< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

40/04/02

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المقیم للحدود/کتاب الامر بالمعروف و النهی عن المنکر

ان المحقق كما عرفتم جعل البحث في كتاب الامر بالمعروف في اربع محاور تعريفهما او فقل تقرير محل النزاع و شروط النهي و مراتب الإنكار و في المقيم للحد‌ فألحق الكلام في مقيم الحد ببحث النهي عن المنكر ولعل التناسب هو ان الحد يجري على فاعل بعض المنكرات فضمّه الى هذا البحث بينما المكان الانسب هو طرحه في كتاب الحدود والديات. و نحن نتبعه في هذا الاختيار ايضا بصورة مختصرة.

قال رضوان الله عليه: (الرابع في المقيم للحُد‌ود: لا يجوز لأحد إقامة الحدود إلا للإمام مع وجوده أو من نصبه لإقامتها. و مع عدمه يجوز للمولى إقامة الحد على مملوكه. و هل يقيم الرجل الحد على ولده و زوجته فيه تردد).

ففي هذا المقطع من كلامه طرح ثلاث مسائل: اولاً: حصر مجري الحدود على الامام و من نصبه لإقامتها، ثانياً: يجوز للمولى اقامة الحد على مملوكه ذكرا كان او انثى، ثالثاً: تردد في جواز اقامة الرجل الحدود على زوجته و اولاده.

اُستدلّ على عدم جواز اقامة الحدود الا بإذن الامام بأمور:

اولاً: لزوم الفساد من إيكال اقامة الحدود الى عامة الناس.

وثانياً: التمسك بما دل على عدم جواز النهي عن المنكر بما ينتهي الى الجرح والقتل. بل بالأولويّة فان في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر الجرح والقتل تبعيّتان وليستا مقصودتان بالأصالة فيكفيهما الأمر بالمتبوع، بخلاف الحدود فإنها احكام شرعية مقصودة بذواتها فتحتاج الى اذن الامام خاصة. ولذا كثير من الفقهاء الذين لم يشرطوا هناك اذن الامام، اشترطوه في الحدود.

و ثالثاً: عدم الخلاف بين الفقهاء في ذلك قال في الجواهر: (لا خلاف أجده في الحكم هنا، بل عن الغنية و السرائر الإجماع عليه)

وقال ابن ادريس في السرائر: (أمّا إقامة الحدود، فليس يجوز لأحد إقامتها إلا لسلطان الزمان، المنصوب من قبل اللّٰه تعالى، أو من نصبه الإمام لإقامتها، و لا يجوز لأحد سواهما إقامتها على حال)[1] ثم في متابعة بحثه قال: (لأنّ الإجماع حاصل منعقد من أصحابنا، و من المسلمين جميعا، أنّه لا يجوز إقامة الحدود، و لا المخاطب بها إلا الأئمة، و الحكّام القائمون بإذنهم في ذلك، فأمّا غيرهم فلا يجوز له التعرض بها على حال) [2] انما هنا ملاحظة في كلامه حيث عطف مسلمين جميعا بأصحابنا، بينما نعرف بان العامة لا يحصرون جواز اقامة الحدود بالائمة عليهم السلام الا ان نحمل كلامه على ان المراد بالأئمة اعم من المعصومين و السلاطين المسلطة على الحكم.

و قال سلار: و أمّا القتل و الجراح في الإنكار فالى السلطان و من يأمره، فإن تعذّر الأمر لمانع فقد فوّضوا- عليهم السلام- الى الفقهاء اقامة الحدود و الأحكام بين الناس بعد أن لا يتعدّوا واجبا و لا يتجاوزوا حدّا، و أمر عامّة الشيعة بمعاونة الفقهاء على ذلك ما استقاموا على الطريقة[3]

وقال العلامة في المختلف بعد ما نقل کلام ابن ادریس: (و الأقرب عندي جواز ذلك للفقهاء.

لنا: انّ تعطيل الحدود يقضي الى ارتكاب المحارم و انتشار المفاسد، و ذلك‌ أمر مطلوب الترك في نظر الشرع.و ما رواه عمر بن حنظلة، عن الصادق- عليه السلام- الى أن قال: انظروا الى من كان منكم قد روى حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا و عرف أحكامنا فليرضوا به حكما فانّي قد جعلته عليكم حاكما، فاذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنّما بحكم اللّه استخفّ و علينا ردّ، و الرّاد علينا راد على اللّه تعالى و رسوله، و هو على حدّ الشرك باللّه عزوجل"[4] و غير ذلك من الأحاديث «روایات اخر» الدالة على تسويغ الحكم للفقهاء، و هو عام في إقامة الحدود و غيرها.و العجب انّ ابن إدريس ادعى الإجماع في ذلك مع مخالفة مثل الشيخ و غيره من علمائنا)[5]

و رابعاً: النصوص الدالة على ذلك المذكورة في كتاب الحدود و غيره التي منها يعلم التقييد في الخطابات العامة الآمرة بإقامة الحدود نحو غيرها من خطابات الجهاد و غيرها المعلوم كون المراد منها مباشرة الإمام أو من نصبه لذلك.

منها: ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع مَنْ يُقِيمُ الْحُدُودَ- السُّلْطَانُ أَوِ الْقَاضِي- فَقَالَ إِقَامَةُ الْحُدُودِ إِلَى مَنْ إِلَيْهِ الْحُكْمُ" [6]

ومنها: ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ الْمُفِيدُ فِي الْمُقْنِعَةِ قَالَ: فَأَمَّا إِقَامَةُ الْحُدُودِ فَهُوَ إِلَى سُلْطَانِ الْإِسْلَامِ- الْمَنْصُوبِ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ- وَ هُمْ أَئِمَّةُ الْهُدَى مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ ع- وَ مَنْ نَصَبُوهُ لِذَلِكَ مِنَ الْأُمَرَاءِ وَ الْحُكَّامِ- وَ قَدْ فَوَّضُوا النَّظَرَ فِيهِ إِلَى فُقَهَاءِ شِيعَتِهِمْ مَعَ الْإِمْكَانِ[7] .اما سندهما كما ترون ولكن دلالتهما لا بأس بها. فان من اليه الحكم بضم ما يدل على ان الحكم للائمة تفيد المقصود. والثانية صريحة في المطلوب.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo