< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

40/04/28

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: جواز إجابة الجائر لو إضطره إلی إقامة الحد/کتاب الامر بالمعروف و النهی عن المنکر الأمر بالمعروف

بعد ما بحثنا حول جواز اقامة الحدود لمن ولاه السلطان الجائر و وفاقا للمشهور و مستندا الى الادلة التي بينّاها قلنا بعدم الجواز، وكان هذا البحث في صورة عدم الاجبار. ثم ان المصنف تطرّق الى فرض اجبار الحاكم له بإقامة الحد فقال:

(و لو اضطره السلطان إلى إقامة الحدود جاز حينئذ إجابته ما لم يكن قتلا ظلماً فإنه لا تقية في الدماء).

هذه المسألة لها شقان: جواز اقامة الحد اذا اضطره السلطان، وعدم جوازها اذا انتهى الى القتل.

قال في الجواهر تعليقا لقول المصنف: (بلا خلاف أجده فيه كما اعترف به في المنتهى و محكي السرائر، بل في مجمع البرهان الظاهر الإجماع على جواز الإجابة في ذلك على الوجه المزبور)[1] الظاهر دعوى لا خلاف والاجماع تعود الى كلا الشقين.

أما الشق الاول فقد استدلوا على جواز إقامة الحد عند الاضطرار بوجوه:

الاول: الاجماع، كما يظهر من كلام الجواهر الاعتماد عليه حيث عطف سائر الادلة والمؤيدات على الاجماع بقوله {مضافاً}

الثاني: اطلاق بعض ما وردت من الروايات في باب التقية:

منها: ما عن مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: "التَّقِيَّةُ فِي كُلِّ ضَرُورَةٍ وَ صَاحِبُهَا أَعْلَمُ بِهَا حِينَ تَنْزِلُ بِهِ".[2] ربعي هو ربعي بن عبد الله وثقه الكشي والشيخ والنجاشي فالسند صحيح بلا شبهة. وكلّ من أداة العموم، والضرورة مطلقة فتشمل ما نحن فيه.

وَمنها: ما عن الكليني عَنْ علي بن ابراهيم عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ الْجُعْفِيِّ وَ مَعْمَرِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَامٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ وَ زُرَارَةَ قَالُوا: سَمِعْنَا أَبَا جَعْفَرٍ ع يَقُولُ: "التَّقِيَّةُ فِي كُلِّ شَيْ‌ءٍ يُضْطَرُّ إِلَيْهِ ابْنُ آدَمَ فَقَدْ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ". وَ رَوَاهُ الْبَرْقِيُّ فِي الْمَحَاسِنِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ وَ إِسْمَاعِيلَ الْجُعْفِيِّ وَ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا مِثْلَهُ.[3] السند صحيح اعلائي، والدلالة مثل سابقتها.

وقس عليهما غيرهما و يكفينا ما ذكرناه لمورد البحث.

الثالث: قول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَ الدَّمَ وَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَ مَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَ لاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.[4]

بدليل الاولوية او المساواة، بان نقول: انّ الله احلّ اكل الميتة للمضطر فغيرها من المحرمات ايضاً حلال فالمناط لتحليل اكل الميتة في هذه الآية هو الاضطرار فتفيد كل مضطر يجوز له ان يرتكب المحرمات للخروج عن اضطراره.

الرابع: قاعدة الاكراه وقاعدة الإضطرار: الْعَيَّاشِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَرْوَانَ الْخَرَّازِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص رُفِعَتْ عَنْ أُمَّتِي أَرْبَعُ خِصَالٍ- مَا اضْطُرُّوا إِلَيْهِ وَ مَا نَسُوا- وَ مَا أُكْرِهُوا عَلَيْهِ وَ مَا لَمْ يُطِيقُوا- وَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ قَوْلُهُ رَبَّنٰا لٰا تُؤٰاخِذْنٰا- إِنْ نَسِينٰا أَوْ أَخْطَأْنٰا- رَبَّنٰا وَ لٰا تَحْمِلْ عَلَيْنٰا إِصْراً- كَمٰا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنٰا- رَبَّنٰا وَ لٰا تُحَمِّلْنٰا مٰا لٰا طٰاقَةَ لَنٰا بِهِ وَ قَوْلُ اللَّهِ إِلّٰا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمٰانِ"[5]

مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فِي التَّوْحِيدِ وَ الْخِصَالِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ حَرِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي تِسْعَةُ أَشْيَاءَ الْخَطَأُ وَ النِّسْيَانُ- وَ مَا أُكْرِهُوا عَلَيْهِ وَ مَا لَا يَعْلَمُونَ- وَ مَا لَا يُطِيقُونَ وَ مَا اضْطُرُّوا إِلَيْهِ- وَ الْحَسَدُ وَ الطِّيَرَةُ- وَ التَّفَكُّرُ فِي الْوَسْوَسَةِ فِي الْخَلْوَةِ «الخلق» مَا لَمْ يَنْطِقُوا بِشَفَةٍ.[6] في السند يعقوب بن يزيد هو الكاتب وثقه الكشي قال: (هو ابوه ثقتان) والشيخ قال: (كثير الرواية ثقة) و قال النجاشي: (كان ثقة صدوقا) فالسند صحيح لا نقاش فيه والدلالة تفيد ان ما اكرهوا عليه وما اضطروا اليه مرفوع عقابه فهو جائز ارتكابه.

و منها: ما عن مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي دَاوُدَ الْمُسْتَرِقِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَرْوَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي أَرْبَعُ خِصَالٍ- خَطَؤُهَا وَ نِسْيَانُهَا وَ مَا أُكْرِهُوا عَلَيْهِ- وَ مَا لَمْ يُطِيقُوا وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: "رَبَّنٰا لٰا تُؤٰاخِذْنٰا إِنْ نَسِينٰا أَوْ أَخْطَأْنٰا- رَبَّنٰا وَ لٰا تَحْمِلْ عَلَيْنٰا إِصْراً- كَمٰا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنٰا- رَبَّنٰا وَ لٰا تُحَمِّلْنٰا مٰا لٰا طٰاقَةَ لَنٰا بِهِ" وَ قَوْلُهُ: "إِلّٰا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمٰانِ".[7]

وَمنها: ما رواه كليني عَنْهُ(حسين بن محمد) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ النَّهْدِيِّ رَفَعَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص وُضِعَ عَنْ أُمَّتِي تِسْعُ خِصَالٍ الْخَطَأُ وَ النِّسْيَانُ- وَ مَا لَا يَعْلَمُونَ وَ مَا لَا يُطِيقُونَ- وَ مَا اضْطُرُّوا إِلَيْهِ وَ مَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ- وَ الطِّيَرَةُ وَ الْوَسْوَسَةُ فِي التَّفَكُّرِ فِي الْخَلْقِ- وَ الْحَسَدُ مَا لَمْ يَظْهَرْ بِلِسَانٍ أَوْ يَدٍ".[8] حسين بن محمد مردد بين الثقات واما محمد بن احمد النهدي قال كشي: (هو همدان القلانسي كوفي فقيه ثقة خير) وقال الغضائري: (ضعيف يروي عن الضعفاء) وقال النجاشي: (المعروف بهمدان كوفي مضطرب) وأهم منه كونها مرفوعة فالسند ساقط، ولكن الدلالة كسابقتها.

فالجواز ثابت و سوف نبحث عن موارد الاستثناء ان شاء الله


[4] سورة البقرة، الآیة 173.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo