< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

40/04/21

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: اقامة الحد بواسطة الرجل علی ولده /کتاب الامر بالمعروف و النهی عن المنکر الأمر بالمعروف

كان كلامنا في مقالة المصنف: (وهل يقيم الرجل الحد على ولده وزوجته فيه تردد).

وتحدّثنا عن تمسك المجوزين إقامة الحد للوالد على ولده و زوجته، بروايات تدل على جواز تصرف الوالد في مال ابنه و ناقشنا دلالتها على مطلوبهم بل بمساعدة طائفة اخري من الروايات عرفنا ان تصرف الوالد في مال ولده مشروط بالحاجة لأنه واجب النفقة على ابنه ولذلك ان صاحب الوسائل بعد ذكر موثقة سعيد بن يسار علق عليه بقوله: (أَقُولُ: تَجْوِيزُ أَخْذِ نَفَقَةِ الْحَجِّ مَحْمُولٌ عَلَى أَخْذِهَا قَرْضاً أَوْ تَسَاوِي نَفَقَةِ السَّفَرِ وَ الْحَضَرِ مَعَ وُجُوبِ نَفَقَتِهِ عَلَى الْوَلَدِ وَ اسْتِقْرَارِ الْحَجِّ فِي ذِمَّتِهِ).[1] وعلى فرض جواز تصرف الوالد في مال ولده مطلقاً لا تلازم بينه وبين جواز اقامة الحد عليه الا على القياس المحرّم. وما ورد من قول النبي صلى الله عليه وآله: "انت ومالك لأبيك"، ليس المراد الملكيّة الشرعية لأنّ من الضروري في الشرع أنّ الحُرّ لا يُملَك، فالمراد امّا بمعنى انت ناشئ من ابيك ولو لاه لما كنت ومالك، او استعمل النبي صلى الله عليه واله لام الملكية مجازاً لبيان ضرورة رعاية الولد لأبيه. فأدلة الدالة على عدم جواز اقامة الحد الا للإمام ومن نصبه، هي المرجع في الحكم. فلم يبق وجه للترديد في عدم جواز إقامة الحد من الوالد لولده، مستنداً الى الروايات.

هذا بالنسبة الى الاولاد.

اما بالنسبة الى الزوجة فقد إستندوا الى روايات وردت في حق الزوج على أزواجه:

منها: ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ ‌مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: "جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ ص فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ص- مَا حَقُّ الزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ- فَقَالَ لَهَا أَنْ تُطِيعَهُ وَ لَا تَعْصِيَهُ- وَ لَا تَصَدَّقَ مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَ لَا تَصُومَ تَطَوُّعاً إِلَّا بِإِذْنِهِ- وَ لَا تَمْنَعَهُ نَفْسَهَا وَ إِنْ كَانَتْ عَلَى ظَهْرِ قَتَبٍ - وَ لَا تَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ- وَ إِنْ خَرَجَتْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ لَعَنَتْهَا مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ- وَ مَلَائِكَةُ الْأَرْضِ وَ مَلَائِكَةُ الْغَضَبِ وَ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ- حَتَّى تَرْجِعَ إِلَى بَيْتِهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ص- مَنْ أَعْظَمُ النَّاسِ حَقّاً عَلَى الرَّجُلِ قَالَ وَالِدُهُ- (قَالَتْ فَمَنْ) أَعْظَمُ النَّاسِ حَقّاً عَلَى الْمَرْأَةِ قَالَ زَوْجُهَا- قَالَتْ فَمَا لِي عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ مِثْلُ مَا لَهُ عَلَيَّ- قَالَ لَا وَ لَا مِنْ كُلِّ مِائَةٍ وَاحِدَةٌ" الْحَدِيثَ).[2]

في السند احمد بن محمد وهو ابن عيسى. وهو شيخ القميين وابن محبوب هو حسن وثقه الكشّي والنجاشي والشيخ وقال الشيخ في شأنه: (كان جليل القدر يُعَدّ في الأركان الأربعة في عصره (قال القهبائي: كان الثلاثة الآخر تدور بين يونس بن عبد الرحمن و أحمد بن محمد بن عمرو بن ابي نصر و صفوان بن يحيى و محمد بن ابي عمير و عبد الله بن مغيرة) ثم مالك بن عطية وثقه النجاشي بقوله: ( الأحمسي ابوالحسين البجلي الكوفي ثقة روى عن ابي عبد الله عليه السلام) فالسند صحيح لا نقاش فيه.

واما الدلالة فإنما تدل على لزوم طاعة الزوجة لزوجها وهي مبنى القيمومة و عدم التصرف في ماله بدون اذنه و طاعته في التمتع الجنسي. حتى بالنسبة الى خروجها من البيت بعض فقهائنا العظام حملوه على صورة يريدها زوجها للتمتع، اما اذا كان زوجها في سفر او لا يحتاج اليها للتمتع فلا يجب طاعته.

وسائر الروايات التي في هذا الباب تصب نفس المصب ولا نجد رواية تفيد حق الزوج في اجراء الحد عليها. وبالنسبة الى المال ايضا لا نجد دليلاً يثبت سلطة الزوج على مال زوجته بل قول الله تعالى: ﴿" للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن"﴾ دليل على الاستقلال الاقتصادي للنساء. و من بعض الآيات نافية لجواز تصرف الزوج في مال زوجته كقوله تعالى: ﴿"يا ايها الذين آمنوا لا يحل لكم ان ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن﴾ ...وان اردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم احداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا اتأخذونه بهتانا و اثما مبيناً" . وكذالك بعض الروايات ناطقة بذلك منها ما يلي:

مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع جُعِلْتُ فِدَاكَ امْرَأَةٌ دَفَعَتْ إِلَى ‌زَوْجِهَا مَالًا مِنْ مَالِهَا لِيَعْمَلَ بِهِ وَ قَالَتْ لَهُ حِينَ دَفَعَتْهُ إِلَيْهِ أَنْفِقْ مِنْهُ- فَإِنْ حَدَثَ بِكَ حَدَثٌ فَمَا أَنْفَقْتَ مِنْهُ حَلَالًا طَيِّباً وَ إِنْ حَدَثَ بِي حَدَثٌ فَمَا أَنْفَقْتَ مِنْهُ فَهُوَ حَلَالٌ طَيِّبٌ، فَقَالَ: أَعِدْ عَلَيَّ يَا سَعِيدُ الْمَسْأَلَةَ، فَلَمَّا ذَهَبْتُ أُعِيدُ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةَ- عَرَضَ فِيهَا صَاحِبُهَا وَ كَانَ مَعِي حَاضِراً فَأَعَادَ عَلَيْهِ مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا فَرَغَ أَشَارَ بِإِصْبَعِهِ إِلَى صَاحِبِ الْمَسْأَلَةِ- فَقَالَ يَا هَذَا إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهَا قَدْ أَفْضَتْ بِذَلِكَ إِلَيْكَ فِيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَهَا وَ بَيْنَ اللَّهِ فَحَلَالٌ طَيِّبٌ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ جَلَّ اسْمُهُ فِي كِتَابِهِ: "فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ‌ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً".[3]

ومنها: السيرة المستمرة على تأديبهما و تعزيرهما الذي هو قسم من الحدود،

ومنها: خصوص ما دلّ على تأديب الزوجة بالضرب و الهجر مع التقصير في حقوق الزوجية كتاباً و سنةً و إجماعاً، قوله تعالى: ﴿واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا﴾

ومنها: عموم الأمر بإقامة الحدود

واستدل القائلون بعدم الجواز: بامور:

منها: من عدم صلاحية ذلك كلّه لتخصيص ما دل على أن إقامة الحد للإمام عليه السلام من‌ خبر حفص «قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع مَنْ يُقِيمُ الْحُدُودَ السُّلْطَانُ أَوِ الْقَاضِي فَقَالَ إِقَامَةُ الْحُدُودِ إِلَى مَنْ إِلَيْهِ الْحُكْم‌»[4] ‌و غيره، مضافا إلى ما سمعته من إجماع السرائر المقتصر في الخروج منه على السيد، بل في محكي الغنية و يجوز للسيد إقامة الحد على من ملكت يمينه بغير إذن الإمام عليه السلام، و لا يجوز لغير السيد ذلك إلا بإذنه، كل ذلك بدليل إجماع الطائفة عليه، و من ذلك و غيره يعلم أن المراد بالعموم ما سمعته سابقا من الإمام و من أذن له في ذلك فالأقوى حينئذ عدم الجواز.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo