< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

40/05/26

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: التزام الفقهاء بولایة الفقیه /کتاب الامر بالمعروف و النهی عن المنکر الأمر بالمعروف

كان بحثنا تطلع في كلمات الفقهاء من القدماء والمتأخرين مما يدل على التزامهم في الجملة بولاية الفقيه وقد ذكرنا بعض مقاطع من كلمات السيد الخوئي وهو ملتزم بولاية الفقيه في الأمور الحسبيّة و هي عبارة عما لا يرضى الشارع بإهماله ولكن تعيين مصاديقها مورد للنقاش توسعة وضيقاً كما رأينا في منظر المحقق النائيني رضوان الله عليه (عدم رضى الشارع المقدس باختلال النظام و ذهاب بيضة الاسلام بل اهمية الاهتمام بالوظائف التي تعود الى نظم الدول الاسلامية من الامور الحسبية هي من اوضح القطعيات)،[1] فمع الامعان في مصاديق الحسبة لا يبقى تفاوت ملحوظ بين القول باطلاق الولاية والقول بحصرها في الحسبة اي ما لا يرضى الشارع بإهماله.

قال المرحوم السيد عبد العلى السبزواري في المهذب: (مسألة 57): حكم الحاكم الجامع للشرائط لا يجوز نقضه و لو لمجتهد آخر ؛ لظهور الإجماع، و السيرة العملية بين المجتهدين من تصديهم لتلك الأمور في جميع الأعصار و الأمصار مع وجود أعلم منهم، و لسيرة المتشرعة بالرجوع إلى المجتهدين فيها مع ذلك أيضا. ثمَّ إنّ ولاية الفقيه الجامع للشرائط في مثل هذه الأمور الدينية من مرتكزات المتشرعة، بل من فطريات أهل كلّ مذهب و ملّة الرجوع فيها إلى علماء مذهبهم، و أنّ للعلماء نحو ولاية في مثل هذه الأمور، فلا يرجعون إليهم لمجرد السؤال عن حكمها فقط، بل يرونهم أولى بالتصرف فيها، و في مثل هذا الأمر الإرتكازي للمتشرعة، لا يحتاج إلى ورود التعبد من الشارع، بل يكفي مجرد عدم الردع في هذه الأمور العامة الابتلاء في جميع الأعصار و الأزمان، فلا وجه بعد ذلك للتمسك بأصالة عدم الولاية، لأنّها ثابتة بنظر العرف. و ما ورد من الترغيب في الرجوع إلى الفقهاء «1» ورد في مورد هذا النظر العرفي، فيؤكده و يثبّته، فأصل ولاية الفقيه في الجملة مما لا ينبغي أن يبحث عنه. و الذي ينبغي البحث عنه إنّما هو في سعة الولاية- و عدم اختصاصها بمورد- إلا ما خرج بالدليل، أو أنّها تختص بموارد خاصة. و الحق أنّ هذا البحث يدور مدار سعة بسط اليد و عدمها، فالمتشرعة يرون للفقيه المبسوط اليد من الولاية ما لا يرونه لغيره. فكلّ ما زيد في بسط اليد تزداد سعة الولاية و مقتضى فطرة الأنام أنّ الفقيه الجامع للشرائط بمنزلة الإمام عليه السلام إلا ما اختص المعصوم به و ذلك يقتضي سعة الولاية إلا ما خرج بالدليل).[2]

اما دراسة للأدلة التي استدل بها فقهاءنا رضوان الله عليهم:

منها: مقبولة عمر بن حنظلة: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَنْظَلَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِنَا- بَيْنَهُمَا مُنَازَعَةٌ فِي دَيْنٍ أَوْ مِيرَاثٍ- فَتَحَاكَمَا إِلَى السُّلْطَانِ وَ إِلَى الْقُضَاةِ أَ يَحِلُّ ذَلِكَ؟ قَالَ مَنْ تَحَاكَمَ إِلَيْهِمْ فِي حَقٍّ أَوْ بَاطِلٍ- فَإِنَّمَا تَحَاكَمَ إِلَى الطَّاغُوتِ- وَ مَا يُحْكَمُ لَهُ فَإِنَّمَا يَأْخُذُ سُحْتاً- وَ إِنْ كَانَ حَقّاً ثَابِتاً‌ لَهُ- لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِحُكْمِ الطَّاغُوتِ- وَ مَا أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُكْفَرَ بِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحٰاكَمُوا إِلَى الطّٰاغُوتِ- وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ، قُلْتُ: فَكَيْفَ يَصْنَعَانِ؟ قَالَ يَنْظُرَانِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مِمَّنْ قَدْ رَوَى حَدِيثَنَا- وَ نَظَرَ فِي حَلَالِنَا وَ حَرَامِنَا وَ عَرَفَ أَحْكَامَنَا- فَلْيَرْضَوْا بِهِ حَكَماً فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُهُ عَلَيْكُمْ حَاكِماً- فَإِذَا حَكَمَ بِحُكْمِنَا فَلَمْ يُقْبَلُ مِنْهُ- فَإِنَّمَا اسْتُخِفَّ بِحُكْمِ اللَّهِ وَ عَلَيْنَا رُدَّ- وَ الرَّادُّ عَلَيْنَا الرَّادُّ عَلَى اللَّهِ- وَ هُوَ عَلَى حَدِّ الشِّرْكِ بِاللَّهِ الْحَدِيثَ)[3]

وَ رَوَاهُ الشَّيْخُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَمُّونٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى نَحْوَهُ.

اما السند: ففيه محمد بن يحيى، وهو العطّار قال فيه النجاشي: (ابو جعفر العطار القمي شيخ اصحابنا في زمانه ثقة عين كثير الحديث). واما محمد بن الحسين فهو ابن ابي الخطاب قال فيه الكشي: (كوفي ثقة من اصحاب ابى جعفر الثاني عليه السلام) وقال الشيخ فيه : (كوفي ثقة) وقال النجاشي فيه: (ابو جعفر الزيات الهمداني واسم ابي الخطاب، زيد، جليل من اصحابنا عظيم القدر كثير الرواية ثقة عين حسن التصانيف مسكون الى روايته) ثم ذكر له كتب في الكلام والفقه والحديث. وفي السند أيضاً: مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى و هو: ابن عبد الله القمي قال فيه النجاشي: (محمد بن عيسى بن عبد الله بن سعد بن مالك الأشعري ابوعلي شيخ القميين ووجه الاشاعرة مقدم عند السلطان ودخل على علي الرضا عليه السلام وسمع منه وروى عن ابي جعفر الثاني عليهما السلام الخ)

وفي السند: صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى وهو قال فيه الكشي: (بياع السابري من اصحاب أبي ابراهيم موسى بن جعفر أبي الحسن علي بن موسى صلوات الله عليهم) ثم ذكر فيه مطالب من تذكية الامام الجواد له واللعن عليه ثم رضى الامام عنه مما استفادوا منها ان الامام عليه السلام ذمه ولعنه تقية وحفظا له و انه مات في سنة عشر و مأتين في المدينة وارسل ابو جعفر عليه السلام بكفنه وحنوطه و امر اسماعيل بن موسى عليه السلام بالصلاة عليه، وهو الذي جعله الكشي من الفقهاء الستة بصحة ما يصح عنهم اجماعا وهو ويونس افقه من الاربعة من الستة الباقية وذكر انه كان وكيل الرضا عليه السلام. وقال الشيخ فيه انه : (أوثق اهل زمانه عند اهل الحديث وأعبدهم) ثم ذكر قصص من عباداته من الصلاة والصيام والزكاة والخيرات مما يدل على جلالة قدره. وقال النجاشي فيه: (ثقة ثقة عين وروى هو عن الرضا عليه السلام وكانت له عنده منزلة شريفة) ثم ذكر له قصص من حياته الحافلة بالعبادة والصالحات حتى قال: (وكان من الورع و العبادة على ما لم يكن عليه أحد من طبقته رحمه الله) ثم ذكر عدة من كتبه وتصانيفه جُلّها في ابواب مختلفة من الفقه.

فإلى هنا كل رواتها كانوا اجلاء فبقي داوود بن الحُصَين وعمر بن حنظلة فنبحث فيهما غداً انشاء الله.


[1] ترجمة كلامه في تنبيه الامة وتنزيه الملة، ص75.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo