< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

40/10/13

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: هل الولاية قابلة للتجزئة والتبعيض مكاناً /کتاب الامر بالمعروف و النهی عن المنکر الأمر بالمعروف

كان بحثنا في امكانية التجزئة والتبعيض في الولاية بحسب المكان و قلنا اذا كان احد من الفقهاء قد تصدى للولاية في صقع معين و لم يتجاوزه، يجوز للآخرين من الفقهاء الذين تمت عندهم الصلاحيات اللازمة للولاية ان يتحملوا المسؤولية في الأصقاع التي شاغرة عن ولاية فقيه لانّ المانع من تعدد الولايات هو التزاحم او التعارض بينها فاذا لم يحصل التعارض او التزاحم لاختلاف المكان فلا يبقى وجه للمنع، بل قد يجب ذلك لعدم جواز اهمال امور المسلمين لمن يقدر ان يتكفلها.

و قريب من هذه المسألة مسألة اخرى وهي: هل يجوز التبعيض بالنسبة الى المواضيع التي تكون في دائرة الولاية، اي الامور التي من شأن الحاكم التصدي لها؟ فيتولى بعض الفقهاء الولاية في بعض الشؤون، و يترك سائر الشؤون مفتوحة امام الآخرين؟ فتتوزع الشؤون التي فيها الولاية في عدة اشخاص؟.

نقول نعم، هذا الامر كذلك امر ميسور كما قد تحقق ذلك فعلاً في فترات من التأريخ وفي مناطق مختلفة فكان بعض الفقهاء يتصدون لبعض الشؤون كجعل القيم للصغار او أخذ الحقوق الشرعية و صرفها الى مواردها، او التحاكم في بعض المخاصمات، و امثال ذلك حيث لم تتوافق لهم الظروف للتصدي في جميع الامور التي تكون موضوعا للولاية. حيث كانت هناك حكومات جائرة مأخوذة بأمور المسلمين من بعد وفات رسول الله الى يومنا هذا فلم تستطب لفقهاء المسلمين فرصة لتولي امور الناس الا في حدود معينة وبعض المواضيع التي لم تكن موردا لاهتمام الملوك والسلاطين و بقي مجالات ضيقة لإنفاذ بعض احكام الاسلام بواسطة الفقهاء او عدول المؤمنين. و قد كان فقهائنا العظام يرون انفسهم قاصرين عن انشاء حكومة اسلامية شاملة و كان اقصى ما يتمنونه هو اخضاع بعض الحكام على تطبيق بعض الاحكام الشرعية او السماح لممارسة الطقوس الدينية و احيانا كانوا ينضمون الى حكومة ليستغلوها لتطبيق بعض الاحكام. كالعلامة خواجه نصير الدين طوسي مع هلاكو خان المغول و المجلسي مع شاه عباس الصفوي

كما ان المرحوم الشيخ جعفر كاشف الغطاء لما واجه هجمة المتفقين على ايران و رأى من الواجب على المسلمين جهاد المحتلين المهاجمين احص بانه لا يتيسر ذلك الى من خلال الحكومة فوكل امر الجهاد الى فتح علي شاه القاجار و قد ذكر هذا التخويل في مبحث الجهاد من كتابه كشف الغطاء بعد ما حكم بوجوب الدفاع و لابد ان يكون بإذن الامام عليه السلام واليك نص كلامه، قال: (إذا لم يحضر الإمام، بأن كان غائباً أو كان حاضراً و لم يُتمكّن من استئذانه، وجب على المُجتهدين القيام بهذا الأمر.... و تجب طاعة الناس لهم، و من خالفهم فقد خالف إمامهم. فإن لم يكونوا أو كانوا و لا يمكن الأخذ عنهم و لا الرجوع إليهم، أو كانوا من الوسواسيين الذين لا يأخذون بظاهر شريعة سيّد المرسلين، وجب على كلّ بصير صاحب رأي و تدبير، عالم بطريقة السياسة، عارف بدقائق الرئاسة، صاحب إدراك و فهم و ثبات و جزم و حزم أن يقوم بأحمالها، و يتكلّف بحمل أثقالها، وجوباً كفائياً مع مقدار القابلين، فلو تركوا ذلك عُوقبوا أجمعين. و مع تعيّن القابليّة، وجب عليه عيناً مقاتلة الفرقة الشنيعة و الأُروسية، و غيرهم من الفرق العادية البغيّة. و تجب على الناس إعانته و مساعدته إن احتاجهم و نصرته، و من خالفه، فقد خالف العلماء الأعلام، و من خالف العلماء الأعلام، فقد خالف و اللّه الإمام، و من خالف الإمام، فقد خالف رسول اللّه سيّد الأنام، و من خالف سيّد الأنام فقد خالف الملك العلام. و لمّا كان الاستئذان من المُجتهدين أوفَق بالاحتياط، و أقرب إلى رضا ربّ العالمين، و أقرب إلى الرقيّة، و التذلّل و الخضوع لربّ البريّة، فقد أذنتُ إن كنت من أهل الاجتهاد، و من القابلين للنيابة عن سادات الزمان للسلطان ابن السلطان، و الخاقان ابن الخاقان، المحروس بعين عناية الملك المنّان، «فتحعلي شاه» أدام اللّه ظلاله على رؤوس الأنام، في أخذ ما يتوقّف عليه تدبير العساكر و الجنود، و ردّ أهل الكفر و الطغيان و الجحود، من خراج أرض مفتوحة بغلبة الإسلام، و ما يجري و أمانة.، كما‌ ‌سيجي‌ء، و زكاة متعلّقة بالنقدين، أو الشعير أو الحنطة من الطعام، أو التمر أو الزبيب، أو الأنواع الثلاثة من الأنعام. فإن ضاقت عن الوفاء، و لم يكن عنده ما يدفع به هؤلاء الأشقياء، جاز له التعرّض لأهل الحدود بالأخذ من أموالهم، إذا توقّف عليه الدفع عن أعراضهم و دمائهم، فإن لم يفِ، أخذَ من البعيد بقدر ما يدفع به العدوّ المريد. و يجب على من اتّصف بالإسلام، و عزم على طاعة النبيّ و الإمام عليهما السلام أن يمتثلوا أمر السلطان، و لا يخالفوه في جهاد أعداء الرحمن، و يتّبعوا أمر من نصبه عليهم، و جعله دافعاً عمّا يصل من البلاء إليهم، و من خالفه في ذلك فقد خالف اللّه، و استحق الغضب من اللّه).[1]

ثم اشار الى ان اطاعة السلطان ليست واجبا اولياً فقال: (و الفرق بين وجوب طاعة خليفة النبيّ عليه السلام، و وجوب طاعة السلطان الذابّ عن المسلمين و الإسلام؛ أنّ وجوب طاعة الخليفة بمقتضى الذات، لا باعتبار الأغراض و الجهات، و طاعة السلطان إنّما وجبت بالعرض، لتوقّف تحصيل الغرض، فوجوب طاعة السلطان كوجوب تهيئة الأسلحة و جمع الأعوان، من باب وجوب المقدّمات الموقوف عليها الإتيان بالواجبات).[2]

ثم يوصي السلطان بما يجب على السلطان العادل ان يقوم بها رجاء تأثره من كلامه ولان لا يحسب خلافاته على الإسلام، فقال: (و ينبغي لسلطاننا خلّد اللّه ملكه أن يوصي محلّ الاعتماد، و من جعله منصوباً لدفع أهل الفساد بتقوى اللّه، و طاعته، و القيام على قدم في عبادته، و أن يقسّم بالسويّة، و يعدل في الرعيّة، و يساوي بين المسلمين، من غير فرق بين القريب و الغريب، و العدوّ و الصديق، و الخادم و غيره، و التابع و غيره، و يكون لهم كالأب الرؤوف، و الأخ العطوف. و أن يعتمد على اللّه، و يرجع الأُمور إليه، و لا يكون له تعويل إلا عليه، و أ لا يخالف قول المنوب عنه في كل أمر يطلبه، تبعاً لطلب اللّه منه.و لا يسند النصر إلى نفسه يقول: ذلك من سيفي و رمحي و حربي و ضربي، بل يقول: ذلك من خالقي و بارئي و مدبّري و مصوّري و ربّي، و أن لا يتّخذ بطانة إلا من كان ذا ديانة و أمانة. ‌و أن لا يودع شيئاً من الأسرار إلا عند من يخاف من بَطشَ الملِك الجبّار، فإنّ من لا يخاف اللّه لا يؤمن إذا غاب، و في الحضور من الخوف يحافظ على الآداب، و كيف يُرجى ممّن لا يشكر نعمة أصل الوجود بطاعة الملك المعبود أن يشكر النعم الصوريّة، مع أنّ مرجعها إلى ربّ البريّة؟! و أن يُقيم شعائر الإسلام، و يجعل مؤذّنين و أئمّة جماعة في عسكر الإسلام، و ينصب واعظاً عارفاً بالفارسيّة و التركيّة، يُبيّن لهم نقص الدنيا الدنيّة، و يرغّبهم في طلب الفوز بالسعادة الأبديّة، و يُسهّل عليهم أمر حلول المنيّة، ببيان أنّ الموت لا بدّ منه، و لا مفرّ عنه، و أنّ موت الشهادة فيه السعادة، و أنّ الميّت شهيد حيّ عند ربّه، معفوّ عن إثمه و ذنبه، و يأمرهم بالصلاة و الصيام، و المحافظة على الطاعة و الانقياد للملك العلام، و على أوقات الصلاة و الاجتماع إلى الإمام، و يضع معلّمين يعلّمونهم قراءة الصلاة، و الشكيّات و السهويّات، و سائر العبادات، و يعلّمهم المحلّلات و المحرّمات، حتّى يدخلوا في حزب اللّه).[3]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo