< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

40/06/04

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: روایات إثبات ولایة الفقیه /کتاب الامر بالمعروف و النهی عن المنکر الأمر بالمعروف

كان كلامنا في الروايات التي استندوا اليها لإثبات ولاية الفقيه ومما ذكرنا هو توقيع المبارك التي قرأنا نصه بتمامه على أسماعكم من كمال الدين للصدوق في الجلسة الماضية، وقد رواه في الوسائل منه موضع الحاجة في هذا البحث واليك نصه: (وَ فِي كِتَابِ إِكْمَالِ الدِّينِ وَ إِتْمَامِ النِّعْمَةِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِصَامٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَعْقُوبَ قَالَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ الْعَمْرِيَّ أَنْ يُوصِلَ لِي كِتَاباً- قَدْ سَأَلْتُ فِيهِ عَنْ مَسَائِلَ أَشْكَلَتْ عَلَيَّ فَوَرَدَ التَّوْقِيعُ بِخَطِّ مَوْلَانَا صَاحِبِ الزَّمَانِ ع:- "أَمَّا مَا سَأَلْتَ عَنْهُ أَرْشَدَكَ اللَّهُ وَ ثَبَّتَكَ، إِلَى أَنْ قَالَ:- "وَ أَمَّا الْحَوَادِثُ الْوَاقِعَةُ فَارْجِعُوا فِيهَا إِلَى رُوَاةِ حَدِيثِنَا- فَإِنَّهُمْ حُجَّتِي عَلَيْكُمْ وَ أَنَا حُجَّةُ اللَّهِ- وَ أَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَمْرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَ عَنْ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ فَإِنَّهُ ثِقَتِي وَ كِتَابُهُ كِتَابِي". وَ رَوَاهُ الشَّيْخُ فِي كِتَابِ الْغَيْبَةِ عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُولَوَيْهِ وَ أَبِي غَالِبٍ الزُّرَارِيِّ وَ غَيْرِهِمَا كُلِّهِمْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ وَ رَوَاهُ الطَّبْرِسِيُّ فِي الْإِحْتِجَاجِ مِثْلَهُ.[1]

في سند الصدوق محمد بن محمد بن عصام لم يذكر في الرجال فهو مجهول، كما في السند اسحاق بن يعقوب، فهو ايضاً ما ذكروه اصحاب الرجال فهو مجهول، نعم هناك اسحاق بن يزيد ابو يعقوب و قد وثقه النجاشي ولكنه يروي عن ابي عبد الله عليه السلام و اسحاقنا هنا كان يعيش في غيبة الصغري فلا يمكن ان نطبّقه على ابي يعقوب. فلا يمكن اخراجه عن الجهالة.

اما سند الشيخ في كتاب الغيبة فيمكن تصحيحه لانّ –الجماعة- يوثّق بها و جعفر بن محمد بن قولويه هو صاحب كامل الزيارات المعروف بوثاقته حتى جعلوا توثيقه العام حجة، واما ابو غالب الزراري فقال فيه النجاشي: (احمد بن محمد بن سليمان بن الحسن بن البكير بن أعين بن سنسن الزراري الكوفي نزيل بغداد يكنى أبا غالب جليل القدر كثير الرواية ثقة روى عنه التلعكبري و سمع منه سنة اربعين و ثلاثمائة الخ) وقال الشيخ فيه بعد ذكر اسمه بتفصيل الذي ذكرنا عن النجاشي: (وهم البكريون وبذلك كان يعرف الى ان خرج توقيع من أبي محمد عليهما السلام فيه ذكر ابي طاهر الزراري "فأما الزراري رعاه الله" فذكروا انفسهم بذلك وكان شيخ اصحابنا في عصره و اُستادهم و بقيتهم (نسخة فقيههم ونسخة نقيبهم) و صنف كتباً منها الخ) وقال النجاشي مرة اخرى فيه: (و كان ابو غالب شيخ العصابة في زمنه و وجههم).

انما الاشكال في السند هو اسحاق بن يعقوب راوي الحديث عن الامام عليه السلام، فانّه لم يأت له ذكر في الرجال، و لكن رواية الكليني عنه في مثل هذا الموضوع المهم قد يوجب الاعتماد به وبعبارة اخرى نقْل الكليني ثابت عنه، و اعتماد الشيخ والصدوق على هذه الرواية يلوح عنه وثوقهم بصدور التوقيع عنه عليه السلام فمن يحصل الإطميان عنده بالصدور فهو حجة له فسنده جيد لا نقاش فيه عنده. والا فيدنا قاصرة عن هذا التوقيع. فإن الشيخ رواه عن ابن قولويه وابي غالب وغيرهما كلهم عن محمد بن يعقوب. انما استغرب بعض ان هذا الحديث أن كان من الكليني فلماذا لم يذكره في الكافي؟ ولكنه مجرد استغراب فانه قد غفل عن ذكره في الكافي او سقط عن نسخة الناسخين.

بعد ما اكملت البحث عن السند وجدت كتابا باسم ولاية الامر في عصر الغيبة لآية الله السيد كاظم الحائري اطال الله بقائه فوجدته موافقا لقولي بتفصيل لا يخلو ذكره عن الفائدة واليك نصه:

قال السيد كاظم الحائري في تصحيح السند: (سند الحديث إلى الكليني يشبه أن يكون قطعيا- كما وضّحناه في كتاب أساس الحكومة الإسلامية و في بحثنا في الأصول في حجية خبر الواحد- لأنّ الشيخ قدس سرّه يرويه عن جماعة فيهم المفيد، عن جماعة فيهم جعفر بن محمد بن قولويه و أبو غالب الزراري عن الكليني، و رواه أيضا الصدوق عن محمد بن محمد بن عصام عن الكليني.

و عيب السند عبارة عن الراوي المباشر، و هو إسحاق بن يعقوب الذي لم يترجم في كتب الرجال، و لكنه شخص حدّث الكليني بورود توقيع إليه من صاحب الزمان عجّل اللّه فرجه، و افتراء توقيع على الإمام- في ظرف غيبة الإمام و في ظرف تكون للتوقيع قيمته الخاصّة، بحيث لا يرد إلّا للثقات الخواصّ، و قدسيّته في النفوس- لا يكون إلّا من قبل خبيث رذيل، فهذا الشخص أمره دائر بين أن يكون في منتهى درجات الوثاقة أو يكون من الخبثاء و السفلة، و لا يحتمل عادة كونه متوسّطا بين الأمرين، و لو كان الثاني هو الواقع، لما أمكن عادة خفاء ذلك على الكليني مع ما هو عليه من ضبط و دقة بحث يحتمل صدقه في نقل ورود التوقيع خاصّة، و هو معاصر للغيبة الصغرى و لعصر التوقيعات. و لك أن تبرز أسلوبا آخر لتصحيح الحديث، و هو أنّ كذب إسحاق بن يعقوب لو فرض فإمّا أن يفرض في أصل التوقيع أو في‌ ‌بعض خصوصياته فإن فرض في أصل التوقيع فهو مما لا يخفى على مثل الكليني الدقيق في ضبط الأحاديث المعاصر للتوقيعات، و لا أقل من أنه كان يرتاب في صحّة هذا النقل إلى حدّ يردعه عن أن يرويه، و إن فرض في بعض خصوصياته فالتحريف في بعض خصوصيات التوقيع بعد ثبوت صدق أصل التوقيع لو احتمل بشأن الخواصّ الذين لم يكن تصدر التواقيع إلّا إليهم إنما يكون لأحد سببين: إمّا لمصلحة شخصية كبيرة في هذا التحريف دعت الراوي إلى تحريفه، و إمّا لتساهل في النقل بعد عدم الضبط الدقيق، و الأوّل لا يتصوّر في المقام لعدم تصوّر أيّ مصلحة شخصية في التحريف في ما نحن فيه لهذا الراوي، و الثاني إن كان يحتمل في النقول الشفهية لا يحتمل عادة في التوقيعات المرويّة عن الإمام صاحب الزمان في عصر يعتزّ بالتوقيع فيه و يحتفظ به.

و لك أن تقول- بغضّ النظر عن وثاقة إسحاق بن يعقوب و عدم وثاقته-: رجوع هذا التوقيع إلى عصر الكليني مقطوع به؛ لما عرفت من أنّ راويه هو الطوسي، عن جماعة منهم المفيد، عن جماعة منهم جعفر بن محمد بن قولويه و أبو غالب الزراري، عن الكليني، و احتمال تسرّب توقيع كذب إلى مثل الكليني في عصر الغيبة الصغرى و في عصر التوقيعات، و نقل الكليني إياه بعيد جدا، فليس حديث كاذب منقول عن إمام حاضر في الحالات الاعتيادية و انطلاؤه على بعض الشيعة بعيدا، لكن انطلاء توقيع كاذب عن‌ الإمام الغائب في ظرف تتلهّف الشيعة لرؤية توقيع إمامهم، و تهتمّ بطبيعة الحال بفهم صدق التوقيع و كذبه، و عدم انكشاف أمره على مثل الكليني بعيد، و افتراض أنّ الناقل يدّعي أنّ التوقيع ورد عليه بخط الإمام صاحب الزمان و مع ذلك لا يطالبه الكليني بإراءته للخطّ مع افتراض عدم وضوح صدق الراوي لدى الكليني بعيد جدّا. أمّا عدم نقل الكليني في الكافي لهذا التوقيع المهمّ فليس موهنا له؛ لأنّ الكافي كتب لعامّة الناس، فوجود مثل هذا التوقيع فيه الذي يشخّص بالاسم إنسانا ورد له التوقيع و هو إسحاق بن يعقوب غير صحيح؛ لأنّه قد يصبح و لو تحت تعذيب الأعداء سببا لمعرفة نائب الإمام الذي ورد عن طريقه التوقيع، و من المعلوم أنّ النيابة وقتئذ كانت سرّية عن الأعداء، على أنّ من المحتمل وصول هذا التوقيع إليه بعد تأليف الكافي. هذا حال سند الحديث.[2]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo