< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

40/10/26

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: إقامة الحدود في حال غيبة الإمام /کتاب الامر بالمعروف و النهی عن المنکر الأمر بالمعروف

بعد ما انهينا البحث عن ولاية الفقيه و قد دخلنا فيه تبعاً للمحقق حيث تطرّق الى مسألة الحدود كمصداق للنهي عن المنكر ثم قال: (و قيل يجوز للفقهاء العارفين إقامة الحدود في حال غيبة الإمام ع كما لهم الحكم بين الناس مع الأمن من ضرر سلطان الوقت و يجب على الناس مساعدتهم على ذلك).[1] فنحن ايضا دخلنا في مبحث ولاية الفقيه واكتفينا ببحث مختصر حول اصل المسألة و البحث عن كبرياتها دون التفاصيل، وقد شغل اكثر من خمسين مجلساً، فنعود اليوم الى متن الشرائع لننهي مبحث الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بانتهاء السنة الدراسية عند دخول العطلة الصيفية والله المستعان.

قال المحقق رضوان الله عليه: (و لا يجوز أن يتعرض لإقامة الحدود و لا للحكم بين الناس إلا عارف بالأحكام مطلع على مأخذها عارف بكيفية إيقاعها على الوجوه الشرعية. و مع اتصاف المتعرض للحكم بذلك يجوز الترافع إليه و يجب على الخصم إجابة خصمه إذا دعاه للتحاكم عنده. و لو امتنع و آثر المضي إلى قضاة الجور كان مرتكبا للمنكر. و لو نصب الجائر قاضيا مكرها له جاز الدخول معه دفعا لضرره لكن عليه اعتماد الحق و العمل به ما استطاع. و إن اضطر إلى العمل بمذاهب أهل الخلاف جاز إذا لم يمكن التخلص من ذلك ما لم يكن قتلا لغير مستحق و عليه تتبع الحق ما أمكن‌).[2]

ان المصنف رضوان الله عليه تناول في هذا المقطع من بحثه وهو آخر فصل من كلامه خمس فروع:

الفرع الاول قوله: (لا يجوز أن يتعرض لإقامة الحدود و لا للحكم بين الناس إلا عارف بالأحكام مطلع على مأخذها عارف بكيفية إيقاعها على الوجوه الشرعية). أي انما يحصر اهلية إقامة الحد و ولاية الحكم على المجتهد الجامع للشرائط وهذا الذي بحثنا حوله فلا حاجة للإعادة انما الكلام في انه هل يكفي أن يكون عنده ملكة الاستنباط او يجب فعلية الاستنباط

قال في الجواهر: (و كيف كان فلا يجوز أن يتعرض لإقامة الحدود غير من سمعته من السيد و الوالد و الزوج في قول عرفت الحال فيه و لا للحكم بين الناس و لا للفتوى و لا لغير ذلك مما هو مختص بالإمام عليه السلام و نائبه إلا عارف بالأحكام الشرعية جميعها و لو ملكة مطلع على مأخذها و عارف بكيفية استنباطها منها و ب‌ إيقاعهما أي الحكم و الحدود على الوجوه الشرعية و بالجملة المجتهد المطلق الجامع للشرائط المفروغ من تعدادها و تفصيلها في محله، إذ هو المتيقن من النصوص و الإجماع بقسميه، بل الضرورة من المذهب نيابته في زمن الغيبة عنهم عليهم السلام على ذلك و نحوه).[3]

كفاية الملكة موقوف على امرين: أحدهما، ان نعرّف الاجتهاد بانّه مَلَكَةٌ بها يحصل لواجدها قدرة على استنباط الاحكام الشرعية من ادلتها التفصيلية. ثانيهما: ان نقول انما اهلية الحكم و اقامة الحدود للمجتهد.

اما بالنسبة الى الاول نقول: لا تحصل الملكة الا اذا مارس المجتهد اجراء القواعد الاصولية والفقهية في استنباط طائفة من الاحكام في ابواب مختلفة ولا تحصل الملكة بمجرد العلم بالقواعد الاصولية والفقهية، فلا توجد صغري لصاحب الملكة من دون فعلية الاستنباط.

ثانيا: ان ادلة ولاية الفقيه او القضاء لم تعلّق على عنوان المجتهد، بل عُلَّق على: "رجل منكم قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف احكامنا" كما في مقبولة عمر بن حنظلة و قريب منه في مقبولة ابي خديجة ، و في التوقيع "اما الحوادث الواقعة فارجعوا الى رواة احاديثنا فانهم حجتي عليكم" المراد من تفهم احاديثهم بالفعل ولا يحصل ذلك الا بالاستنباط الفعلية ولا يكفي في تحقق المصداق بمجرد القدرة على الاستنباط حتى ورد في الحديث: (أنه لا يكون الفقيه فقيها حتى نلحن له بالقول فيعرف ما نلحن له) و لذلك ان المصنف لم يعلّق الحكم بالاجتهاد بل علّقه ب(العارف بالأحكام مطلع على مأخذها عارف بكيفية إيقاعها على الوجوه الشرعية ) و شرحه العلامة في المسالك بقوله «المراد بالعارف المذكور الفقيه المجتهد، و هو العالم بأحكام الشرعية بالأدلة التفصيلية) فلا تكفي مجرد الملكة بل لابد من العلم بالفروع التي تتعلق بالقضاء.

ثم يمكن ان يقال في بحث القضاء التقيد بالمجتهد امر غير ميسور فان الحاجة الى التحاكم امر كثير الابتلاء و لا يتوفر المجتهد المطلق عادة بقدر الكفاية والمستفاد من الروايات ان يكون عارفا بالأحكام او يعلم شيئا من قضايانا او روى حديثنا وهذا لا يلازم مع الاجتهاد بالمعنى المألوف، بل إذا كان عالما بفتوى من رأيه حجة عند القاضي فيصدق عليه العالم ويكفي ذلك.

قال في الجواهر: (نعم قد احتملنا في كتاب القضاء إن لم يكن إجماع جواز القضاء لمقلد المجتهد المطلق بفتوى مجتهده، و جوازه أيضا بالمعلوم من أحكام أهل البيت عليهم السلام، و يدل عليه‌ قوله عليه السلام في تعداد القضاة: «رجل قضى بالحق و هو يعلم فهو في الجنة»‌ بل حكينا ذلك عن بعض، و خصوصا مع عدم المجتهد المطلق، أو عدم إمكان الوصول‌ إليه، و عدم إمكان رفع النزاع و القتال بالصلح و نحوه)،[4] ‌فخلاصة القول انه لا يجب للقاضي ان يكون مجتهدا بل يكفيه ان يكون عالما بمسائل القضاء ولو علما تعبديا من خلال فتوى المجتهد الذي يجوز له ان يقلده فان فتواه علم تعبدي للقاضي الذي يقلده.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo