< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

40/07/17

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: إثبات مبدأ ولایة الفقیه /کتاب الامر بالمعروف و النهی عن المنکر الأمر بالمعروف

قد ذكرنا ما روي في الاحتجاج بتفصيله ولم نجد مجالا للبحث حول السنى والدلالة واليوم نريد أن نقف عندها:

اما السند فهي مرسلة لا تتم لها الحجية.

واما الدلالة فتقريب الاستدلال بها: انها تشتمل على مقارنة بين العلماء السوء والعلماء العدول فيحذر الناس عن اتباع العلماء السوء ويحرضهم على التمسك بالعلماء العدول كما يتوقف الاستدلال بها على ان نقول ان التقليد فيها بمعنى الاتباع والطاعة لا مجرد اخذ الفتوى في الاحكام الكلية الالهية كما هو المصطلح في الفقه عندنا.

ولكنّ الإنصاف انّ هذا الحديث صياغه في الاتباع بمعنى اتّخاذ الرأي و اتخاذهم اياهم كمراشد في دينهم و ديدنهم في الحياة السلوكيّة لا اتّخاذهم حكاماً وملوكاً وقوّاداً وهذا امر يستشف بوضوح من خلال التأمل في المفردات المستعملة في هذا الحديث.

لأنّه أولاً: علماء اليهود وعلماء المسلمين في عصر النبي صلوات الله عليه و كذا في عصر الصادق سلام الله عليه لم يكونوا حكّاماً وانما كانوا مراشد ولم تكن اوامرها مولويّة و بل كانت ارشادية في المقيس والمقيس عليه كما انّ صياغ الآية المبحوث عنها ظاهر في عرض الموضوعات بعنوان ما عند الله، قال تعالى: ﴿"وَ مِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ . فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هٰذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَ وَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ"﴾.[1]

ثانياً: ورد فيه: "إِنَّ عَوَامَّ الْيَهُودِ كَانُوا قَدْ عَرَفُوا عُلَمَاءَهُمْ بِالْكَذِبِ الصِّرَاحِ وَ بِأَكْلِ الْحَرَامِ وَ الرِّشَاءِ" ثم ذكر عدة من المحرمات حتى قال: "وَ اضْطُرُّوا بِمَعَارِفِ قُلُوبِهِمْ إِلَى أَنَّ مَنْ فَعَلَ مَا يَفْعَلُونَهُ فَهُوَ فَاسِقٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَدَّقَ عَلَى اللَّهِ وَ لَا عَلَى الْوَسَائِطِ بَيْنَ الْخَلْقِ وَ بَيْنَ اللَّهِ فَلِذَلِكَ ذَمَّهُمْ لَمَّا قَلَّدُوا مَنْ قَدْ عَرَفُوهُ وَ مَنْ قَدْ عَلِمُوا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَبُولُ خَبَرِهِ وَ لَا تَصْدِيقُهُ فِي حِكَايَتِهِ وَ لَا الْعَمَلُ بِمَا يُؤَدِّيهِ إِلَيْهِمْ عَمَّنْ لَمْ يُشَاهِدُوهُ".[2] وهذه العبارات تفيد بوضوح عدم جواز الاستفتاء منهم.

ثالثاً: قوله عليه السلام: "فَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنَ الْفُقَهَاءِ صَائِناً لِنَفْسِهِ حَافِظاً لِدِينِهِ مُخَالِفاً عَلَى هَوَاهُ مُطِيعاً لِأَمْرِ مَوْلَاهُ فَلِلْعَوَامِّ أَنْ يُقَلِّدُوهُ وَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْضَ فُقَهَاءِ الشِّيعَةِ لَا جَمِيعَهُمْ فَإِنَّهُ مَنْ رَكِبَ مِنَ الْقَبَائِحِ وَ الْفَوَاحِشِ مَرَاكِبَ فَسَقَةِ الْعَامَّةِ فَلَا تَقْبَلُوا مِنَّا عَنْهُ شَيْئاً وَ لَا كَرَامَةَ وَ إِنَّمَا كَثُرَ التَّخْلِيطُ فِيمَا يُحْتَمَلُ عَنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ لِذَلِكَ لِأَنَّ الْفَسَقَةَ يَتَحَمَّلُونَ عَنَّا فَيُحَرِّفُونَهُ بِأَسْرِهِ بِجَهْلِهِمْ وَ يَضَعُونَ الْأَشْيَاءَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهَا لِقِلَّةِ مَعْرِفَتِهِمْ وَ آخَرُونَ يَتَعَمَّدُونَ الْكَذِبَ عَلَيْنَا لِيَجُرُّوا مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا مَا هُوَ زَادُهُمْ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ وَ مِنْهُمْ قَوْمٌ نُصَّابٌ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى الْقَدْحِ فِينَا يَتَعَلَّمُونَ بَعْضَ عُلُومِنَا الصَّحِيحَةِ فَيَتَوَجَّهُونَ بِهِ عِنْدَ شِيعَتِنَا وَ يَنْتَقِصُونَ بِنَا عِنْدَ نُصَّابِنَا ثُمَّ يُضِيفُونَ إِلَيْهِ أَضْعَافَهُ وَ أَضْعَافَ أَضْعَافِهِ مِنَ الْأَكَاذِيبِ عَلَيْنَا الَّتِي نَحْنُ بِرَاءٌ مِنْهَا فَيَتَقَبَّلُهُ الْمُسْتَسْلِمُونَ مِنْ شِيعَتِنَا عَلَى أَنَّهُ مِنْ عُلُومِنَا فَضَلُّوا وَ أَضَلُّوا"[3] ففي هذه العبارات بعد ما اجاز التقليد عن الفقيه الصائن لنفسه الى آخره يحرِّم قبول ما يرويه الفساق من العلماء عن اهل البيت عليهم السلام ثم يعطف عليهم من فيه ملاك عدم الوثوق به ممن يكون فاسقا او من يحرف الكلم لقلة معرفته او من يتعمد الكذب عليهم للوصول الى عرض الدنيا، او من يكون معادياً لأهل البيت عليهم السلام، وهو يتعلم بعض علومهم الصحيحة فينافق و يحصل على الوجاهة عند الشيعة وينتقص بهم عليهم السلام عند اعدائهم بما يضيف الى علومهم من الاكاذيب و يضلون الشيعة المستسلمين ايضاً.

وقد ورد في ذيل الحديث قوله: "ثُمَّ قَالَ قِيلَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع: مَنْ خَيْرُ خَلْقِ اللَّهِ بَعْدَ أَئِمَّةِ الْهُدَى وَ مَصَابِيحِ الدُّجَى؟ قَالَ الْعُلَمَاءُ إِذَا صَلَحُوا قِيلَ فَمَنْ شِرَارُ خَلْقِ اللَّهِ بَعْدَ إِبْلِيسَ وَ فِرْعَوْنَ وَ نُمْرُودَ وَ بَعْدَ الْمُتَسَمِّينَ بِأَسْمَائِكُمْ وَ الْمُتَلَقِّبِينَ بِأَلْقَابِكُمْ- وَ الْآخِذِينَ لِأَمْكِنَتِكُمْ وَ الْمُتَأَمِّرِينَ فِي مَمَالِكِكُمْ-؟ قَالَ الْعُلَمَاءُ إِذَا فَسَدُوا هُمُ الْمُظْهِرُونَ لِلْأَبَاطِيلِ الْكَاتِمُونَ لِلْحَقَائِقِ وَ فِيهِمْ قَالَ اللَّهُ عَزَّوَجَلَّ أُولٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللّٰهُ وَ يَلْعَنُهُمُ اللّٰاعِنُونَ إِلَّا الَّذِينَ تٰابُوا الْآيَةَ‌"[4]

وقد ذكر النراقي في عوائد الايام هذا المقطع من الحديث لمجرد بيان شأن الفقهاء من دون ان يستدل بها لخصوص الولاية العامة لهم و مثله الامام الخميني رضوان الله عليه.

[1] السورة القرة، الآیة 78 و 79.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo