< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

40/06/20

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: روایات إثبات مبدأ ولایة الفقیه /کتاب الامر بالمعروف و النهی عن المنکر الأمر بالمعروف

قبل متابعة البحث أودّ بمناسبة ذكرى مولد حبيبتنا وحبيبة رسول الله فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، أن أتقدم الى مولانا امير المؤمنين عليه السلام الذي نحن متنعمون بجواره و والى إمامنا الحجّة الذي نعيش تحت ظلاله و إلى مراجعنا العظام و انتم سادة الفضلاء الحضور بأحرّ التهاني والتبريكات و نسأل الله أن يوفّقنا لإزدياد محبتها وولائها و يسلك بنا مسلكها والنيل بشفاعتها. فنتبرك بذكر بعض ما ورد في شأنها:

عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « تُحشر ابنتي فاطمة وعليها حلّة الكرامة قد عجنت بماء الحيوان ، فينظر اليها الخلائق فيتعجبون منها ، ثم تكسى أيضاً من حلل الجنة ألف حُلّة ، مكتوب على كلِّ حلّة بخط أخضر : أدخِلوا بنت محمد الجنّة على أحسن الصورة ، واحسن الكرامة ، وأحسن منظر.. »[1] بما ان في هذه الدنيا الكمالات النفسية خفية عن ابصارنا اسماعنا وكذلك الرذائل و يوم القيامة يوم تبلى فيه السرائر فلعل الحلى المذكورة في هذا الحديث وامثاله هي تجلي تلك الكمالات المكنونة في الآخرة

وعن عائشة انها قالت: (ما رأيت أحداً كان أشبه سمتاً ، وهدياً ودلاً.. وحديثاً وكلاماً برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من فاطمة كرّم الله وجهها )[2] وقالت ايضاً: ( كانت إذا دخلت عليه قام إليها ، فأخذ بيدها ، فقبّلها ، وأجلسها في مجلسه... )[3]

قال جابر للباقر (عليه السلام) : جعلت فداك يا بن رسول الله .. حدثني بحديث في فضل جدتك فاطمة إذا أنا حدثت به الشيعة فرحوا بذلك .. قال الباقر (عليه السلام) :... فإذا صارت عند باب الجنة تلتفت فيقول الله : يا بنت حبيبي .. ما التفاتك وقد أمرت بكِ إلى جنتي ؟ فتقول : يا رب أحببت أن يُعرف قدري في مثل هذا اليوم، فيقول الله : يا بنت حبيبي .. إرجعي فانظري من كان في قلبه حبّ لكِ أو لأحد من ذريتك ، خذي بيده فأدخليه الجنة . والله يا جابر إنها ذلك اليوم لتلتقط شيعتها ومحبيها ، كما يلتقط الطير الحب الجيد من الحب الرديء فإذا صار شيعتها معها عند باب الجنة ، يلقي الله في قلوبهم أن يلتفتوا فإذا التفتوا فيقول الله عز وجل : يا أحبائي ما التفاتكم وقد شفعت فيكم فاطمة بنت حبيبي؟ فيقولون : يا رب أحببنا أن يعرف قدرنا في مثل هذا اليوم . فيقول الله : يا أحبائي ارجعوا وانظروا من أحبكم لحب فاطمة إنظروا من أطعمكم لحب فاطمة.. انظروا من كساكم لحب فاطمة .. انظروا من سقاكم شربة في حب فاطمة.. انظروا من رد عنكم غيبة في حب فاطمة .. خذوا بيده وأدخلوه الجنة .

قال الباقر (عليه السلام) : والله لا يبقى في الناس إلا شاك أو كافر أو منافق ، فإذا صاروا بين الطبقات نادوا كما قال الله تعالى : { فما لنا من شافعين ، ولا صديق حميم }.. فيقولون : { فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين } . قال الباقر (عليه السلام) : هيهات هيهات منعوا ما طلبوا { ولو رُدّوا لعادوا لما نُهوا عنه وإنهم لكاذبون }.[4]

كان بحثنا فيما رواه الكليني بأسناده عن سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: "اتَّقُوا الْحُكُومَةَ- فَإِنَّ الْحُكُومَةَ إِنَّمَا هِيَ لِلْإِمَامِ الْعَالِمِ بِالْقَضَاءِ- الْعَادِلِ فِي الْمُسْلِمِينَ لِنَبِيٍّ أَوْ وَصِيِّ نَبِيٍّ".[5]

وقد ناقشنا سنده و قلنا ان هذه الرواية على ما ورد في الفقيه سندها صحيح لا نقاش فيه.

واشرنا الى دلالتها على المقصود ولكن لم يكن مجال لأشباع البحث فاليوم نعيد الكلام في الدلالة فنقول: ففي هذه الرواية المباركة جهات من الاستدلال.

فاولاً: فيها التحذير من الحكومات وعدم الاعتراف بها ومن ناحية أخرى نعرف ان الانسان خلق مدني لا يستطيع ان يداوم على حياته الا في ضمن المجتمع والمجتمع يحتاج الى نظام و حكومة تنسق بين ابنائها فاذا رفضنا الحكومات القائمة على وجه غير شرعي فلا يمكن للشارع الحكيم ان يجعل الناس مهملين، و حكومة الفقهاء الذين هم عالمون بمذاق الشريعة و احكامها هي القدر المتيقن ممن الحكومة المشروعة وهم الذين يجوز لهم التصدي لهذه المشكلة. هذا مما يستفاد من العقد السلبي من الحديث.

ثانياً: وفي العقد الإيجابي قال: "إِنَّمَا هِيَ لِلْإِمَامِ الْعَالِمِ بِالْقَضَاءِ- الْعَادِلِ فِي الْمُسْلِمِينَ" فجعل الحكومة حصر للْإِمَامِ الْعَالِمِ بِالْقَضَاءِ الْعَادِلِ فِي الْمُسْلِمِينَ. فهذا العنوان يشمل من جمع فيه العلم بالقضاء والعدالة في المسلمين، ثم ذكر المصداق لهذا العنوان العام فقال:"لِنَبِيٍّ أَوْ وَصِيِّ نَبِيٍّ"، فلابد من القول بان المراد من وصي نبي اعم من الائمة المعصومين عليهم السلام لانّنا نعرف ان الولاة المنصوبون للبلاد المختلفة في عصر النبي صلوات الله عليه واله و المنصوبون من قبل علي عليه السلام لم يكونا انبياء ولا الأشقياء فهم كانوا من الشق الثالث و هم الاوصياء الذين أوصاهم النبي او الامام بالحكومة و فهم اوصياء النبي مع الواسطة و وصي الوصي وصي، كما أن الفقهاء بالأدلة التي وردت في باب القضاء واجماع الشيعة بل المسلمين هم المخول اليهم القضاء فجواز القضاء للفقيه العادل كذلك يجعله مصداقاً للوصي و اذا ثبت كون الفقهاء وصيا للنبي فلهم ما للنبي من الشؤون التي يمكن ايصائها الى الغير وهو واجب تعليم الناس المعارف والشرائع وتربيتهم عليها و كذلك اقامة العدل في المجتمع و انفاذ احكام الله فيهم وتطبيق الشريعة بمقدار الميسور على ساحة المجتمع. و هي تشمل كل الوظائف التي تكون في الحكومة لادارة شؤون المجتمع و رفع حاجاتهم، وقد لخّص امير المؤمنين وظائف الحكومة في مجالات اربعة في مقدمة عهده لمالك الاشتر، فقال: "هَذَا مَا أَمَرَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مَالِكَ بْنَ الْحَارِثِ الْأَشْتَرَ فِي عَهْدِهِ إِلَيْهِ حِينَ وَلَّاهُ مِصْرَ جِبْايَةَ خَرَاجِهَا وَ جِهَادَ عَدُوِّهَا وَ اسْتِصْلَاحَ أَهْلِهَا وَ عِمَارَةَ بِلَادِهَا"[6] اي تهيئة ميزانية الحكومة و تأمين البلاد والعباد و تربية الناس في المجالاة الثقافية والاقتصادية والمهنية وتكنولوجيا و عمارة الشوارع والطرق وانشاء وصيانة ما تتعلق بحاجات المجتمع من الدوائر الحكومية و المنشآت الاساسية والبنى التحتيّة وغيرها من ما يتعلق بعمران البلاد.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo