلّي العصر جاز، و لا يصلّي العصر خلف من يصلي الظهر إلّا ان يتوهمها العصر، ثم يعلم انها كانت الظهر فتجزئ عنه. و لا نعلم مأخذه، إلا أن يكون نظرا إلى أنّ العصر لا تصحّ إلا بعد الظهر، فإذا صلاها خلف من يصلي الظهر فكأنّه قد صلى العصر مع الظهر مع أنّها بعدها. و هو خيال ضعيف، لأنّ عصر المصلي مترتبة على ظهر نفسه، لا على ظهر إمامه)[3] .

الوجه المذكور في هذه المسألة واضح البطلان و نسبته الى الصدوق بعيد و لعل الخطاء كان من الشهيد فان الصدوق قال في مجلد الاول من الفقيه: (مَنْ دَخَلَ مَعَ قَوْمٍ فِي الصَّلَاةِ وَ هُوَ يَرَى أَنَّهَا الْأُولَى وَ كَانَتِ الْعَصْرَ فَلْيَجْعَلْهَا الْأُولَى وَ يُصَلِّي الْعَصْرَ مِنْ بَعْدُ)[4]

فلا دلالة في هذا الكلام على عدم جواز اقتداء بالعصر بمن يصلي الظهر، حتى نتعب انفسنا لتبرير كلامه بكلام غير مبرور.

و ذكر السيد الخوئي وجها آخر لتبرير ما نسب الى الصدوق فقال: (و ربما يتخيّل أنّ نظره (قدس سره) في ذلك إلى صحيحة علي بن جعفر: وَ بِإِسْنَادِهِ(الشيخ) عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّهُ سَأَلَ أَخَاهُ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ ع عَنْ إِمَامٍ- كَانَ فِي الظُّهْرِ فَقَامَتِ امْرَأَةٌ بِحِيَالِهِ تُصَلِّي مَعَهُ- وَ هِيَ تَحْسَبُ أَنَّهَا الْعَصْرُ- هَلْ يُفْسِدُ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْمِ- وَ مَا حَالُ الْمَرْأَةِ فِي صَلَاتِهَا مَعَهُمْ- وَ قَدْ كَانَتْ صَلَّتِ الظُّهْرَ- قَالَ لَا يُفْسِدُ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْمِ وَ تُعِيدُ الْمَرْأَةُ صَلَاتَهَا")[5]

ثم ان سماحته بعد ذكر هذا الحديث قال: (و لكنّها كما ترى، فانّ مفادها عكس ما هو المنسوب إليه، لدلالتها على البطلان في المورد الذي حكم فيه بالصحة استثناءً)[6] .

ولكن الانصاف ان مفادها ليس عكس ما هو منسوب اليه. فان المنسوب اليه بطلان اقتداء العصر بالظهر عمدا ولا يضر اذا توهمها العصر، ومفاد هذا الحديث بطلان صلاتها حتى اذا توهمها العصر فيفيد بالأولى بطلان الصلاة اذا علمها انها الظهر.

ولكن لا يمكن الاخذ بهذا المعنى لانه خلاف اجماع الشيعة مضافا الى انها يحتمل معاني اخرى واذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال كما ان صاحب الوسائل بعد نقل الصحيحة قال:

(أَقُولُ: يُمْكِنُ كَوْنُ الْمَانِعِ هُنَا مُحَاذَاتَهَا لِلرِّجَالِ وَ تَكُونَ الْإِعَادَةُ مُسْتَحَبَّةً لِمَا مَرَّ فِي مَكَانِ الْمُصَلِّي أَوْ ظَنَّهَا أَنَّهَا الْعَصْرُ فَتَكُونُ نَوَتِ الصَّلَاةَ الَّتِي نَوَاهَا الْإِمَامُ، عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ مُوَافِقٌ لِلتَّقِيَّةِ بَلْ لِأَشْهَرِ مَذَاهِبِ الْعَامَّةِ)[7] . ونعم ما قال صاحب الوسائل.

ولكن الذي يسهل الخطب هو توفر نصوص التي تفيدنا صحة الجماعة في الفرائض مطلقا، وسوف نذكرها بالتفصيل.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo