< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

40/04/16

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: اقامة الحد بواسطة الرجل علی ولده /کتاب الامر بالمعروف و النهی عن المنکر الأمر بالمعروف

كان كلامنا في مقالة المصنف: (وهل يقيم الرجل الحد على ولده وزوجته فيه تردد).

قلنا ان الفقهاء في المسألة افترقوا الى ثلثة اقوال: المجوزون والمانعون والمترددون.

واشرنا الى انّ المجوزون تمسكوا بأدلة عدّة، منها استندوا الى ما دل على كمال سلطنة الوالد و الزوج على الولد و الزوجة، وذكرنا بعض الروايات و مررنا عليها مروراً عابراً ولكن أرى انّ هذه المسألة تتطلب عندها وقوفاً اكثر لما فيها من منافع علمية والروايات على قسمين منها ما ظاهرها موافق للمجوزين ومنها تعتبر ردا على مدعاهم فاليك نصوصها:

1- منها صحيحة محمد بن مسلم: مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَحْتَاجُ إِلَى مَالِ ابْنِهِ- قَالَ يَأْكُلُ مِنْهُ مَا شَاءَ مِنْ غَيْرِ سَرَفٍ- وَ قَالَ فِي كِتَابِ عَلِيٍّ ع أَنَّ الْوَلَدَ- لَا يَأْخُذُ مِنْ مَالِ وَالِدِهِ شَيْئاً- إِلَّا بِإِذْنِهِ وَ الْوَالِدَ يَأْخُذُ مِنْ مَالِ ابْنِهِ مَا شَاءَ- وَ لَهُ أَنْ يَقَعَ عَلَى جَارِيَةِ ابْنِهِ إِذَا لَمْ يَكُنِ الِابْنُ وَقَعَ عَلَيْهَا- وَ ذَكَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ‌ لِرَجُلٍ: أَنْتَ وَ مَالُكَ لِأَبِيكَ.) [1] فهذه الصحيحة ظاهرة في جواز تصرف الاب في مال ولده بما شاء حتى في أمته.

2- و موثقة سعيد بن يسار: (وَ عَنْهُ (حسين بي سعيد عن حماد) عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَ يَحُجُّ الرَّجُلُ مِنْ مَالِ ابْنِهِ- وَ هُوَ صَغِيرٌ قَالَ نَعَمْ- قُلْتُ يَحُجُّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ وَ يُنْفِقُ مِنْهُ قَالَ نَعَمْ بِالْمَعْرُوفِ- ثُمَّ قَالَ نَعَمْ يَحُجُّ مِنْهُ- وَ يُنْفِقُ مِنْهُ إِنَّ مَالَ الْوَلَدِ لِلْوَالِدِ- وَ لَيْسَ لِلْوَلَدِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ وَالِدِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ"[2] عثمان بن عيسى كان واقفيا وكان وكيل موسى ابي الحسن عليه السلام و في يده مال فسخط عليه الرضا عليه السلام ثم تاب عثمان وبعث اليه بالمال ولم يرد له توثيق صريح الا ان كشي عده من الفقهاء من اصحاب موسى بن جعفر وعلي بن موسى الرضا عليهما السلام ولكن سعيد بن يسار وثّقه النجاشي. فيعبر عن مثل هذا السند بالموثقة. انّ حرية الوالد في التصرف في اموال ولده بادي بوضوح في هذه الرواية.

3- صحيحة محمد بن مسلم الثانية (مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ لِابْنِهِ- مَالٌ فَيَحْتَاجُ الْأَبُ إِلَيْهِ- قَالَ: "يَأْكُلُ مِنْهُ فَأَمَّا الْأُمُّ فَلَا تَأْكُلُ مِنْهُ- إِلَّا قَرْضاً عَلَى نَفْسِهَا".[3]

4- مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فِي عُيُونِ الْأَخْبَارِ وَ فِي الْعِلَلِ بِأَسَانِيدَ تَأْتِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ أَنَّ الرِّضَا ع كَتَبَ إِلَيْهِ فِيمَا كَتَبَ مِنْ جَوَابِ مَسَائِلِهِ وَ عِلَّةُ تَحْلِيلِ مَالِ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ- وَ لَيْسَ ذَلِكَ لِلْوَلَدِ- لِأَنَّ الْوَلَدَ مَوْهُوبٌ لِلْوَالِدِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَهَبُ لِمَنْ يَشٰاءُ إِنٰاثاً- وَ يَهَبُ لِمَنْ يَشٰاءُ الذُّكُورَ - مَعَ أَنَّهُ الْمَأْخُوذُ بِمَئُونَتِهِ صَغِيراً وَ كَبِيراً- وَ الْمَنْسُوبُ إِلَيْهِ وَ الْمَدْعُوُّ لَهُ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ ادْعُوهُمْ لِآبٰائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللّٰهِ - وَ لِقَوْلِ النَّبِيِّ ص- أَنْتَ وَ مَالُكَ لِأَبِيكَ- وَ لَيْسَ لِلْوَالِدَةِ مِثْلُ ذَلِكَ- لَا تَأْخُذُ مِنْ مَالِهِ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِهِ أَوْ بِإِذْنِ الْأَبِ- وَ لِأَنَّ الْوَالِدَ مَأْخُوذٌ بِنَفَقَةِ الْوَلَدِ- وَ لَا تُؤْخَذُ الْمَرْأَةُ بِنَفَقَةِ وَلَدِهَ"[4] من ناحية السند انّ الراوي عن الامام هو محمد بن سنان وهو كان من الغلات ولم يوثق. ولكنها تدل على جواز اكل الاب من مال ابنه وفي قوله عليه السلام "علة تحليل مال الولد لوالده" ظاهر في حلية مال الولد للوالد.

6- عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ فِي كِتَابِهِ عَنْ أَخِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ لِوَلَدِهِ الْجَارِيَةُ أَ يَطَؤُهَا- قَالَ: "إِنْ أَحَبَّ- وَ إِنْ كَانَ لِوَلَدِهِ مَالٌ- وَ أَحَبَّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ فَلْيَأْخُذْ- وَ إِنْ كَانَتِ الْأُمُّ حَيَّةً- فَلَا أُحِبُّ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئاً إِلَّا قَرْضاً".[5] فيها كذلك اذن للوالد في اخذ ما احب من مال ولده.

ولكن يرد على الاستدلال بهذه الروايات على جواز اقامة الاب الحد على اولاده اولاً: ان جواز التصرف في المال لا يدل على جواز اجراء الحد الا على القياس الباطل والمحرم شرعاً وقول النبي صلوات الله عليه "انت ومالك لأبيك قطعا ليس اللام فيه للملكية فان الحر لا يملك فالمراد منه شدة علاقة الولد بأبيه و لزوم رعاية الوالد. ثانياً: هناك روايات تفسيرية او تقييدية لهذه الروايات واليك بعضها:

1- الشيخ في التهذيب بأسناده عَنْهُ(حسن بن محبوب) عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله قَالَ: لِرَجُلٍ أَنْتَ وَ مَالُكَ لِأَبِيكَ- قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع مَا أُحِبُّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ ابْنِهِ إِلَّا مَا احْتَاجَ إِلَيْهِ- مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ إِنَّ اللَّهَ لٰا يُحِبُّ الْفَسٰادَ".[6] فها البيان مقيد للتصرف المطلق.

2- - الشيخ بِإِسْنَادِهِ عَنِ (الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ حَمَّادٍ) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ قَالَ: سَأَلْتُهُ يَعْنِي أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع مَا ذَا يَحِلُّ لِلْوَالِدِ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ- قَالَ أَمَّا إِذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ وَلَدُهُ بِأَحْسَنِ النَّفَقَةِ- فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِهِ شَيْئاً- وَ إِنْ كَانَ لِوَالِدِهِ جَارِيَةٌ لِلْوَلَدِ فِيهَا نَصِيبٌ- فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا- إِلَّا أَنْ يُقَوِّمَهَا قِيمَةً تَصِيرُ لِوَلَدِهِ قِيمَتُهَا عَلَيْهِ- قَالَ وَ يُعْلِنُ ذَلِكَ- قَالَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْوَالِدِ أَ يَرْزَأُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ شَيْئاً- قَالَ نَعَمْ وَ لَا يَرْزَأُ الْوَلَدُ مِنْ مَالِ وَالِدِهِ شَيْئاً- إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِنْ كَانَ لِلرَّجُلِ وُلْدٌ صِغَارٌ- لَهُمْ جَارِيَةٌ فَأَحَبَّ أَنْ‌ يَقْتَضِيَهَا- فَلْيُقَوِّمْهَا عَلَى نَفْسِهِ قِيمَةً- ثُمَّ لْيَصْنَعْ بِهَا مَا شَاءَ إِنْ شَاءَ وَطِئَ وَ إِنْ شَاءَ بَاعَ".[7] السند صحيح والدلالة تفيد ان جواز الاخذ من مال الابن لانّ الوالد واجب النفقة على ابنه.

3- وَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ‌ عَنِ الرَّجُلِ يَأْكُلُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ؟- قَالَ لَا إِلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إِلَيْهِ فَيَأْكُلَ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ- وَ لَا يَصْلُحُ لِلْوَلَدِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ وَالِدِهِ شَيْئاً- إِلَّا بِإِذْنِ وَالِدِهِ".[8] في هذا الحديث جعل الاضطرار شرطا لجواز الاكل.

4- وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ- قَالَ قُوتُهُ بِغَيْرِ سَرَفٍ إِذَا اضْطُرَّ إِلَيْهِ- قَالَ فَقُلْتُ لَهُ فَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ ص لِلرَّجُلِ- الَّذِي أَتَاهُ فَقَدَّمَ أَبَاهُ فَقَالَ لَهُ- أَنْتَ وَ مَالُكَ لِأَبِيكَ- فَقَالَ إِنَّمَا جَاءَ بِأَبِيهِ إِلَى النَّبِيِّ ص فَقَالَ- يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا أَبِي وَ قَدْ ظَلَمَنِي مِيرَاثِي مِنْ أُمِّي- فَأَخْبَرَهُ الْأَبُ أَنَّهُ قَدْ أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ وَ عَلَى نَفْسِهِ- وَ قَالَ أَنْتَ وَ مَالُكَ لِأَبِيكَ- وَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الرَّجُلِ شَيْ‌ءٌ- أَ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَحْبِسُ الْأَبَ لِلِابْنِ".[9]

في سنده عبد الله بن محمد وهو ابي بكر الحضرمي لم يرد له توثيق، اما حسين بن ابي العلاء هو الخفاف العامري انه روى عنه اجلاء الرجاليين من اصحاب الاجماع ولكن لم يرد له توثيق صريح ولكن قال فيه النجاشي: (حسين بن ابي العلاء الخفاف ابو علي الأعور مولى بني اسد ...وقال احمد بن الحسين رحمه الله هو مولى بني عامر واخواه علي وعبد الحميد روى الجميع من ابي عبد الله عليه السلام وكان الحسين اوجههم) وان عبد الحميد وثقه النجاشي فالحسين اوجه منه، فانّه ثقة، هذا اجتهاد من القهپائي رضوان الله عليه في مجمع الرجال، و لكن يمكن النقاش فيه بان كونه أوجههم اعم من الوثاقة، فليس كل وجيه ثقة. ثم انه ذكر في حاشية مجمع الرجال، في ان في ترجمة الكشي لبراء بن عازب، ورد (ان الحسين هذا من اجلاء العظماء من اصحابنا) بينما الذي ورد هناك: (روى جماعة من اصحابنا منهم أبوبكر الحضرمي وأبان بن تغلب والحسين بن ابي العلاء وصباح المزني عن ابي جعفر وابي عبد الله عليهما السلام، الخ) وهذا لا يدل على التوثيق نعم من اعتمد على نقل اصحاب الاجماع عنه في توثيقه فهو والا لا يمكن تحصيل الوثاقة له.

وللبحث تتمة نذكرها غدا انشاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo