< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

41/04/26

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كتاب الصلاة /صلاة الجماعة /دلالة أخبار من بلغ علي مشروعية الجماعة في النوافل

 

في اليوم الماضي بحثنا حول قاعدة التسامح في ادلة السنن معتمدا على احاديث من بلغ وقلنا هناك احتمالات في مفاد حديث من بلغ،

احدها: ان مفادها حجية اخبار الضعاف في السنن كما ان الصحاح والموثقات حجة في الاحكام الالزامية. على هذا المبنى يجوز الفتوى باستحباب الجماعة في صلاة الغدير لو تم دلالتها على ان رسول الله صلى الله عليه واله صلى باُمّته في واقعة الغدير. فيصير رواية المفيد مخصصة للروايات التي نهت عن الجماعة في النوافل فنقول تحرم الجماعة في النافلة الا صلاة يوم الغدير.

الاحتمال الثاني: ان مفاد احاديث من بلغ ان ما ثبت استحبابه بحجة شرعية ثم بلغ الى المكلف شيء من الاجر والثواب له، فالله تعالى يعطيه ذاك الاجر والثواب البالغ اليه. فهذا الوجه يفيد التسامح في ادلة مخبرة عن الاجر والثواب دون نفس الحكم.

الاحتمال الثالث: ان نقول ان المراد من بلغه البلوغ بحجة شرعية كالبينة لو خبر العدل والثقة او التواتر او الاستفاضة المفيدة للاطمئنان فيفيد ان لا فرق بين الاحكام الالزامية و غير الالزامية فلا يفيد من التسامح شيئا.

الاحتمال الرابع: ان هذه الروايات ليست في مقام التشريع وانما تشير الى ما يوافق العقل بان من بلغه ثواب على عمل ولو كان الخبر ضعيفا فهو لاحتمال مطلوبية العمل عند المولى يقوم به فالله يتفضل عليه بالأجر ولو كان هذا الخبر غير صادق فلا يفيد التسامح في ادلة بل يفيد حسن الاندفاع من الاحتمال ولو لم يكن منجزا سواء في الاحكام الالزامية او غير الالزامية دال على حسن الانقياد للعبد امام ربه، كما ان اي عبد في مقابل مولاه او موظف في مقابل مسؤوله اذا احتمل ميل المولى او المسؤول الى عمل من عبده او مسؤوله فأتى به رجاء فهو ممدوح عند العقلاء الا اذا احتمل ايضا كراهة المولى او المسؤول لهذا الفعل لتعارض احتمال الميل والكراهة عندئذ.

ان السيد الخوئي رضوان الله عليه بعد ما ذكر قول القائل بالتسامح في ادلة السنن قال:

(إذا بنينا كما هو الصحيح تبعاً لصاحب الجواهر (قدس سره) على أنّ الظاهر من الأخبار المذكورة أو منصرفها هو بلوغ الثواب فقط، دون ما إذا انضمّ إليه بلوغ عدم الثواب أيضاً، و لا سيما إذا كان دليل العدم معتبراً كانصرافها قطعاً عمّا إذا كان قد بلغ كلّ من الثواب و العقاب معاً، فعلى هذا لا مجال للاستناد إلى القاعدة في المقام، فإنّه كما بلغ الثواب على ذلك بمقتضى المرسلتين فقد بلغ عدمه أيضاً بموجب النصوص المعتبرة النافية لمشروعية الجماعة في النافلة مطلقاً كما سبق)[1] .

في هذا البيان كبراه مقبول لا بأس به، فانه اذا ورد خبر على اثبات الثواب لعمل و ورد ايضا خبر على نفي الثواب عن نفس العمل فيتعارضان وليس الفعل ولا الترك دليل على انقياده لمولاه و لكن ما نحن فيه ليس صغرى لهذه الكبرى لتفارق الموضوع بالأعم والاخص المطلق فموضوع ادلة النهي هو مطلق النافلة و موضوع مرسلة مفيد خصوص صلاة الغدير ولا تعارض بين الاخص والأعم فالأخص يخصص الأعم من دون تعارض.

بعد بيان الاقوال في قاعدة التسامح ككبرى نقول ان احاديث من بلغ ظاهرها موافق للقول الرابع الذي ذكرنا اي انها تبين فضل الله على من ينقاد حتى لمجرد الاحتمال

ففي صحيحة صفوان: " مَنْ بَلَغَهُ شَيْ‌ءٌ مِنَ الثَّوَابِ عَلَى (شَيْ‌ءٍ مِنَ الْخَيْرِ) فَعَمِلَهُ- كَانَ لَهُ أَجْرُ ذَلِكَ (وَ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَمْ يَقُلْهُ")[2]

وفي صحيحة هِشَامِ بْنِ سَالِمَ: "مَنْ بَلَغَهُ- عَنِ النَّبِيِّ ص شَيْ‌ءٌ مِنَ الثَّوَابِ فَعَمِلَهُ- كَانَ أَجْرُ ذَلِكَ لَهُ وَ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَمْ يَقُلْهُ")[3]

وفي صحيحة هشام الثانية: قَالَ: مَنْ سَمِعَ شَيْئاً مِنَ الثَّوَابِ عَلَى شَيْ‌ءٍ فَصَنَعَهُ كَانَ لَهُ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى مَا بَلَغَهُ)[4]

و في رواية محمد بن مروان: " : مَنْ بَلَغَهُ عَنِ النَّبِيِّ ص شَيْ‌ءٌ مِنَ الثَّوَابِ- فَفَعَلَ ذَلِكَ طَلَبَ قَوْلِ النَّبِيِّ ص كَانَ لَهُ ذَلِكَ الثَّوَابُ- وَ إِنْ كَانَ النَّبِيُّ ص لَمْ يَقُلْهُ")[5] .

وفي رواية مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ الثانية: قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع يَقُولُ: "مَنْ بَلَغَهُ ثَوَابٌ مِنَ اللَّهِ عَلَى عَمَلٍ- فَعَمِلَ ذَلِكَ الْعَمَلَ الْتِمَاسَ ذَلِكَ الثَّوَابِ أُوتِيَهُ- وَ إِنْ لَمْ يَكُنِ الْحَدِيثُ كَمَا بَلَغَهُ")[6] .

فسياق كل الاحاديث التشجيع على الاندفاع للعمل بمجرد البلوغ و لا يختص بالسنن بل يشمل كل بلوغ في مواضيع صالحة . فليس معناه جواز الفتوى بمجرد بلوغ خبر وانما يجوز العمل به اذا هو من الاعمال الصالحة التي لم يرد عليه نهي.

ففيما نحن فيه اولاً: نقول ان في خبر المفيد لا دلالة على الجماعة في صلاة الغدير.

ثانياً: وان تنزلنا و استسلمنا للدلالة فنقول ان روايات من بلغ لم تجعل روايات الضعاف في السنن بمنزلة الصحاح في الاحكام الالزامية حتى امكن تخصيص الروايات المطلقة التي منعت عن اقامة النوافل في الجماعة، بالنسبة الى صلاة الغدير.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo