< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

40/07/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: أدلة إثبات مبدأ ولایة الفقیه /کتاب الامر بالمعروف و النهی عن المنکر الأمر بالمعروف

اني لما راجعت بعض كلمات الفقهاء لاستقراء ما استدلوا بها لولاية الفقيه رأيت بعضهم ذكروا روايات ما ارادوا منها الاستدلال على ولاية الفقيه المطلقة ولكنهم ذكروها ليبينوا شأن الفقهاء عند الشارع المقدس للإستحاء منها مقام الولاية لهم ومنهم المولى احمد النراقي: في العوائد فرأيت انه مما تمسك به كان ما رواه عن الشهيد في منية المريد: وهي روايات مأخوذة عن التفسیر المنسوب الی الامام العسکری علیه السلام فراجعته فرآیت ان فیها روایات جميلة في ذكرها فوائد و بركات فاستنسختها لكم فنقرئها سرداً فعليكم التأمل في معانيها.

ان نسبة الكتاب بأسرها الى الامام العسكري غير ثابت بل فيها قرائن تدل على عدم صحة النسبة فان هذا التفسير لو كان من الامام لصدر منه عليه السلام حدود عام 260الى264 الهجري بينما لم يأت له ذكر قبل الصدوق و الراوندي وقد ناقش صحة اسناده الى الامام العلامة الشوشتري سندا و متناً ولكنه كان موردا لاهتمام الصدوق وبعض الآخرين من القدماء وعلى کل حال ورد فيه فصل تحت عنوان:[في أن اليتيم الحقيقي هو المنقطع عن الإمام ع:]

والیک ما فی هذا الفصل من الروایات (214 و قال الإمام ع: "و أشد من يتم هذا اليتيم، يتيم [ينقطع‌] عن إمامه لا يقدر على الوصول إليه، و لا يدري كيف حكمه فيما يبتلي به من شرائع دينه. ألا فمن كان من شيعتنا عالما بعلومنا، و هذا الجاهل بشريعتنا- المنقطع عن مشاهدتنا يتيم في حجره، ألا فمن هداه و أرشده و علمه شريعتنا- كان معنا في الرفيق الأعلى".[1] فقوله یتیم فی حجره یفید اكثر من بيان الاحكام و اصدار الفتوى. فاليتيم في حجر قيمه يشمله ولاية القيم في جميع شؤونه.

وفیه: 215 و قال علي بن أبي طالب ع من كان من شيعتنا عالما بشريعتنا، و أخرج ضعفاء شيعتنا من ظلمة جهلهم- إلى نور العلم الذي حبوناه [به‌] جاء يوم القيامة و على رأسه تاج من نور- يضي‌ء لأهل جميع تلك العرصات، و [عليه‌] حلة لا يقوم لأقل سلك منها الدنيا بحذافيرها.

ثم ينادي مناد [من عند الله‌]: يا عباد الله- هذا عالم من بعض تلامذة آل محمد ألا فمن أخرجه في الدنيا من حيرة جهله- فليتشبث بنوره، ليخرجه من حيرة ظلمة هذه العرصات إلى نزة الجنان.

فيخرج كل من كان علمه في الدنيا خيرا، أو فتح عن قلبه من الجهل قفلا، أو أوضح له عن شبهة[2]

قال: «و قال عليّ عليه السلام: من كان من شيعتنا عالما بشريعتنا فأخرج ضعفاء شيعتنا من ظلمة جهلهم إلى نور العلم الذي حبوناه به، جاء يوم القيامة و على رأسه تاج من نور يضي‌ء لأهل تلك العرصات».[3] کذلک اخراج الشیعة من ظلمة الجهل وحيرته و غيرها من التعابير حاكية عن شيء اكثر من مجرد الفتوى بل يحتاج الى عملية اقوى منها.

216 قال ع و حضرت امرأة عند الصديقة فاطمة الزهراء ع فقالت: إن لي والدة ضعيفة- و قد لبس عليها في أمر صلاتها شي‌ء، و قد بعثتني إليك أسألك. فأجابتها فاطمة ع عن ذلك، ثم ثنت، فأجابت، ثم ثلثت [فأجابت‌] إلى أن عشرت فأجابت، ثم خجلت من الكثرة، فقالت: لا أشق عليك يا بنت رسول الله. قالت فاطمة ع: هاتي و سلي عما بدا لك، أ رأيت من اكترى يوما يصعد إلى سطح بحمل ثقيل، و كرائه مائة ألف دينار، أ يثقل عليه فقالت: لا. فقالت: اكتريت أنا لكل مسألة- بأكثر من مل‌ء ما بين الثرى إلى العرش لؤلؤا فأحرى أن لا يثقل علي، سمعت أبي [رسول الله‌] ص يقول: إن علماء شيعتنا يحشرون، فيخلع عليهم من خلع الكرامات- على قدر كثرة علومهم، و جدهم في إرشاد عباد الله، حتى يخلع على الواحد منهم- ألف ألف خلعة من نور. ثم ينادي منادي ربنا عز و جل: أيها الكافلون لأيتام آل محمد، الناعشون لهم عند انقطاعهم عن آبائهم- الذين هم أئمتهم، هؤلاء تلامذتكم- و الأيتام الذين كفلتموهم و نعشتموهم- فاخلعوا عليهم [كما خلعتموهم‌] خلع العلوم في الدنيا. فيخلعون على كل واحد من أولئك الأيتام- على قدر ما أخذوا عنهم من العلوم حتى أن فيهم- يعني في الأيتام- لمن يخلع عليه مائة ألف خلعة و كذلك يخلع هؤلاء الأيتام على من تعلم منهم.

ثم إن الله تعالى يقول: أعيدوا على هؤلاء العلماء- الكافلين للأيتام حتى تتموا لهم خلعهم، و تضعفوها. فيتم لهم ما كان لهم قبل أن يخلعوا عليهم، و يضاعف لهم، و كذلك من بمرتبتهم ممن يخلع عليه على مرتبتهم. و قالت فاطمة ع: يا أمة الله- إن سلكا من تلك الخلع- لأفضل مما طلعت عليه الشمس ألف ألف مرة، و ما فضل فإنه مشوب بالتنغيص و الكدر".[4]

هکذا اتصافهم بقوله: " أيها الكافلون لأيتام آل محمد، الناعشون لهم عند انقطاعهم عن آبائهم" تعبیر عن عملیة تربوية جامعة وهي لا تتم الا بنوع من الولاية على المربى.

217 قال الحسن بن علي ع فضل كافل يتيم آل محمد، المنقطع عن مواليه الناشب في تيه الجهل- يخرجه من جهله، و يوضح له ما اشتبه عليه- على [فضل‌] كافل يتيم يطعمه و يسقيه- كفضل الشمس على السها". وقس على ما مضى هذا الحديث.[5]

218 و قال الحسين بن علي ع: من كفل لنا يتيما قطعته عنا محنتنا باستتارنا فواساه من علومنا التي سقطت إليه- حتى أرشده و هداه، قال الله عز و جل له: يا أيها العبد الكريم المواسي- إني أولى بالكرم اجعلوا له يا ملائكتي في الجنان بعدد كل حرف حرف علّمه ألف ألف قصر و ضموا إليها ما يليق بها من سائر النعم".[6]

وهذاالحدیث ایضا يجعل العالم مكان ائمة الهدى عليهم السلام المنقطعة عن شيعتهم بكفالته للشيعة.

219 و قال علي بن الحسين ع أوحى الله تعالى إلى موسى ع حببني إلى خلقي، و حبب خلقي إلي. قال: يا رب كيف أفعل قال: ذكرهم آلائي و نعمائي ليحبوني، فلئن ترد آبقا عن بابي، أو ضالا عن فنائي، أفضل لك من عبادة مائة سنة بصيام نهارها و قيام ليلها. قال موسى ع: و من هذا العبد الآبق منك قال: العاصي المتمرد. قال: فمن الضال عن فنائك قال: الجاهل بإمام زمانه تعرفه، و الغائب عنه بعد ما عرفه، الجاهل بشريعة دينه تعرفه شريعته، و ما يعبد به ربه، و يتوصل [به‌] إلى مرضاته. قال علي ع: فأبشروا معاشر علماء شيعتنا بالثواب الأعظم، و الجزاء الأوفر" وهنا ایضا عملية التحبيب الذي يرى الآبق والعاصي المتمرد لیس امرا هیناٌ بل عبارئ عن مشروع تربوی توعوی ذو ابعاد مختلف اکبر بکثیر عن مجرد عرض العلم والفتوی.[7]

220 و قال محمد بن علي ع العالم كمن معه شمعة تضي‌ء للناس، فكل من أبصر بشمعته دعا له بخير، كذلك العالم معه شمعة تزيل ظلمة الجهل و الحيرة. فكل من أضاءت له فخرج بها من حيرة- أو نجا بها من جهل، فهو من عتقائه من النار، و الله يعوضه عن ذلك بكل شعرة لمن أعتقه- ما هو أفضل [له‌] من الصدقة بمائة ألف قنطار- على غير الوجه الذي أمر الله عز و جل به، بل تلك الصدقة وبال على صاحبها، لكن يعطيه الله ما هو أفضل من مائة ألف ركعة- بين يدي الكعبة" وقس هذا الحديث على سابقه[8]

221 و قال جعفر بن محمد ع [علماء] شيعتنا مرابطون في الثغر- الذي يلي إبليس و عفاريته، يمنعونهم عن الخروج على ضعفاء شيعتنا، و عن أن يتسلط عليهم إبليس و شيعته النواصب.ألا فمن انتصب لذلك من شيعتنا كان أفضل ممن جاهد الروم و الترك و الخزر ألف ألف مرة، لأنه يدفع عن أديان محبينا، و ذلك يدفع عن أبدانهم". هذه المرابطة كانت ان الاهمية الى درجة فاق عن جهاد الروم والترك الذي كان مثلا لاصعب جهاد خطورةً.[9]

222 و قال موسى بن جعفر ع فقيه واحد ينقذ يتيما من أيتامنا- المنقطعين عنا و عن مشاهدتنا بتعليم ما هو محتاج إليه، أشد على إبليس من ألف عابد. لأن العابد همه ذات نفسه فقط، و هذا همه مع ذات نفسه ذات عباد الله و إمائه لينقذهم من يد إبليس و مردته. و لذلك هو أفضل عند الله من ألف ألف عابد". فتآمل فی معنى إنقاذ اليتيم المنقطع عن اهل البيت عليهم السلام.[10]

223 و قال علي بن موسى الرضا ع يقال للعابد يوم القيامة: نعم الرجل كنت همتك ذات نفسك، و كفيت الناس مئونتك، فادخل الجنة. إلا أن الفقيه من أفاض على الناس خيره، و أنقذهم من أعدائهم، و وفر عليهم نعم جنان الله، و حصل لهم رضوان الله تعالى. و يقال للفقيه: يا أيها الكافل لأيتام آل محمد، الهادي لضعفاء محبيه و مواليه قف حتى تشفع لكل من أخذ عنك أو تعلم منك.

فيقف، فيدخل الجنة و معه فئاما و فئاما حتى قال عشرا- و هم الذين أخذوا عنه علومه، و أخذوا عمن أخذ عنه إلى يوم القيامة، فانظروا كم فرق ما بين المنزلتين" فالفقيه كافل ومنقذ لايتام آل محمد عليهم السلام.[11]

224 و قال محمد بن علي ع إن من تكفل بأيتام آل محمد المنقطعين عن إمامهم، المتحيرين في جهلهم، الأسراء في أيدي شياطينهم، و في أيدي النواصب من أعدائنا، فاستنقذهم منهم، و أخرجهم من حيرتهم، و قهر الشياطين برد وساوسهم و قهر الناصبين بحجج ربهم، و دليل أئمتهم، ليفضلون عند الله تعالى على العابد- بأفضل المواقع بأكثر من فضل السماء على الأرض، و العرش و الكرسي و الحجب [على السماء] و فضلهم على هذا العابد كفضل القمر ليلة البدر على أخفى كوكب في السماء" . فتآمل فی انقاذ الاسراء في ايدي الاعداء والشياطين وقهر الناصبين.[12]

225 و قال علي بن محمد ع لو لا من يبقى بعد غيبة قائمكم ع من العلماء الداعين إليه و الدالين عليه، و الذابين عن دينه بحجج الله، و المنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس و مردته، و من فخاخ النواصب لما بقي أحد إلا ارتد عن دين الله، و لكنهم الذين يمسكون أزمة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكانها- أولئك هم الأفضلون عند الله عزوجل". الیس انقاذ الضعفاء من شباك إبليس و فخاخ النواصب وامساك قلوب الضعفاء كما يمسك سكان السفينة امرا شاملا صعبا معقداٌ؟[13]

226 و قال الحسن بن علي ع: يأتي علماء شيعتنا القوامون لضعفاء محبينا و أهل ولايتنا يوم القيامة، و الأنوار تسطع من تيجانهم، على رأس كل واحد منهم تاج بهاء، قد انبثت تلك الأنوار في عرصات القيامة- و دورها مسيرة ثلاثمائة ألف سنة. فشعاع تيجانهم ينبث فيها كلها، فلا يبقى هناك يتيم قد كفلوه، و من ظلمة الجهل أنقذوه و من حيرة التيه أخرجوه، إلا تعلق بشعبة من أنوارهم، فرفعتهم إلى العلو حتى يحاذي بهم فوق الجنان. ثم تنزلهم على منازلهم- المعدة في جوار أستاديهم و معلميهم، و بحضرة أئمتهم الذين كانوا يدعون إليهم. و لا يبقى ناصب من النواصب يصيبه من شعاع تلك التيجان إلا عميت عيناه و صمت أذناه و أخرس لسانه، و يحول عليه أشد من لهب النيران، فيحملهم حتى يدفعهم إلى الزبانية، فيدعوهم إِلى‌ سَواءِ الْجَحِيمِ. و أما قوله عز و جل: وَ الْمَساكِينِ فهو من سكن الضر و الفقر حركته. إلا فمن واساهم بحواشي ماله، وسع الله عليه جنانه، و أناله غفرانه و رضوانه". فعبر عن العلماط بانهم قوامون لضعفاء محبيهم واهل ولايتهم. والقوّام هو الذی یکون قوام المحبین بیده.[14]

ثم فتح فصلا تحت عنوان: [في أن المسكين الحقيقي مساكين الشيعة الضعفاء في مقابلة أعدائهم:][15] وفی هذا الفصل ایضا ذکر روایات تفید نفس المعنی بل بعضها ادل واوضح علی دور العالم فی الذب عن کیان المسلمین و تقویتهم فی قبال المستکبرین نستغنی من ذكرها حرصا على الاختصار فنشیر غداٌ علی سائر الادلة ان شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo