< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

41/04/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كتاب الصلاة /صلاة الجماعة / المناقشة أدلة مشروعية صلاة الجماعة في النوافل/ أخبار من بلغ

كان بحثنا في الادلة التي استندوا بها لجواز اقامة صلاة الغدير جماعة فذكرنا مرسلة صلاح الدين الحلبي والمفيد فقلنا ان ما ذكره الحلبي ليس نقلا للرواية وانما هو رأيه واستنباطه عن الرواية و انما مقالة المفيد قصة قصها فهي رواية ولكن مضافا على كونها مرسلة لا تدل علي اقامة صلاة الغدير بالجماعة فالصلاة جامعة بمعنى الدعوة عامة، ولا علاقة لها بصلاة الجماعة بل قوله فصلى ركعتين ثم ارتقى المنبر فهو ظاهر في فعل رسول الله صلى الله عليه واله منفردا.

ثم ان أبَيْتَ إلّا والقول بان هذه المرسلة ناطقة بإمامة رسول الله في صلاة الغدير وحل مشكلة ارسال السند بقاعدة التسامح في ادلة السنن بمعني ان في باب السنن يكفينا ورود رواية ولو مرسلة او بسند ضعيف لأنْ نفتي بالاستحباب.

أقول: نحن نود بهذه المناسبة ننتهز الفرصة للبحث في قاعدة التسامح ولو مختصرا فنقول:

ان الاصل في قاعدة التسامح هو احاديث من بلغ وهي روايات جمعها صاحب الوسائل في باب الثامن عشر من مقدمات العبادات ونمر على نصوصها:

1- مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَابَوَيْهِ فِي كِتَابِ ثَوَابِ الْأَعْمَالِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ هِشَامٍ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ بَلَغَهُ شَيْ‌ءٌ مِنَ الثَّوَابِ عَلَى (شَيْ‌ءٍ مِنَ الْخَيْرِ) فَعَمِلَهُ- كَانَ لَهُ أَجْرُ ذَلِكَ (وَ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَمْ يَقُلْهُ)[1] في السند علي بن موسى وهو كميداني وهو من عدة الكليني، واحمد بن محمد هو بن عيسى، وعلي بن حكم قال فيه (الشيخ ثقة جليل القدر) و هشام هو بن حكم و صفوان هو بن مهران الجمال فكلهم من الاجلاء. فالسند صحيح لا بأس به.

2- أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيُّ فِي الْمَحَاسِنِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ بَلَغَهُ- عَنِ النَّبِيِّ ص شَيْ‌ءٌ مِنَ الثَّوَابِ فَعَمِلَهُ- كَانَ أَجْرُ ذَلِكَ لَهُ وَ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَمْ يَقُلْهُ)[2] .

3- وَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ بَلَغَهُ عَنِ النَّبِيِّ ص شَيْ‌ءٌ مِنَ الثَّوَابِ- فَفَعَلَ ذَلِكَ طَلَبَ قَوْلِ النَّبِيِّ ص كَانَ لَهُ ذَلِكَ الثَّوَابُ- وَ إِنْ كَانَ النَّبِيُّ ص لَمْ يَقُلْهُ.)[3] في السند احمد بن النضر هو الخراز أبو الحسن الجعفي مولى كوفي وثقه النجاشي . و اما محمد بن مروان فهو مشترك بين الثقة وغيرها فلا يتم الحجية في الحديث.

4- وَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاسَانِيِّ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ الْجَعْفَرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ وَعَدَهُ اللَّهُ عَلَى عَمَلٍ ثَوَاباً فَهُوَ مُنْجِزُهُ لَهُ- وَ مَنْ أَوْعَدَهُ عَلَى عَمَلٍ عِقَاباً فَهُوَ فِيهِ بِالْخِيَارِ)[4] . في السند علي بن محمد القاساني قال فيه النجاشي (ابن شيره ابو الحسين كان فقيها مكثرا من الحديث فاضلا غمز عليه احمد بن محمد بن عيسى و ذكر انه سمع منه مذاهب منكرة وليس في كتبه ما يدل على ذلك الخ) وقال فيه الكشي (ضعيف اصفهاني من ولد زياد مولى عبد الله بن عباس الخ) فالنجاشي ولو لم يصرح بقدحه ولكن الكشي صرح بضعفه و اما عبد الله بن قاسم الجعفري فبهذا اللقب لم يرد في الرجال والظاهر اما هو حارثي واما حضرمي و كلاهما غال ضعيف و كذاب فالسند ساقط بالجهالة والضعف.

5- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي‌ عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ سَمِعَ شَيْئاً مِنَ الثَّوَابِ عَلَى شَيْ‌ءٍ فَصَنَعَهُ كَانَ لَهُ- وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى مَا بَلَغَهُ")[5] السند صحيح لا ريب فيه

6- وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عِمْرَانَ الزَّعْفَرَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع يَقُولُ: "مَنْ بَلَغَهُ ثَوَابٌ مِنَ اللَّهِ عَلَى عَمَلٍ- فَعَمِلَ ذَلِكَ الْعَمَلَ الْتِمَاسَ ذَلِكَ الثَّوَابِ أُوتِيَهُ- وَ إِنْ لَمْ يَكُنِ الْحَدِيثُ كَمَا بَلَغَهُ")[6] . السند ضعيف بمحمد بن سنان وعمران الزعفراني فلم يرد له توثيق وانما ورد فيه رجعوا الى امير المؤمنين و قُبِل توبتُهم، و محمد بن مروان مشترك بين الثقة والضعيف، فلا يعتمد على الحديث.

7- أَحْمَدُ بْنُ فَهْدٍ فِي عُدَّةِ الدَّاعِي قَالَ رَوَى الصَّدُوقُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ بِطُرُقِهِ إِلَى الْأَئِمَّةِ ع أَنَّ مَنْ بَلَغَهُ شَيْ‌ءٌ مِنَ الْخَيْرِ فَعَمِلَ بِهِ- كَانَ لَهُ مِنَ الثَّوَابِ مَا بَلَغَهُ- وَ إِنْ لَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ كَمَا نُقِلَ إِلَيْهِ")[7] .

8- عَلِيُّ بْنُ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ طَاووُسٍ فِي كِتَابِ الْإِقْبَالِ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ: مَنْ بَلَغَهُ شَيْ‌ءٌ مِنَ الْخَيْرِ فَعَمِلَ بِهِ- كَانَ لَهُ [أَجْرُ] ذَلِكَ وَ إِنْ (لَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ كَمَا بَلَغَهُ)[8]

في هذه الروايات الاولى منها والثانية والخامسة اسنادها صحيحة والباقي ضعاف ولكنها مؤيدة للصحاح

ثم في فقاهة احاديث من بلغ ذكر وجوه:

الاول: ان نقول ان مفادها ان مجرد بلوغ الثواب على عمل ولو كان بطرق ضعيفة تكفي للفتوى بالاستحباب، وشأن الضعاف في الاحكام غير الالزامية شأن احاديث الثقات والصحاح في الاحكام الالزامية ففي الاحكام الالزامية لا يجوز استناد الحكم الى الشارع الا اذا وصلت الينا ادلة متوفرة فيها شروط الحجية من خبر آحاد من الثقات والعدول او التواتر او الاستفاضة التي توجب الاطمئنان عادة.

الثاني: ان نقول بان احاديث من بلغ تخبرنا عن مبلغ الاجر الذي وصل الينا للعمل بعد ما ثبت استحباب العمل بعلم او علمي ولا علاقة لها بإثبات نفس الحكم او نفيه وهذا اعم من الواجبات والمستحبات. فليست تلك الاخبار في مقام طريق الإثبات الشرعي لحكم من الاحكام.

الثالث: المراد من البلوغ هو البلوغ الشرعي اي ما هو حجة شرعية لإثبات جميع الاحكام فاذا وصلت الحجة على شيء فالله تعالى يقبل من عباده و يأجرهم على عملهم وان صادف خلاف الواقع.

الرابع: ان يكون مفاد احاديث من بلغ، انّ من بلغه ثواب على عمل اي بلغه استحباب شيء ولو لم تتم عليه الحجة ولكنه اندفع لاحتمال المحبوبيّة عند الله فالله تعالى بفضله ومنه يعطيه الاجر الموعود، فلا يصبح هذا الامر مستحباً ولا ينقلب حكماً عما كان في واقعه وانما يستفيد المنبعث بمجرد الاحتمال أجرة المنقادين.

فان قلنا ان احاديث من بلغ تفيد حجية اخبار الضعاف في الاحكام غير الالزامية ففي ما نحن فيه خبر المفيد رضوان الله عليه مخصص للأخبار التي نهت عن اقامة النوافل جماعة.

اما اذا اخترنا الوجوه الاخرى فلا يمكن لنا القول باستحباب الجماعة في صلاة الغدير لان ما نحن فيه يكون من الامر المردد بين الحرام والمستحب فاحدهما الزامي والآخر استحبابي فيقدم الالزامي اولاً لقوة ادلتها رواية و فتوى ثانياً: ترك المستحب لا يستتبع العقاب و لا العتاب ولكن فعل الحرام يستتبعهما فيقدم تركه على فعل المستحب.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo