< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

41/04/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كتاب الصلاة /صلاة الجماعة /عدم المشروعية في النوافل/ نقاش في كلام صاحب المدارك في المقام

كان بحثنا في اليوم الماضي حول كلام صاحب المدارك رضوان الله عليه حيث مال الى جواز الجماعة في النوافل ايضاً فناقش ادلة المانعين وقد تحدثنا في مناقشته في الاجماع و اثبتنا عدم صحة المناقشة بما لا مزيد عليه.

واليوم نتطرق الى مناقشته في الروايات فنقول انه رضوان الله عليه ناقش في الروايتين اللتين استدل الشيخ بهما لعدم جواز الجماعة في النافلة فأشار اولاً: الى صحيحة الفضلاء وناقشها في الدلالة بقوله: (لقصور الرواية الأولى عن إفادة العموم،)

ثم أشار الى ما روي عن إسحاق بن عمار، عن أبي الحسن عليه السلام، و سماعة بن مهران، عن أبي عبد اللّٰه عليه السلام وفيها: "«إن النبي صلى اللّٰه عليه و آله قال في نافلة رمضان: أيها الناس إن هذه الصلاة نافلة، و لن يجتمع للنافلة، فليصل كل رجل منكم وحده و ليقل ما علمه اللّٰه من كتابه، و اعلموا أنه لا جماعة في نافلة[1] ». فناقشها في السند بقوله: (و ضعف سند الثانية باشتماله على محمد بن سليمان الديلمي و غيره)[2] .

ويرد عليه اولاً: بان صحيحة الفضلاء ظاهرة في التعميم حيث قال رسول الله: " أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الصَّلَاةَ بِاللَّيْلِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ- مِنَ النَّافِلَةِ فِي جَمَاعَةٍ بِدْعَةٌ"- فمعناه بما ان الصلاة بالليل في شهر رمضان تكون من النافلة فالجماعة فيها بدعة. فتفيد حرمة اتيان جميع النوافل جماعة.

ثانياً: ان الدليل ليس حصرا في هذه الصحيحة بل ما رواه الكليني بسنده الصحيح عن سليم بن قيس حيث ورد فيها قول امير المؤمنين عليه السلام: "وَ اللَّهِ لَقَدْ أَمَرْتُ النَّاسَ- أَنْ لَا يَجْتَمِعُوا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إِلَّا فِي فَرِيضَةٍ- وَ أَعْلَمْتُهُمْ أَنَّ اجْتِمَاعَهُمْ فِي النَّوَافِلِ بِدْعَةٌ- فَتَنَادَى بَعْضُ أَهْلِ عَسْكَرِي مِمَّنْ يُقَاتِلُ مَعِي- يَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ غُيِّرَتْ سُنَّةُ عُمَرَ- يَنْهَانَا عَنِ الصَّلَاةِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ تَطَوُّعاً" و قد قلنا ان سليم كان من خواص امير المؤمنين ومن اصحاب سره و انما كتابه لم يصل الينا بسند صحيح و لكن الكليني لا يروي هذه الرواية من كتاب سليم بل له سند آخر كما بيناه سابقاً وهذه الرواية تفيد حرمة الجماعة في مطلق النافلة. مضافا الى ان الروايات الكثيرة التي هي مستفيضة كثرة في نافلة رمضان مع لحاظ ان سبب ذكر خصوص نافلة رمضان لأنها كانت مبتلى بها وهي مصداق للنافلة ثم إنّ تخصيص الحرمة بنافلة رمضان مخالف للإجماع المركب فاذا تمت الدليل على حرمتها في رمضان تتم الحرمة في جميع النوافل للملازمة بينهما للخروج عن مخالفة الاجماع.

واما تضعيف سند رواية اسحاق وسماعة لا يضرنا بعد توفر الأدلة لإثبات المراد.

مضافا الى ان سيرة المتشرعة في عدم اقامة الجماعة للنوافل مستمرة الى عصر المعصومين فلم يعهد في عصر ولا صقع ان تقام الجماعة في النوافل الا عند العامة في نافلة شهر رمضان وقد سموها صلاة التراويح لتراوح الائمة في الصلاة. وهذه المسألة ايضا مختلف فيها عندهم كماً وكيفاً و جوازاً وحرمةً.

ثم ان صاحب المدارك بعد ما ناقش ادلة المانعين قال: (و قد ورد بالجواز روايات، منها: ما رواه الشيخ في الصحيح، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّٰه، عن أبي عبد اللّٰه عليه السلام أنه قال له: «صل بأهلك في رمضان الفريضة و النافلة فإني أفعله[3] » .

و في الصحيح، عن هشام بن سالم واليك نصه: « مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْمَرْأَةِ هَلْ تَؤُمُّ النِّسَاءَ- قَالَ تَؤُمُّهُنَّ فِي النَّافِلَةِ- فَأَمَّا فِي الْمَكْتُوبَةِ فَلَا وَ لَا تَتَقَدَّمُهُنَّ- وَ لَكِنْ تَقُومُ وَسَطَهُنَّ»[4]

و نحوه روى أيضا في الصحيح، عن الحلبي « وَ عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: تَؤُمُّ الْمَرْأَةُ النِّسَاءَ فِي الصَّلَاةِ- وَ تَقُومُ وَسَطاً مِنْهُنَّ وَ يَقُمْنَ عَنْ يَمِينِهَا وَ شِمَالِهَا- تَؤُمُّهُنَّ فِي النَّافِلَةِ وَ لَا تَؤُمُّهُنَّ فِي الْمَكْتُوبَةِ.»[5]

و بإسناد الشيخ وَ عَنْهُ(حسين بن سعيد) عَنْ فَضَالَةَ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْمَرْأَةِ تَؤُمُّ النِّسَاءَ- فَقَالَ إِذَا كُنَّ جَمِيعاً أَمَّتْهُنَّ فِي النَّافِلَةِ- فَأَمَّا الْمَكْتُوبَةُ فَلَا- وَ لَا تَتَقَدَّمُهُنَّ وَ لَكِنْ تَقُومُ وَسَطاً‌"[6] ، ثم قال: (و من هنا يظهر أن ما ذهب إليه بعض الأصحاب «4» من استحباب الجماعة في صلاة الغدير جيد. و إن لم يرد فيها نص على الخصوص، مع أن العلامة نقل في التذكرة عن أبي الصلاح أنه روى استحباب الجماعة فيها ، و لم نقف على ما ذكره)[7] .

انه رضوان الله عليه استدل بهذه الصحاح لجواز الجماعة في النافلة للرجل والمرأة ولو ان هذه الروايات وردت في المرأة ولكن اشتراك الرجال مع النساء في هذه المسألة من المسلمات لم يختلف فيه أحد من الفقهاء فما ثبت للنساء ثبت للرجال ايضا للملازمة واثبات الشيء لا ينفي ما عداه


[3] شرح مشيخة تهذيب الأحكام، الموسوي الخرسان، حسن، ج3، ص267.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo