< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

40/08/24

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: کلمات علماء العامة /کتاب الامر بالمعروف و النهی عن المنکر الأمر بالمعروف

قد انتهى كلامنا في اليوم الماضي ان الروايات والنصوص التي تجعل الفقيه مع توفر الشروط وليا للمؤمنين انما هي تفيد الولاية لهم شأناً ومجرد مقام الانشاء ولكن فعلية الولاية تحتاج الى دراسة أخرى. فاليوم نريد ان نرى ما هو آلية فعلية الولاية؟ هل عليه ان يرشح نفسه و يجبر الناس على طاعته وقبول قوله كما كان ذلك متعارفا للملوك والسلاطين من قهر الناس على طاعته؟ او طريق فعلية الولاية هو آخذ البيعة من الناس؟ اما العامة فقد اتخذوا مما جري للخلفاء في استطباب الامور لهم طريقا لاستخراج حكم الشرع واليك بعض النصوص:

و قال القاضي أبو يعلى: «و الإمامة تنعقد من وجهين: أحدهما باختيار أهل الحل و العقد. و الثاني بعهد الإمام من قبل ... و روي عنه (أي عن أحمد) ما دل على أنها تثبت بالقهر و الغلبة‌ و لا تفتقر الى العقد، فقال- في رواية عبدوس بن مالك العطّار- (القطّان خ. ل): «و من غلب عليهم بالسيف حتى صار خليفة و سمّي أمير المؤمنين فلا يحل لأحد يؤمن باللّه و اليوم الآخر أن يبيت و لا يراه إماما، برّا كان أو فاجرا.» و قال أيضا- في رواية أبي الحرث- في الإمام يخرج عليه من يطلب الملك، فيكون مع هذا قوم و مع هذا قوم: «تكون الجمعة مع من غلب.» و احتج بأن ابن عمر صلّى بأهل المدينة في زمن الحرّة و قال: «نحن مع من غلب.»[1]

قال الماوردي في الأحكام السلطانية: «و الإمامة تنعقد من وجهين: أحدهما اختيار أهل العقد و الحلّ. و الثاني بعهد الإمام من قبل. فأما انعقادها باختيار أهل الحل و العقد فقد اختلف العلماء في عدد من تنعقد به الإمامة منهم على مذاهب شتّى: فقالت طائفة: لا تنعقد إلا بجمهور أهل العقد و الحلّ من كل بلد، ليكون الرضا به عاما و التسليم لإمامته اجماعا. و هذا مذهب مدفوع ببيعة أبي بكر على الخلافة باختيار من حضرها و لم ينتظر ببيعته قدوم غائب عنها. و قالت طائفة أخرى: أقل من تنعقد به منهم الإمامة خمسة يجتمعون على عقدها أو يعقدها أحدهم برضا الأربعة، استدلالا بأمرين: أحدهما أن بيعة أبي بكر انعقدت بخمسة اجتمعوا عليها، ثم تابعهم الناس فيها. و هم عمر بن الخطاب، و أبو عبيدة بن الجرّاح، و أسيد بن حضير، و بشير بن سعد، و سالم مولى أبي حذيفة. و الثاني أن عمر جعل الشورى في ستة ليعقد لأحدهم برضا الخمسة و هذا قول أكثر الفقهاء و المتكلمين من أهل البصرة. و قال آخرون من علماء الكوفة: تنعقد بثلاثة يتولّاها أحدهم برضا الاثنين ليكونوا حاكما و شاهدين، كما يصحّ عقد النكاح بوليّ و شاهدين. و قالت طائفة أخرى: تنعقد بواحد، لأن العباس قال لعلي «ع»: امدد يدك أبايعك فيقول الناس: عمّ رسول اللّه «ص» بايع ابن عمه فلا يختلف عليك اثنان، و لأنه حكم، و حكم واحد نافذ.»[2]

وقال ابن قدامة الحنبلي في المغني: «و جملة الأمر أن من اتفق المسلمون على إمامته و بيعته ثبتت إمامته و وجبت معونته، لما ذكرنا من الحديث و الإجماع. و في معناه من ثبتت إمامته بعهد النبي «ص» أو بعهد إمام قبله إليه. فإن أبا بكر ثبتت إمامته بإجماع الصحابة على بيعته، و عمر ثبتت إمامته بعهد أبي بكر إليه، و أجمع الصحابة على قبوله و لو خرج رجل على الإمام فقهره و غلب الناس بسيفه حتى أقرّوا له و أذعنوا بطاعته و تابعوه صار إماما يحرم قتاله و الخروج عليه، فإن عبد الملك بن مروان خرج على ابن الزبير فقتله و استولى على البلاد و أهلها حتى بايعوه طوعا و كرها فصار إماما يحرم الخروج عليه.»[3]

وقال النووي الشافعي‌: (تنعقد الإمامة بالبيعة. و الأصح بيعة أهل الحل و العقد من العلماء و الرؤساء و وجوه الناس الذين يتيسّر اجتماعهم. و شرطهم صفة الشهود. و باستخلاف الإمام. فلو جعل الأمر شورى بين جمع فكاستخلاف، فيرتضون أحدهم. و باستيلاء جامع الشروط، و كذا فاسق و جاهل في الأصح.»[4]

من المتأخرين غير المتعصبين من يعترف بعدم شرعية حكومة ابي بكر وعمر وعثمان،

قال عبد الكريم الخطيب من علماء السنة : «و قد عرفنا أن الذين بايعوا أول خليفة للمسلمين- أبي بكر- لم يتجاوزوا أهل المدينة، و ربما كان بعض أهل مكّة، أما المسلمون جميعا في الجزيرة كلها فلم يشاركوا في هذه البيعة، و لم يشهدوها، و لم يروا رأيهم فيها؛ و إنما ورد عليهم الخبر بموت النبي «ص» مع الخبر باستخلاف أبي بكر. فهل هذه البيعة أو هذا الأسلوب في اختيار الحاكم يعتبر معبّرا عن إرادة الأمة حقا؟! و هل يرتفع هذا الاسلوب إلى أنظمة الأساليب الديموقراطية في اختيار الحكام؟! لقد فتح هذا الأسلوب الفريد الذي عرف في المجتمع الاسلامي لاختيار الحاكم- فتح أبوابا للجدل فيه و الخلاف عليه.»[5]

و عن الشيخ علي عبد الرازق من علماء الجامع الأزهر أنه قال في كتابه: (الإسلام و أصول الحكم): «إذا أنت رأيت كيف تمّت البيعة لأبي بكر، و استقام له الأمر تبيّن لك أنها كانت بيعة سياسية ملكية عليها طابع الدولة المحدثة، و أنها قامت كما تقوم الحكومات على أساس القوة و السيف.»[6]

و في الفقه الإسلامي و أدلته للدكتور وهبة الزحيلي: «ذكر فقهاء الإسلام طرقا أربعة في كيفية تعيين الحاكم الأعلى للدولة و هي النص، و البيعة، و ولاية العهد، و القهر و الغلبة. و سنتبيّن أن طريقة الإسلام الصحيحة عملا بمبدإ الشورى و فكرة الفروض الكفائية هي طريقة واحدة. و هي بيعة أهل الحل و العقد و انضمام رضا الأمة باختياره. و أما ما عدا ذلك فمستنده ضعيف.»[7]

وقال ايضاً: «رأى فقهاء المذاهب الأربعة و غيرهم أن الإمامة تنعقد بالتغلب و القهر. إذ يصير المتغلّب إماما دون مبايعة أو استخلاف من الإمام السابق، و إنما بالاستيلاء. و قد يكون مع التغلب المبايعة أيضا فيما بعد.»[8]


[4] المنهاج، النووي، ص518، كتاب البغاة.
[5] الخلافة و الإمامة، الخطیب، ص272.
[6] الإسلام و أصول الحكم، الشیخ عبدالرزاق، ص183.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo