< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

41/04/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: کتاب الصلاة /صلاة الجماعة /عدم المشروعية في النوافل/ مناقشة كلام صاحب المدارك في الجواز

كان كلامنا حول استدلال صاحب المدارك بأربعة من الصحاح على جواز الجماعة في النافلة

اولاها صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد اللّٰه، عن أبي عبد اللّٰه عليه السلام أنه قال له: «صل بأهلك في رمضان الفريضة و النافلة فإني أفعله»[1] وجه الاستدلال ان الامام عليه السلام يأمره ان يؤم بأهله في الفريضة والنافلة في شهر رمضان و يخبره عن عمل بما أمر.

يرد عليه (صل بأهلك) يتحمل معنيين: ان يؤمهم في الصلاة فيفيد ما اراده صاحب المدارك و يحتمل ان يكون الباء للمعية اي صل مع اهلك بالبيت ولا تذهب الى المسجد رعاية لجانبهم لانهم جائعين و يحبون ان يفطروا مع ابيهم و قيمهم. فنقول المتعين هو المعنى الثاني لما نعرف بعدم جواز الجماعة في نافلة رمضان، وان ابيت عن قبول هذا المعنى فيبقى المعني مرددا بين امرين و مجرد احتمل المعية يسقط الدليل عن الحجية فإذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال.

والصحيحة الثانية لهشام بن سالم حيث ورد فيها: "أنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْمَرْأَةِ هَلْ تَؤُمُّ النِّسَاءَ- قَالَ تَؤُمُّهُنَّ فِي النَّافِلَةِ- فَأَمَّا فِي الْمَكْتُوبَةِ فَلَا الحديث[2] "

ومثله صحيحة الثالثة للحلبي حيث ورد فيها: عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: "تَؤُمُّ الْمَرْأَةُ النِّسَاءَ فِي الصَّلَاةِ- وَ تَقُومُ وَسَطاً مِنْهُنَّ وَ يَقُمْنَ عَنْ يَمِينِهَا وَ شِمَالِهَا- تَؤُمُّهُنَّ فِي النَّافِلَةِ وَ لَا تَؤُمُّهُنَّ فِي الْمَكْتُوبَةِ)[3]

و كذلك صحيحة سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ حيث قال: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْمَرْأَةِ تَؤُمُّ النِّسَاءَ- فَقَالَ إِذَا كُنَّ جَمِيعاً أَمَّتْهُنَّ فِي النَّافِلَةِ- فَأَمَّا الْمَكْتُوبَةُ فَلَا الحديث‌"[4]

" ووجه الاستدلال ان كلها صريحة في جواز إمامة النساء في النافلة، ولا نقاش لا في السند ولا في الدلالة. و بما ان الرجال مشاركون للنساء في احكام الجماعة انه من المقطوع به ان ما يجوز للنساء الجماعة فيه يجوز للرجال ايضاً فهي تثبت جواز النافلة في الجماعة للرجال والنساء و للسبزواري في ذخيرة المعاد نفس البيان[5]

هذا نهاية ما يمكن الدفاع عن رأي صاحب المدارك والسبزواري.

ولكن بما ان روايات الواردة في المنع خصوصا بانضمام ما ورد في نوافل رمضان حتى عد صاحب الجواهر تلك الروايات حد التواتر كما لا يبعد الاجماع بعد ما كان المخالف معروف و هو صرح بدليله فمخالفته لا تنقض الاجماع فلا يمكن الاخذ بهذه الروايات.

ففي طريق العلاج الصناعي قال محقق الهمداني رضوان الله عليه بما مضمون كلامه ان هذه الروايات انما تكون في مقام بيان جواز الامامة للنساء و ليست في مقام بيان ما يؤتم فيه فلابد من حملها الى ما يجوز فيها الجماعة من النوافل وهي صلاة العيدين والاستسقاء و صلاة الغدير على رأي القائل بها لان ما ورد في صلاة الغدير ان رسول الله لما دخل المسجد امر ان يصلوا ركعتين ثم طلع المنبر فلعلهم صلوها فرادى،

ان السيد الخوئي اشكل على المحقق الهمداني بقوله: (الورود لبيان حكم آخر المانع من انعقاد الإطلاق للرواية و إن كان وجيهاً في بعض تلكم النصوص، إلّا أنّه ممّا لا يتمّ في الكلّ، و لا سيما في صحيحة الحلبي غير المسبوقة بالسؤال، فإنّ الإمام (عليه السلام) قد حكم فيها ابتداءً بمشروعية إمامتها لهنّ في النافلة، فتكون مسوقة‌ لبيان هذا الحكم، و هو مشروعية الجماعة في النافلة. فلا قصور في إطلاقها كما لا يخفى)[6]

ولكن الانصاف ان هذا الاشكال غير وارد على الهمداني فان عدم سبق السؤال لا دخل له في افادة الاطلاق.

وبعضهم حملوها على التقية و في هذا الحمل ايضا تعسف فانه لا وجه لخصوص النساء للتقية مضافا الى ان التقية موردها عند العموم وفي تلك الاحوال يكون الامام رجل من العامة فلا يبقى دور لنساء الشيعة في الائتمام.

و للسيد الخوئي هنا بيان جميل واليك نصه:

(أنّ هذه النصوص و إن دلّت على الجواز في النساء بالدلالة‌ المطابقية، لكنّها تدلّ عليه في الرجال أيضاً بالدلالة الالتزامية، للقطع بعدم القول بالفصل كما عرفت، كما أنّ النصوص السابقة المانعة كانت على العكس من ذلك، فإنّها دلّت على المنع في الرجال بالمطابقة يعني كان القدر المتيقّن به من موردها الرجال و في النساء بالالتزام، لما عرفت من عدم القول بالفصل بينهما في ذلك.و عليه فتقع المعارضة بين الطائفتين، لتعارض المدلول المطابقي لكلّ منهما مع المدلول الالتزامي للآخر، و بما أنّ الترجيح مع الطائفة المانعة، لشهرتها بين الأصحاب (قدس سرهم) و لمخالفتها مع العامّة، فلذلك تحمل المجوّزة على التقيّة، فلا يعتمد عليها)[7] .


[1] شرح مشيخة تهذيب الأحكام، الموسوي الخرسان، حسن، ج3، ص267.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo