< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

40/04/23

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: اقامة الحد بواسطة الوالي من قبل الجائر/کتاب الامر بالمعروف و النهی عن المنکر الأمر بالمعروف

بعد ما فرغنا من البحث عن جواز اقامة الحد بواسطة الاب على زوجته واولاده وقلنا بعدم الجواز، ذكر الشهيد الاول في الدروس فروعا تتفرع على القول بالجواز و قد تبعه بعض الفقهاء الآخرين فتناولوها بالبحث ولكن نحن نتغاضى العين عنها حرصاً على التقدم في البحث مادام لا تترتب على ذكرها فائدة كثيرة فنتجاوزها وندخل في فرع آخر تعرض لها المصنف حيث قال: (و لو ولي وال من قبل الجائر و كان قادراً على إقامة الحدود هل له إقامتها قيل نعم بعد أن يعتقد أنه يفعل ذلك بإذن إمام الحق و قيل لا و هو أحوط).

هذه المسألة من المسائل الغامضة التي تتطلب الوقوف والتأمل والرجوع الى مفاد الآيات والروايات فيها كي نصل الى ما يطمئن به القلب ولذا في بادئ الامر نراجع الى كلمات الفقهاء وأدلة كل فريق:

ظاهر كلام المصنف اولاً: انه تتحدث عن حكم غير المجتهد اذا ولاه الجائر لان المجتهد يأتي حكمه بعد ذلك. وثانياً: ليس موضوع بحثه في هذه العبارة ما اذا اجبره الجائر حتى يدخل في عنوان التقية. لان فرض التقية بحث عنها تباعاً.

قال المفيد في المقنعة 336-413: (فأما إقامة الحدود فهو إلى سلطان الإسلام المنصوب من قبل الله تعالى و هم أئمة الهدى من آل محمد عليهم السلام و من نصبوه لذلك من الأمراء و الحكام و قد فوضوا النظر فيه إلى فقهاء شيعتهم مع الإمكان فمن تمكن من إقامتها على ولده و عبده و لم يخف من سلطان الجور إضرارا به على ذلك فليقمها) الى ان قال:

(و كذلك إن استطاع إقامة الحدود على من يليه من قومه و أمن بوائق الظالمين في ذلك فقد لزمه إقامة الحدود عليهم فليقطع سارقهم و يجلد زانيهم و يقتل قاتلهم و هذا فرض متعين على من نصبه المتغلب لذلك على ظاهر خلافته له أو الإمارة من قبله على قوم من رعيته فيلزمه إقامة الحدود و تنفيذ الأحكام و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و جهاد الكفار و من يستحق ذلك من الفجار و يجب على إخوانه من المؤمنين معونته على ذلك إذا استعان بهم ما لم يتجاوز حدا من حدود الإيمان أو يكون مطيعا في معصية الله تعالى من نصبه من سلطان الضلال، فإن كان على وفاق للظالمين في شي‌ء يخالف الله تعالى به لم يجز لأحد من المؤمنين معونته فيه و جاز لهم معونته بما يكون به مطيعاً لله تعالى من إقامة‌ حد و إنفاذ حكم على حسب ما تقتضيه الشريعة دون ما خالفها من أحكام أهل الضلال.)[1]

قال الشيخ في النهاية 385-460: (فأمّا إقامة الحدود، فليس يجوز لأحد إقامتها، إلّا لسلطان الزّمان المنصوب من قبل اللّٰه تعالى، أو من نصبه الإمام لإقامتها‌ و لا يجوز لأحد سواهما إقامتها على حال. و قد رخّص في حال قصور أيدي أئمة الحقّ و تغلّب الظّالمين، أن يقيم الإنسان الحدّ على ولده و أهله و مماليكه، إذا لم يخف في ذلك ضررا من الظّالمين، و أمن من بوائقهم. فمتى لم يأمن ذلك، لم يجز له التّعرّض لذلك على حال. و من استخلفه سلطان ظالم على قوم، و جعل إليه إقامة الحدود، جاز له أن يقيمها عليهم على الكمال، و يعتقد أنّه إنّما يفعل ذلك بإذن سلطان الحق، لا بإذن سلطان الجور. و يجب على المؤمنين معونته و تمكينه من ذلك، ما لم يتعدّ الحقّ في ذلك، و ما هو مشروع في شريعة الإسلام. فإن تعدّى في ما جعل إليه الحقّ، لم يجز له القيام به، و لا لأحد معاونته على ذلك).[2]

قال ابن ادريس 558-598: (و أمّا إقامة الحدود، فليس يجوز لأحد إقامتها إلا لسلطان الزمان، المنصوب من قبل اللّٰه تعالى، أو من نصبه الإمام لإقامتها، و لا يجوز لأحد سواهما إقامتها على حال، و قد رخّص في حال قصور أيدي أئمة الحق، و تغلب الظالمين، أن يقيم الإنسان الحد على ولده، و أهله، و مماليكه، إذا لم يخف في ذلك ضررا من الظالمين، و أمن بوائقهم. قال محمّد بن إدريس، مصنف هذا الكتاب: و الأقوى عندي، أنّه لا يجوز له أن يقيم الحدود إلا على عبده فحسب، دون ما عداه من الأهل، و القرابات، لما قد ورد في العبد من الأخبار و استفاض به النقل بين الخاص و العام. و قد روي أنّ من استخلفه سلطان ظالم على قوم، و جعل إليه إقامة الحدود، جاز له أن يقيمها عليهم على الكمال و يعتقد أنه انّما يفعل ذلك بإذن سلطان الحق لا بإذن سلطان الجور، و يجب على المؤمنين معونته، و تمكينه من ذلك، ما لم يتعدّ الحقّ في ذلك، و ما هو مشروع في شريعة الإسلام، فإن تعدّى ما جعل إليه الحقّ، لم يجز له القيام به، و لا لأحد معاونته على ذلك. و الأولى في الديانة ترك العمل بهذه الرواية، بل الواجب ذلك. قال محمد بن إدريس رحمه اللّٰه مصنف هذا الكتاب: و الرواية أوردها شيخنا أبو جعفر في نهايته ، و قد اعتذرنا له فيما يورده في هذا الكتاب، أعني النهاية، في عدّة مواضع، و قلنا أنّه يورده إيرادا، من طريق الخبر، لا اعتقادا من جهة الفتيا و النظر، لأنّ الإجماع حاصل منعقد من أصحابنا، و من المسلمين جميعا، أنّه لا يجوز إقامة الحدود، و لا المخاطب بها إلا الأئمة، و الحكّام القائمون بإذنهم في ذلك، فأمّا غيرهم فلا يجوز له التعرض بها على حال، و لا يرجع عن هذا الإجماع، بأخبار الآحاد، بل بإجماع مثله، أو كتاب اللّٰه تعالى، أو سنة متواترة مقطوع بها).[3]

قال العلامة في المنتهى 647-726: (مسألة: قد روي أنّ من استخلفه سلطان ظالم على قوم و جعل إليه إقامة الحدود، جاز له أن يقيمها عليهم على الكمال، و يعتقد أنّه إنّما يفعل ذلك بإذن سلطان الحقّ لا بإذن سلطان الجور، و يجب على المؤمنين معونته و تمكينه من ذلك ما لم يتعدّ الحقّ في ذلك و ما هو مشروع في شريعة الإسلام، فإن تعدّى من جعل إليه الحقّ، لم يجز له القيام به و لا لأحد معاونته على ذلك. أورد هذه الرواية شيخنا أبو جعفر- رحمه اللّه- في نهايته. و منعها ابن إدريس كلّ المنع . و هو الأولى؛ لما ثبت من أنّه لا يجوز لأحد غير الإمام أو من أذن له الإمام إقامة الحدود).[4]

قال الشهيد في الدروس 734-786: (ولو ولي من قبل الجائر كرها قيل: جاز له اقامة الحد مع تقدم النيابة عن الامام وهو حسن ان كان مجتهدا و الا فالمنع احسن).[5]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo