< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

41/04/02

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كتاب الصلاة /صلاة الجماعة /موارد وجوبها/ مورد السادس / الوسواس

 

قد انتهينا من البحث في خمسة من الموارد التي ذكرها السيد مما تجب فيها الجماعة واليوم ندخل في المورد السادس وما بعده و قال رضوان الله عليه:

(و الظاهر وجوبها أيضاً إذا كان ترك الوسواس موقوفاً عليها، و كذا إذا ضاق الوقت عن إدراك الركعة بأن كان هناك إمام في حال الركوع بل و كذا إذا كان بطيئاً في القراءة في ضيق الوقت بل لا يبعد وجوبها بأمر أحد الوالدين)[1]

ففي هذا المقطع من كلامه افتى بوجوب الجماعة اذا كان ترك الوسواس موقوف عليها ويستفاد من هذا الكلام انه رأى حرمة الوسواس واقتران الحرام بالصلاة موجب لبطلانها فاذا اراد ان يأتي بصلاة صحيحة لا يمكن له الا في ضمن الجماعة فيتعين عليه ذلك، فلابد من اثبات حرمة الوسواس

وقد استدل على حرمة الوسواس بصحيحة عبد الله بن سنان واليك نصها:

مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: ذَكَرْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع رَجُلًا مُبْتَلًى بِالْوُضُوءِ وَ الصَّلَاةِ- وَ قُلْتُ هُوَ رَجُلٌ عَاقِلٌ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع: وَ أَيُّ عَقْلٍ لَهُ وَ هُوَ يُطِيعُ الشَّيْطَانَ- فَقُلْتُ لَهُ وَ كَيْفَ يُطِيعُ الشَّيْطَانَ- فَقَالَ سَلْهُ هَذَا الَّذِي يَأْتِيهِ مِنْ أَيِّ شَيْ‌ءٍ هُوَ- فَإِنَّهُ يَقُولُ لَكَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ".)[2]

السند صحيح لا ريب فيه ، وتقريب الاستدلال: ان طاعة الشيطان من المحرمات والوسواس على ما ورد في هذا الحديث المبارك طاعة للشيطان فهو حرام و لا تصح العبادة اذا كانت مقرونة بالحرام وفي المفروض المصداق الخارج من الحرام محصور له بالجماعة فيتعين عليه الجماعة.

ويرد على هذا الكلام: بان المراد من طاعة الشيطان ليس طاعته بنية الإنقياد والامتثال بل هو حريص على طاعة الله ولكن الشيطان يفعل فيه الوسوسة فيتحرك بتحريك الشيطان من حيث لا يشعر و لذا قال الامام عليه السلام : "سله هَذَا الَّذِي يَأْتِيهِ مِنْ أَيِّ شَيْ‌ءٍ هُوَ- فَإِنَّهُ يَقُولُ لَكَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ"

كلام السيد الخوئي (قده)

السيد الخوئي رضوان الله عليه بعد ما لا يقتنع بحرمة طاعة الشيطان قال: (نعم ربما يبلغ حدّا يستلزم البطلان من ناحية أُخرى، كما لو كرّر الكلمة أو الآية مرّات كثيرة جدّاً، بحيث خرجت عن هيئتها، مثل ما لو كرّر الألف و اللام في (الحمد للّٰه) عشرين مرّة، فإنّه من كلام الآدمي، و ليس من القرآن في شي‌ء، فيوجب البطلان من حيث الزيادة أو النقصان، فيجب عليه الإئتمام حينئذ لو لم يتمكّن من تركه، لتوقّف امتثال الواجب عليه.)[3]

و هذا الكلام منه رضوان الله عليه لا يخلو من الإضطراب حيث ان المقطع الاول من كلامه يفيد ان سبب حرمة الوسواس خروج الصلاة من هيئتها ومن المقطع الثاني من كلامه ان التكرار مبطل لانه من كلام الآدمي والمقطع الثالث من كلامه يفيد ان سر حرمة التكرار الزيادة والنقصان في الصلاة.

الإشكال على إستدلال السيد الخوئي (قده)

ثم يرد على استدلاله اولاً: أن فرض عدم التمكن من ترك التكرار فرض لعله لا مصداق له، ثانيا، كون الآيات او الكلمات المتكرره من كلام الآدمي ليس صحيحا ما دام هو يأتي بها لأداء لفظ من الفاظ الصلاة ، ثالثاً: اذا استسلمنا انها كلام آدمي فأول مكرر منه يكون من كلام الآدمي ومبطل للصلاة ولو لم يكرر مرات كثيرة نعم لو قلتم كثرة التكرار اذا وصل الى درجة يخرج عن هيئة المصلي فله وجه. رابعاً: بعد ما التزمتم بإطلاق صحية زرارة وفضيل لكل الفرائض فلامجال هنا للقول بوجوب الجماعة لانه اجتهاد في مقابل النص .

مضافا الى ان هناك روايات كثيرة وردت حول الشك والوسواس فلم يدلوا على حضور الجماعة فامروا بالأخذ بالظن و بعدم الاعتناء بالشك و غيرها من الوجوه ولو كان الحضور في الجماعة واجبا لدلوا عليه. ونعرض عليكم
نماذج من تلك الروايات

مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ صَفْوَانَ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع‌ قَالَ: إِذَا كَثُرَ عَلَيْكَ السَّهْوُ فَامْضِ عَلَى صَلَاتِكَ- فَإِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يَدَعَكَ إِنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ. وَ رَوَاهُ الشَّيْخُ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ فَضَالَةَ عَنِ الْعَلَاءِ، وَ رَوَاهُ الصَّدُوقُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ مِثْلَهُ)[4]

مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ ص فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ص- أَشْكُو إِلَيْكَ مَا أَلْقَى مِنَ الْوَسْوَسَةِ فِي صَلَاتِي- حَتَّى لَا أَدْرِي مَا صَلَّيْتُ مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ-فَقَالَ إِذَا دَخَلْتَ فِي الصَّلَاةِ- فَاطْعُنْ فَخِذَكَ الْأَيْسَرَ بِإِصْبَعِكَ الْيُمْنَى الْمُسَبِّحَةِ- ثُمَّ قُلْ بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ- أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ- فَإِنَّكَ تَنْحَرُهُ وَ تَطْرُدُهُ".وَ رَوَاهُ الصَّدُوقُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ آبَائِهِ ع)[5]

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo