< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

40/05/05

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: في امر التقية و تحليلها للمحرمات /کتاب الامر بالمعروف و النهی عن المنکر الأمر بالمعروف

كان كلامنا في مقيم الحد من ان التقية تجوز اجراء الحد الا ان يصل الى الدم فلا تقية، وذكرنا قاعدة تشمل جميع الموارد وهي المقارنة بين المتقى به ومتقى له والمتقي

كثير من الروايات التي دعت الى التقية اما باخفاء العقيدة او الانتماء الى المعصومين خوفا من القتل او التعذيب او السجن او افشاء اسرارهم، و إخفاء العقيدة و الإنتماء، قد كان بالسكوت وعدم ابداء ما يكشف عن عقيدتهم او انتمائهم، واما بالتورية او الكذب واظهار ما يخالف الحق في مجال الاعتقاد او العمل.

وإمّا كانت التقية بعدم التعرض للسلاطين وحكام الجور خوفا على أنفسهم او نفوس المسلمين غيرهم.

تعريف التقية عند الفقهاء السابقين: قال مفيد : (التقية كتمان الحق وستر الاعتقاد فيه ومكاتمة المخالفين وترك مظاهرتهم بما يعقب ضررا في الدين والدنيا).[1]

قال الشهيد في القواعد: (التقية مجاملة الناس بما يعرفون و ترك ما ينكرون حذرا من غوائلهم)[2]

شيخ الانصاري: (المراد منها هنا التحفظ عن ضرر الغير بمرافقته من قول او فعل مخالف للحق).[3]

وجل ما ورد في الآيات والروايات كان في هذين الموردين:

قال تعالى: ﴿"لاَ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْ‌ءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَ يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَ إِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾.[4]

﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَ لٰكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾.[5]

في الروايات: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: "إِنَّ مَثَلَ أَبِي طَالِبٍ مَثَلُ أَصْحَابِ الْكَهْفِ- أَسَرُّوا الْإِيمَانَ وَ أَظْهَرُوا الشِّرْكَ- فَآتَاهُمُ اللَّهُ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ.[6]

وَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ النَّاسَ يَرْوُونَ أَنَّ عَلِيّاً ع- قَالَ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ أَيُّهَا النَّاسُ- إِنَّكُمْ سَتُدْعَوْنَ إِلَى سَبِّي فَسُبُّونِي- ثُمَّ تُدْعَوْنَ إِلَى الْبَرَاءَةِ مِنِّي فَلَا تَبْرَءُوا مِنِّي- فَقَالَ مَا أَكْثَرَ مَا يَكْذِبُ النَّاسُ عَلَى عَلِيٍّ عيه السلام- ثُمَّ قَالَ إِنَّمَا قَالَ إِنَّكُمْ سَتُدْعَوْنَ إِلَى سَبِّي فَسُبُّونِي- ثُمَّ تُدْعَوْنَ إِلَى الْبَرَاءَةِ مِنِّي- وَ إِنِّي لَعَلَى دِينِ مُحَمَّدٍ ص- وَ لَمْ يَقُلْ وَ لَا تَبْرَءُوا مِنِّي- فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ‌ أَ رَأَيْتَ إِنِ اخْتَارَ الْقَتْلَ دُونَ الْبَرَاءَةِ- فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا ذَلِكَ عَلَيْهِ- وَ مَا لَهُ إِلَّا مَا مَضَى عَلَيْهِ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ- حَيْثُ أَكْرَهَهُ أَهْلُ مَكَّةَ- وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمٰانِ- فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِ إِلّٰا مَنْ أُكْرِهَ- وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمٰانِ «1»- فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ص عِنْدَهَا يَا عَمَّارُ إِنْ عَادُوا فَعُدْ- فَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عُذْرَكَ- وَ أَمَرَكَ أَنْ تَعُودَ إِنْ عَادُوا.[7]

وَ عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ جَمِيلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع مَا مُنِعَ مِيثَمٌ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنَ التَّقِيَّةِ- فَوَ اللَّهِ لَقَدْ عَلِمَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ- نَزَلَتْ فِي عَمَّارٍ وَ أَصْحَابِهِ إِلّٰا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمٰانِ.[8]

وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ زَكَرِيَّا الْمُؤْمِنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسَدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع رَجُلَانِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ أُخِذَا- فَقِيلَ لَهُمَا ابْرَأَا مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع- فَبَرِئَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَ أَبَى الْآخَرُ- فَخُلِّيَ سَبِيلُ الَّذِي بَرِئَ وَ قُتِلَ الْآخَرُ- فَقَالَ أَمَّا الَّذِي بَرِئَ فَرَجُلٌ فَقِيهٌ فِي دِينِهِ- وَ أَمَّا الَّذِي لَمْ يَبْرَأْ فَرَجُلٌ تَعَجَّلَ إِلَى الْجَنَّةِ.[9]

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ فِي قُرْبِ الْإِسْنَادِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ التَّقِيَّةَ تُرْسُ الْمُؤْمِنِ- وَ لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا تَقِيَّةَ لَهُ- فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِلّٰا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمٰانِ قَالَ وَ هَلِ التَّقِيَّةُ إِلَّا هَذَا.[10]

مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْكَشِّيُّ فِي كِتَابِ الرِّجَالِ عَنْ جَبْرَئِيلَ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ عِمْرَانَ الْمِيثَمِيِّ قَالَ سَمِعْتُ مِيثَمَ النَّهْرَوَانِيِّ يَقُولُ دَعَانِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع وَ قَالَ- كَيْفَ أَنْتَ يَا مِيثَمُ- إِذَا دَعَاكَ دَعِيُّ بَنِي أُمَيَّةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ- إِلَى الْبَرَاءَةِ مِنِّي- فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَا وَ اللَّهِ لَا أَبْرَأُ مِنْكَ- قَالَ إِذاً وَ اللَّهِ يَقْتُلُكَ وَ يَصْلِبُكَ- قُلْتُ أَصْبِرُ فَذَاكَ فِي اللَّهِ قَلِيلٌ- فَقَالَ يَا مِيثَمُ إِذاً تَكُونُ مَعِي فِي دَرَجَتِي الْحَدِيثَ.[11]

أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الطَّبْرِسِيُّ فِي الْإِحْتِجَاجِ‌ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي احْتِجَاجِهِ عَلَى بَعْضِ الْيُونَانِ قَالَ- وَ آمُرُكَ أَنْ تَصُونَ دِينَكَ- وَ عِلْمَنَا الَّذِي أَوْدَعْنَاكَ- فَلَا تُبْدِ عُلُومَنَا لِمَنْ يُقَابِلُهَا بِالْعِنَادِ- وَ لَا تُفْشِ سِرَّنَا إِلَى مَنْ يُشَنِّعُ عَلَيْنَا- وَ آمُرُكَ أَنْ تَسْتَعْمِلَ التَّقِيَّةَ فِي دِينِكَ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لٰا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكٰافِرِينَ أَوْلِيٰاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ- وَ مَنْ يَفْعَلْ ذٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّٰهِ فِي شَيْ‌ءٍ- إِلّٰا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقٰاةً - وَ قَدْ أَذِنْتُ لَكُمْ فِي تَفْضِيلِ أَعْدَائِنَا- إِنْ أَلْجَأَكَ الْخَوْفُ إِلَيْهِ- وَ فِي إِظْهَارِ الْبَرَاءَةِ إِنْ حَمَلَكَ الْوَجَلُ عَلَيْهِ- وَ فِي تَرْكِ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ- إِنْ خَشِيتَ عَلَى حُشَاشَةِ نَفْسِكَ الْآفَاتِ وَ الْعَاهَاتِ- فَإِنَّ تَفْضِيلَكَ أَعْدَاءَنَا عِنْدَ خَوْفِكَ- لَا يَنْفَعُهُمْ وَ لَا يَضُرُّنَا- وَ إِنَّ إِظْهَارَكَ بَرَاءَتَكَ مِنَّا عِنْدَ تَقِيَّتِكَ- لَا يَقْدَحُ فِينَا وَ لَا يَنْقُصُنَا- وَ لَئِنْ تَبْرَأْ مِنَّا سَاعَةً بِلِسَانِكَ وَ أَنْتَ مُوَالٍ لَنَا بِجَنَانِكَ- لِتُبْقِيَ عَلَى نَفْسِكَ رُوحَهَا الَّتِي بِهَا قِوَامُهَا- وَ مَالَهَا الَّذِي بِهِ قِيَامُهَا- وَ جَاهَهَا الَّذِي بِهِ تَمَسُّكُهَا- وَ تَصُونَ مَنْ عُرِفَ بِذَلِكَ أَوْلِيَاءَنَا وَ إِخْوَانَنَا- فَإِنَّ ذَلِكَ أَفْضَلُ مِنْ أَنْ تَتَعَرَّضَ لِلْهَلَاكِ- وَ تَنْقَطِعَ بِهِ عَنْ عَمَلٍ فِي الدِّينِ- وَ صَلَاحِ إِخْوَانِكَ الْمُؤْمِنِينَ- وَ إِيَّاكَ ثُمَّ إِيَّاكَ أَنْ تَتْرُكَ التَّقِيَّةَ الَّتِي أَمَرْتُكَ بِهَا- فَإِنَّكَ شَائِطٌ بِدَمِكَ وَ دِمَاءِ إِخْوَانِكَ- مُعَرِّضٌ لِنِعْمَتِكَ وَ نِعْمَتِهِمْ لِلزَّوَالِ- مُذِلٌّ لَهُمْ فِي أَيْدِي أَعْدَاءِ دِينِ اللَّهِ- وَ قَدْ أَمَرَكَ اللَّهُ بِإِعْزَازِهِمْ- فَإِنَّكَ إِنْ خَالَفْتَ وَصِيَّتِي- كَانَ ضَرَرُكَ عَلَى إِخْوَانِكَ وَ نَفْسِكَ- أَشَدَّ مِنْ ضَرَرِ النَّاصِبِ لَنَا الْكَافِرِ بِنَا).[12]

مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُفِيدُ فِي الْإِرْشَادِ قَالَ اسْتَفَاضَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنَّهُ قَالَ: سَتُعْرَضُونَ مِنْ بَعْدِي عَلَى سَبِّي فَسُبُّونِي- فَمَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ الْبَرَاءَةُ مِنِّي فَلْيَمْدُدْ عُنُقَهُ- فَإِنْ بَرِئَ مِنِّي فَلَا دُنْيَا لَهُ وَ لَا آخِرَةَ.[13]

و قال عليه السلام: "ليس منا من لم يلتزم التقية و يصوننا عن سفلة الرعية"[14]

وقال الصادق عليه السلام لسفيان بن سعيد: "يا سفيان من استعمل التقية في دين الله فقد تسنم الذروة العليا من العز"[15]

وقال لسليمان بن خالد: "يا سليمان انكم على دين من كتمه أعزه الله ومن أذاعه أذله الله".[16]

كل هذه الروايات كانت حول الكتمان والسكوت ولم يتعرض فيها على الاعتداء في حق الغير بأمر الجائر، مما هو مورد البحث في كلام المصنف وسوف نتابع بحثنا في الايام القادمة انشاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo