< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

40/05/06

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: اقامة الحدود لمن ولاه السلطان الجائر /کتاب الامر بالمعروف و النهی عن المنکر الأمر بالمعروف

خلاصة ما استنتجناه في بحثنا حول قول المصنف: (و لو اضطره السلطان إلى إقامة الحدود جاز حينئذ إجابته ما لم يكن قتلا ظلماً فإنه لا تقية في الدماء).

إنّ ادلة التقية وردت في إخفاء الحق اذا كان اظهاره خطرا على نفس المتقي او ماله او عرضه او خطرا على سائر المسلمين حالاً او مستقبلاً، و كذا اذا اضرّ بسمعة أهل الحق او تضعيف الاسلام او المسلمين او تقوية الباطل، والإخفاء قد يكون بالسكوت وعدم اتيان الفعل عند المتقى عنه و قد يكون بإظهار قول او فعل على خلاف الحق.

فالأصل انه لا يجوز إقامة الحد الا للإمام او من ينوبه بنيابة خاصة او عامة، اما اذا اضطرّه حاكم جائر على إقامة الحد و كان المحدود مستحقاً للحد فلا يبعد جوازها،

امّا اذا كان المحدود غير مستحق للحد فلا يجوز إقامة الحد عليه ولو امر به السلطان الجائر الا اذا كان الضرر الوارد عليه في فرض عصيان الظالم اشدّ واكثر بكثير مما يرِد على المحدود و مع ذلك هو ضامن لحق المحدود من الدية او الخسارات الواردة عليه او يُرضيه بما ينجبر به الايذاء والضرر لأورد عليه، و كون الحد بأمر الظالم لا يسقط الحكم الوضعي عن المضطر. اما اذا كان الحد بالقتل لغير المستحق فلا يجوز مطلقا ولو إنتهى الى قتل المأمور بأمر الظالم.

وهكذا انّ المحدود المظلوم إن كان اجراء الحد عليه وَهْناً للإسلام او المسلمين كما اذا كان عالما مشهورا بالعلم والتقوى فلا يجوز اطاعة الظالم في اقامة الحد عليه ولو هدده الظالم بالقتل على فرض العصيان.

و نفس الملاك في الحد، جارٍ في جميع موارد التقية، ففي حق الله انما تجوز التقية تكليفاً فيما اذا كان فيها حفظ الدين او النفس او المال، له او لغيره، وامّا الحكم الوضعي من الصحة والفساد فمجال البحث فيه الى ابواب الفقه التي فيها موارد للتقية.

واما في حق الناس فإنّما تجوز التقية تكليفاً اذا كان الضرر المدفوع بها أهمّ من الضرر الحاصل عنها، واما وضعاً فالأمر المتقى به اذا صدر عن المتقي بالنسبة الى المتقى فيه بالمباشرة فهو ضامن شرعاً لجبران الضرر كما اذا كان الظالم امره بإحراق مال الغير او ضربه او قتل احشامه فأطاعه خوفاً من بطشه، فاذا كان الخطر الوارد على المتقي اكثر بكثير مما ورد على المتقي فيه فيجوز تكليفا و لكن ضامن وضعا. واما اذا لم يكن اكثر فحرام تكليفاً و ضامن وضعاً.

واما اذا كان الظالم يطلب منه شيئاً يسلطه على الغير ليقتله او يضربه او يجري عليه ضرر. كما اذا سأله عن مكانه او طلب منه السلاح واضطره على اجابته فلا بد من مقارنة الضرر التي يتحمله المتقي بتقيته من عدم اخباره بمكانه او عدم اعطائه السلاح فان كان هذا الضرر اعظم مما يرد على المتقى فيه فيجوز له الإخبار او تسليم السلاح اليه من دون ضمان لان المباشر حينئذ اقوى من السبب. وان كان الضرر التي يتحمله المتقي بتقيته اقل من الضرر التي يرد على المتقى فيه فلا يجوز مطاوعة الظالم و لكنه ليس بضامن. هذا في غير ما ينتهي الى القتل ولكن في الموارد التي مطاوعة الظالم ينتهي الى قتل المظلوم لا يجوز تكليفاً وقد ورد في الفقه احكام في الدال الى مكان مؤمن لمن اراد قتله.

بعد هذا الفرع المبحوث عنه قال المصنف: (و قيل يجوز للفقهاء العارفين إقامة الحدود في حال غيبة الإمام ع كما لهم الحكم بين الناس مع الأمن من ضرر سلطان الوقت و يجب على الناس مساعدتهم على ذلك و لا يجوز أن يتعرض لإقامة الحدود و لا للحكم بين الناس إلا عارف بالأحكام مطلع على مأخذها عارف بكيفية إيقاعها على الوجوه الشرعية).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo