< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

40/05/21

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: ولایة الفقیه /کتاب الامر بالمعروف و النهی عن المنکر الأمر بالمعروف

في متابعة بحثنا حول ولاية الفقيه ذكرنا بعض من اقوال فقهاءنا القدامى و المتأخرين التي كان فيها تصريح او ايعاز بولاية الفقيه فأود ان اكمل المشوار في التطلع على اقوال متأخر المتأخرين والمعاصرين ايضاً فنقول:

قد خصص المحقق النراقي العائدة 54 للبحث عن ولاية الفقيه وقال: في بدو كلامه: (اعلم أنّ الولاية من جانب اللّه سبحانه على عباده ثابتة لرسوله و أوصيائه المعصومين عليهم السلام، و هم سلاطين الأنام، و هم الملوك و الولاة و الحكّام، و بيدهم أزمّة الأمور، و سائر الناس رعاياهم و المولّى عليهم. و أما غير الرسول و أوصيائه، فلا شكّ أنّ الأصل عدم ثبوت ولاية أحد على أحد إلّا من ولّاه اللّه سبحانه، أو رسوله، أو أحد أوصيائه، على أحد في أمر. و حينئذ فيكون هو وليا على من ولّاه فيما ولّاه فيه.و الأولياء كثيرون، كالفقهاء العدول، و الآباء، و الأجداد، و الأوصياء، و الأزواج، و الموالي، و الوكلاء، فإنهم الأولياء على العوامّ، و الأولاد، و الموصى له، و الزوجات، و المماليك، و الموكّلين،)[1]

وقال في مقطع آخر من كلامه: (أنّ كلية ما للفقيه العادل تولّيه و له الولاية فيه أمران: أحدهما: كلّ ما كان للنبي و الإمام- الذين هم سلاطين الأنام و حصون الإسلام- فيه الولاية و كان لهم، فللفقيه أيضا ذلك، إلّا ما أخرجه الدليل من إجماع أو نصّ أو غيرهما. و ثانيهما: أنّ كل فعل متعلّق بأمور العباد في دينهم أو دنياهم و لا بدّ من الإتيان به و لا مفرّ منه، إما عقلا أو عادة من جهة توقف أمور المعاد أو المعاش لواحد أو جماعة عليه، و إناطة انتظام أمور الدين أو الدنيا به. أو شرعا من جهة ورود أمر به أو إجماع، أو نفي ضرر أو إضرار، أو عسر أو حرج، أو فساد على مسلم، أو دليل آخر. أو ورود الإذن فيه من الشارع و لم يجعل وظيفته لمعيّن واحد أو جماعة و لا لغير معيّن- أي واحد لا بعينه- بل علم لابدّيّة الإتيان به أو الإذن فيه، و لم يعلم المأمور به و لا المأذون فيه، فهو وظيفة الفقيه، و له التصرف فيه، و الإتيان به)[2] فهو رضوان الله عليه اثبت الولاية ببيان هذه المنفصلة ثم دخل في البحث لاختيار احد الخيارين فيها.

واما صاحب الجواهر فقال في ذيل المسألة المبحوث عنها: (و كيف كان فقد قيل و القائل الإسكافي و الشيخان و الديلمي و الفاضل و الشهيدان و المقداد و ابن فهد و الكركي و السبزواري‌ ‌و الكاشاني و غيرهم على ما حكي عن بعضهم يجوز للفقهاء العارفين بالأحكام الشرعية عن أدلتها التفصيلية العدول إقامة الحدود في حال غيبة الإمام عليه السلام كما لهم الحكم بين الناس مع الأمن من ضرر سلطان الوقت، و يجب على الناس مساعدتهم على ذلك كما يجب مساعدة الإمام عليه السلام عليه، بل هو المشهور، بل لا أجد فيه خلافا إلا ما يحكى عن ظاهر ابني زهرة و إدريس، و لم نتحققه، بل لعل المتحقق خلافه، إذ قد سمعت سابقا معقد إجماع الثاني منهما الذي يمكن اندراج الفقيه في الحكام عنهم منه، فيكون حينئذ إجماعه عليه لا على خلافه، كما أن ما في التنقيح من الحكاية عن سلار أنه جوز الإقامة ما لم يكن قتلا أو جرحا كذلك أيضا، فإن عبارته في المراسم عامة للجميع، قال فيها: فقد فوضوا عليهم السلام إلى الفقهاء إقامة الحدود و الأحكام بين الناس بعد أن لا يتعدوا واجبا، و لا يتجاوزوا حدا، و أمروا عامة الشيعة بمعاونة الفقهاء على ذلك ما استقاموا على الطريقة. فمن الغريب بعد ذلك ظهور التوقف فيه من المصنف و بعض كتب الفاضل).[3]

ويمكن رفع التغريب عن المصنف بالتشكيك في ظهور كلامه في التوقف لانه لو كان قول القيل مسبوقاً بما يخالفه او ملحوقاً بإشكال او تأمل فكان يظهر من كلامه عدم القناعة بقول القيل ولكنه ذكر القيل من دون سابق او لاحق يخالفه فلعله لم ينتسب الكلام بنفسه لملاحظة سياسية او غيرها؟.

وهو رضوان الله عليه ايضاً بعد ذكر ادلة اطلاق ولاية الفقيه قال: (بل لو لا عموم الولاية لبقي كثير من الأمور المتعلقة بشيعتهم معطلة. فمن الغريب وسوسة بعض الناس في ذلك، بل كأنه ما ذاق من طعم الفقه شيئا، ولا فهم من لحن قولهم و رموزهم أمرا).[4]

اما الشيخ الانصاري رضوان الله عليه بعد تصوير الولاية في عدة مفاهيم وبعد مناقشة الادلة قال: (على أيّ تقدير، فقد ظهر ممّا ذكرنا: أنّ ما دلّ عليه هذه الأدلّة هو ثبوت الولاية للفقيه في الأُمور التي يكون مشروعيّة إيجادها في الخارج مفروغاً عنها، بحيث لو فرض عدم الفقيه كان على الناس القيام بها كفاية. و أمّا ما يُشكّ في مشروعيّته كالحدود لغير الإمام، و تزويج الصغيرة لغير الأب و الجدّ، و ولاية المعاملة على مال الغائب بالعقد عليه و فسخ العقد الخياري عنه، و غير ذلك، فلا يثبت من تلك الأدلّة مشروعيّتها للفقيه، بل لا بدّ للفقيه من استنباط مشروعيّتها من دليلٍ آخر).[5] ففي هذا البيان اعترف بولاية الفقيه في الجملة وانما ناقش في سعتها مستندا الى الادلة النقلية المذكورة في كلامه.

قال المحقق النائيني في منية الطالب في مبحث اولياء العقد في البيع: (لا شبهة في أنّ للحاكم الّذي هو الفقيه الجامع للشرائط التصرّف في مال الصّغير و الغائب في الجملة و إنّما الكلام في أنّ جواز تصرّفه فيه هل هو من جهة الولاية العامّة الثّابتة له على قول أو لكون هذا التصرّف من شئون القضاء الثّابت له بلا خلاف‌ و توضيح ذلك أنّ للولاية مراتب ثلاث إحداها و هي المرتبة العليا مختصّة بالنّبي و أوصيائه الطّاهرين صلوات اللّٰه عليهم أجمعين و غير قابلة للتّفويض إلى أحد و اثنتان منها قابلتان للتّفويض أمّا غير القابلة فهي كونهم عليهم السّلام أولى بالمؤمنين من أنفسهم بمقتضى الآية الشّريفة النَّبِيُّ أَوْلىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ و هذه المرتبة غير قابلة للسّرقة و لا يمكن أن يتقمّص بها من لا يليق بها،

و أمّا القابلة للتفويض فقسم يرجع إلى الأمور السّياسيّة الّتي ترجع إلى نظم البلاد و انتظام أمور العباد و سدّ الثّغور و الجهاد مع الأعداء و الدّفاع عنهم و نحو ذلك ممّا يرجع إلى وظيفة الولاة و الأمراء ‌و قسم يرجع إلى الإفتاء و القضاء و كان هذان المنصبان في عصر النّبي و الأمير صلوات اللّٰه عليهما بل في عصر الخلفاء الثلاثة لطائفتين و في كل بلد أو صقع كان الوالي غير القاضي فصنف كان منصوبا لخصوص القضاء و الإفتاء و صنف كان منصوبا لإجراء الحدود و نظم البلاد و النّظر في مصالح المسلمين الخ)[6] وهو رضوان الله عليه يدخل في مناقشة الادلة و يثبت الولاية العامة للفقيه في آخر المطاف و نحن انشاء الله نذكرها بعد تطلع الاقوال في المسألة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo