< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

40/08/22

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: روایات جواز الخروج قبل القیام /کتاب الامر بالمعروف و النهی عن المنکر الأمر بالمعروف

كان بحثنا في جواز الخروج على الحكومات الباطلة والظالمة خلافا لما يوهم منها عدم الجواز قبل ظهور القائم عليه السلام واستنتجنا بعد غض النظر عن ضعف اسنادها انها محمولة على الثورات التي كان هدفها التنافس في القدرة كخروج ابي مسلم الخراساني او كانت ثورات غير مدروسة او كانت بداعي المهدوية فمن قسم الاخير ثورة محمّد (صاحب النفس الزكيّة ) بن عبد الله المحض بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب. أي حفيد الإمام الحسن المجتبى. كان عبد الله المحض من كبار القوم و شيوخهم، و من رؤساء بني الحسن، و كان الإمام الصادق يحترمه كثيراً. و كان يزعم أنَّ قول النبيّ الذي مضمونه: «أنَّ المهديّ عليه السلام من صُلبي، و أنَّه يمنع الظلم و العدوان، و أنَّ اسمه اسمي» إنَّما كان يشير إلى ابنه محمّد. و لذا، دعا الناس إلى بيعته، و تحرّك محمّد أيضاً بهذا العنوان. و قد سجن المنصور الدوانيقيّ جميع بني الحسن، و قام بتعذيب عبد الله المحض، بأنواع العذاب بجرم اطّلاعهم على‌ مكان محمّد و أخيه إبراهيم، و امتناعهم عن إرشاده إليه، و كانوا جميعاً أبرياء من كلّ ذنب. و قد أرسل الإمام رقعة إلى عبد الله المحض أبدي فيها غاية حزنه و تحسّره لأعمال المنصور،. كان المنصور يطالبه بأن يدلّه على مكان ابنه، و كان قيام محمّد بعنوان المهدويّة، و لذا منعهم الإمام الصادق عليه السلام و لم يكن راضياً عن قيامهم ، واكدوا ان علامة ثورة المهدي المنتظر هو خروج السفياني قبلها. و أمّا بني الحسن كعبد الله المحض و سائر أبنائه و إخوانه المعدودون سبعة عشر رجل، فقد توفّوا مع ثمانية رجال آخرين في سجن المنصور في بغداد بعد أن أمضوا سنوات طويلة في ذلك السجن. و قد بكي الإمام عليه السلام لهم و أبدي حزنه عليهم، و طلب لهم الرحمة و المغفرة. أمّا إبراهيم (أخو محمّد) فقد قام تبعاً بعد أخيه طلباً للثأر، و قتل أيضاً.

نكتفي بهذا المقدار من البحث عن ثورات اعترف بها ائمتنا عليهم السلام وندخل في بحث جديد فنفول:

بعد ما اثبتنا حق الولاية للفقهاء الواجدون للشروط العامة من العقل والايمان والحرية والرجولية وطهارة المولد والعدالة مضافا الى الفقه وقدرة تدبير الامور وسلامة الجسم بما يكون قادرا على تحمل اعباء الولاية. فلابد من البحث في عدة نقاط:

اولا: هل الولاية فعلية لكل من يتوفر فيه الصفات المؤهلة للولاية او ان هذه الصفات تجعل الفقيه اهلا للولاية شأنا وليست لكل الفقهاء ولاية على الامور فعلاً.؟

ثانياً: هل الولاية قابلة للتجزئة والتبعيض اي يمكن ان تكون الولاية محصورة بصقع دون صقع و قطاع دون قطاع او ليست قابلة للتبعيض فمن اصبح وليا فولايته تغطي جميع الاصقاع و يجب لكل المؤمنين ان يخضعوا لولايته اينما كانوا؟. كذلك هل يمكن تبعيض لبعض المواضيع دون بعضها فتكون الولاية محصورة في بعض الشؤون او يقسم الشؤون التي فيها الولاية الى عدة اشخاص.

ثالثا: هل الفقهاء هم المنصوبون لمقام الولاية او يعود الامر الى اختيار المكلفين اي توليتم فعلية من الله تحتاج الى البيعة والانتخاب من قبل الناس؟

وبعض الامور الاخرى سوف نعنونها و نتطرق اليها في مباحثنا الآتية.

اما المبحث الاولى:

فلا شك ان رسول الله صلى الله عليه واله كانت الولاية له بشخصه من قبل الله تعالى فنصبه ربه نبيا ورسولا وحاكما على جميع البرية ولم تكن لهم الجيار في التعيين ومثله ائمة الاطهار عليهم السلام.

فكلامنا انما يكون في ولاية الفقهاء سلمهم الله دون ائمة الهدى. فهل هم المنصوبون للولاية؟

فروض نصب الفقهاء لولاية امور الناس لها اربعة تصوير:

الأول: على نحو العام الاستغراقي: بأن يكون المنصوب من قبل الأئمة «ع» جميعهم بنحو العموم الاستغراقي، فيكون لكل واحد منهم بانفراده الولاية الفعلية و حقّ إعمالها مستقلا.

الثاني: على نحو العام البدلي: بأن يكون المنصوب الجميع كذلك، و لكن لا يجوز إعمال الولاية إلا‌ ‌لواحد منهم.

الثالث: لن يكون بنحو العام المجموعي بأن يكون المنصوب الجميع، و لكن يتقيد إعمال الولاية لكل واحد منهم بالاتفاق مع الآخرين.

الرابع: ان يكون بنحو الواحد المعين: بأن يكون المنصوب واحدا منهم فقط.

و في رواية العلل التي مرّت قطعة منها في الدليل الثالث من أدلّة لزوم الحكومة عن الرضا «ع»: «فإن قال: فلم لا يجوز أن يكون في الأرض إمامان في وقت واحد أو أكثر من ذلك؟ قيل: لعلل:منها: أن الواحد لا يختلف فعله و تدبيره و الاثنين لا يتفق فعلهما و تدبيرهما. و ذلك أنا لم نجد اثنين إلا مختلفي الهمم و الإرادة. فإذا كانا اثنين ثم اختلفت هممهما و إرادتهما و تدبيرهما و كانا كلاهما مفترضي الطاعة لم يكن أحدهما أولى بالطاعة من صاحبه، فكان يكون في ذلك اختلاف الخلق و التشاجر و الفساد، ثم لا يكون أحد مطيعا لأحدهما إلا و هو عاص للآخر، فتعمّ المعصية أهل الأرض، ثم لا يكون لهم مع ذلك السبيل إلى الطاعة و الإيمان و يكونون إنما أتوا في ذلك من قبل الصانع الذي وضع لهم باب الاختلاف و التشاجر، إذ أمرهم باتباع المختلفين.و منها: أنه لو كانا إمامين كان لكل من الخصمين أن يدعو إلى غير ما يدعو إليه صاحبه في الحكومة، ثم لا يكون أحدهما أولى بأن يتّبع من صاحبه، فتبطل الحقوق و الأحكام و الحدود.و منها: أنه لا يكون واحد من الحجتين أولى بالنطق و الحكم و الأمر و النهي من الآخر. فإذا كان هذا كذلك وجب عليهما أن يبتدءا بالكلام و ليس لأحدهما أن يسبق صاحبه بشي‌ء إذا كانا في الإمامة شرعا واحدا. فإن جاز لأحدهما السكوت جاز السكوت للآخر مثل ذلك. و إذا جاز لهما السكوت بطلت الحقوق و الأحكام و عطّلت الحدود و صار الناس كأنهم لا إمام لهم.»[1]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo