< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

40/04/24

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: اقامة الحد بواسطة الوالي من قبل الجائر /کتاب الامر بالمعروف و النهی عن المنکر الأمر بالمعروف

كان كلامنا حول فرع الذي طرحه المصنف في ذيل كلامه في مقيم الحد فقال:

(و لو ولي وال من قبل الجائر و كان قادراً على إقامة الحدود هل له إقامتها قيل نعم بعد أن يعتقد أنه يفعل ذلك بإذن إمام الحق و قيل لا و هو أحوط). في يوم الماضي ذكرنا نصوص اقوال كبار المتقدمين من الفقهاء.

و اليك ملخص اقوالهم:

اما المفيد في المقنعة: فيستفاد من كلامه جواز اجراء الحدود و غيرها من الاحكام اذا امن من بطش السلطان. ويجب عليه اجراء الحدود وغيرها اذا عينه المتغلب اي سلطان الجور ولكن منطبقا على الشريعة الاسلامية ولم يذكر وجوب نية النيابه عن الامام عليه السلام.

واما الشيخ في النهاية: فأجاز لكل أحد في ظرف قصور اليد عن ائمة الحق، اجراء الحد على اهله ومماليكه، ولو استخلفه سلطان ظالم جاز له اجراء الحدود على الكمال و يجب على المؤمنين مساعدته في أمره. ولكن باعتقاد انه يعمل بإذن سلطان الحق.

والعجب من الجواهر انه نسب الى محكي الشيخ انه قال: («و من استخلفه سلطان ظالم على قوم و جعل إليه إقامة الحدود جاز له أن يقيمها عليهم على الكمال، و يعتقد أنه إنما يفعل ذلك بإذن سلطان الجور)،[1] بينما كان كلام الشيخ خلاف ما حكي عنه في الجواهر وقد عرضنا نص كلامه من النهاية لكم في اليوم الماضي وكان فيه: (و من استخلفه سلطان ظالم على قوم، و جعل إليه إقامة الحدود، جاز له أن يقيمها عليهم على الكمال، و يعتقد أنّه إنّما يفعل ذلك بإذن سلطان الحق، لا بإذن سلطان الجور).[2] وهذا مستغرب عن صاحب الجواهر فنحمل مسئوليته على النساخ.

و اما ابن ادريس في السرائر فرفض جواز إقامة الحد لا مستقلا ولا من قبل الجائر.

و اختار علامة الحلي في المنتهي مقالة ابن ادريس من عدم الجواز اقامة الحد. و كذلك الشهيد في الدروس. والشهيد الثاني في المسالك و فاضل المقداد و بل مشهور الفقهاء على هذا الرأي والوجه في ذلك ما بيناه سابقا من الروايات بل آيات التي اعتبرت الحكومة الباطلة طاغوتاً يعبد من دون الله ونص على عدم جواز اقامة الحد الا للإمام او من اذن له، ومنهم الفقيه الجامع الشرائط، فلا وجه لغير الفقيه الجامع للشرائط ان يتولى اقامة الحد لا من قبل نفسه ولا من قبل الجائر.

وقد التمس الشهيد في المسالك للقائلين بالجواز في تعليقه على هذه المسألة بقوله: (ظاهر كلام الأصحاب و صريح بعضهم أنّ هذا المتولّي غير فقيه شرعي، و إنّما‌ جاز له إقامة الحدود على أهلها تقيّة للجائر، كما يجوز التقيّة في غير الحدود كالفتوى و العبادة. و أوجبوا عليه أن ينوي النيابة عن الإمام الحق لا الجائر. و يقرب ذلك إن بلغ الأمر حدّ الإجبار، أو كان فقيها، و إلّا فالمنع أقرب).[3]

ولكن حمل كلام المصنف الى مورد التقية غير صحيح لان المصنف يتناول مورد التقية بعد سطور.

نعم لعل ما دفعهم على القول بالجواز ضرورة تطبيق الاحكام الشرعية بقدر المستطاع فلو قصر اليد عن المعصوم وعن نوابه فينبغي لعدول المؤمنين ان يقوموا بذلك تنفيذا لحكم الله.

كما افتوا بذلك في مبحث الدفاع تحت امرة الجائر.

ولكن يرد على هذا الكلام ان احكام الله على قسمين منها يكون واجباً تنفيذه وان يكون للمنفذ خصوصية معينة على نحو تعدد المطلوب فان توفر كلا المطلوبين مجتمعا فو المطلوب المتعين ولكن ان توفر المقيد دون قيده فيجب ايضا القيام به. كإحقاق الحقوق للناس ورفع الخصومات التي وظيفة مجتهد عادل و زواج البكر بإذن والدها، و اقامة نظام عادل للمجتمع الاسلامي تحت ولاية الامام او نائبه و الاقتصاص من القاتل والدفاع عن بيضة الاسلام او المسلمين الذي من شأن الامام ان يتحقق. ولكن بعض الامور يستفاد من دليله ان المقيد فيه ليس بواجب او جائز الا مع قيده فان لم يمكن تحصيل القيد فالمقيد ايضا ساقط كإقامة الحدود او صلاة الجمعة على رأي بعض الفقهاء .

قال في الجواهر: (و من هنا قيل و القائل الحلي و الفاضل و الشهيدان و غيرهم، بل المشهور لا يجوز له ذلك و هو أحوط بل و أقوى بل ينبغي القطع به، ضرورة ظهور كلام الأصحاب بل صريح بعضهم كما اعترف به في المسالك أن هذا المتولي غير فقيه شرعي، بل و ليس مضطرا كما يؤمي إليه ذكر حكم الاضطرار بعد ذلك، و قد عرفت الإجماع بقسميه و النصوص على عدم جواز إقامتها لغير الإمام عليه السلام و من أذن له في ذلك، و الرواية المزبورة بعد عدم جامعيتها لشرائط الحجية و إعراض المشهور بل الجميع عدا من عرفت عنها لا تصلح لإثبات ذلك قطعا.).[4]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo