< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

40/03/04

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الرابع/شروط النهی عن المنکر/کتاب الامر بالمعروف و النهی عن المنکر

 

کان بحثنا في كلام المصنف حيث قال في الشرائع: (الرابع أن لا يكون في الإنكار مفسدة، فلو ظن توجه الضرر إليه أو إلى ماله أو إلى أحد من المسلمين في الحال أو المال سقط الوجوب) وقال في الجواهر تعليقا عليه: ( بلا خلاف أجده فيه كما اعترف به بعضهم، لنفي الضرر و الضرار و الحرج في الدين، و سهولة الملة و سماحتها، و إرادة اللّٰه اليسر دون العسر) وقد ناقشنا هذه الادلة في شمولها لكل ضرر، و قلنا ان في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر الضرر والحرج الذان هما مقتضى طبيعة القيام بهما حسب الموارد لا توجبان سقوط الوجوب عن المكلفين بتفصیل بیناه آنفا. لكن تمسك القائلون بعدم وجوب هذه الفريضة لمجرح احتمال الضرر مضافاً الى ما ذكرناه في اعلاه بروايات نذكرها و غيرها مما هي على وزانها:: (الطان من دون حكمة و روية مما يؤدي الى اضرار كبيرة من دون فائدة.رة والعلم بهما ليقوموا بهذه الفريض

منها: قول الرضا عليه السلام في الخبر المروي عن العيون: وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع فِي حَدِيثِ شَرَائِعِ الدِّينِ قَالَ: وَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ- وَاجِبَانِ عَلَى مَنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ- وَ لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ وَ لَا عَلَى أَصْحَابِهِ"[1]

وجه الاستدلال انّ الوجوب مقيد في هذا الحديث بما اذا لم يخف على نفسه او على اصحابه فعند الخوف على نفسه او اصحابة يرتفع الوجوب فاذا تيقن بالضرر فسقوط التكليف بهما اولى.

ومنها:َ ما فِي عُيُونِ الْأَخْبَارِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنِ الرِّضَا ع فِي كِتَابِهِ إِلَى الْمَأْمُونِ نَحْوَهُ وَ أَسْقَطَ قَوْلَهُ وَ لَا عَلَى أَصْحَابِهِ) ( المصدر) وهكذا كسابقتها.

اعلم ان حديث شرائع الدين حديثين احدهما ما رواه الصدوق في الخصال عن أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْهَيْثَمِ الْعِجْلِيُّ وَ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَطَّانُ وَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ السِّنَانِيُّ وَ الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ هِشَامٍ الْمُكَتِّبُ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ وَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَرَّاقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا الْقَطَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ بُهْلُولٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع‌ [2] وكما ترى في سنده مجاهيل وضعاف. واعمش مشترك بين ثلاث او اربع رجال ثقات وغير ثقات واشهرهم اسماعيل بن مهران ولكن الصدوق ما ذكره في مشيخته مما يحملنا على عدم الانصراف اليه في كلامه.

وثانيهما ما رواه صدوق في العيون عن فضل بن شاذان واليك نصه: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبْدُوسٍ النَّيْسَابُورِيُّ الْعَطَّارُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِنَيْسَابُورَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَ خَمْسِينَ وَ ثَلَاثِمِائَةٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُتَيْبَةَ النَّيْسَابُورِيُّ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ قَالَ: سَأَلَ الْمَأْمُونُ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى الرِّضَا ع أَنْ يَكْتُبَ لَهُ مَحْضَ الْإِسْلَامِ عَلَى سَبِيلِ الْإِيجَازِ وَ الِاخْتِصَارِ فَكَتَبَ ع لَهُ(الحديث)[3]

سنده لا بأس به الا ان علي بن احمد بن قطيبة لم يوثق صريحاًوانما قال فيه الكشي (تلميذ الفضل بن شاذان النيسابوري فاضل) وقال النجاشي: (عليه اعتمد أبو عمر الكشي في كتاب الرجال)

واما من ناحية الدلالة فقوله عليه السلام ما لم يخف على نفسه، ظاهر في ارادة القتل لا مطلق الضرر.

ومنها: ما عن مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ وَ سُئِلَ عَنِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ- أَ وَاجِبٌ هُوَ عَلَى الْأُمَّةِ جَمِيعاً؟ فَقَالَ لَا: فَقِيلَ لَهُ: وَ لِمَ؟ قَالَ: "إِنَّمَا هُوَ عَلَى الْقَوِيِّ الْمُطَاعِ- الْعَالِمِ بِالْمَعْرُوفِ مِنَ الْمُنْكَرِ- لَا عَلَى الضَّعِيفِ الَّذِي لَا يَهْتَدِي سَبِيلًا" (الى ان قال): "وَ لَيْسَ عَلَى مَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْهُدْنَةِ مِنْ حَرَجٍ- إِذَا كَانَ لَا قُوَّةَ لَهُ وَ لَا عَدَدَ وَ لَا طَاعَةَ".[4] ظاهر الكلام انه رفع التكليف عمن لا قوة له ولا عدد لدفع الخطر المتوقع اثر الامر والنهي عن نفسه او عن الآخرين. فلا يدل على عدم وجوب الامر بالمعروف لمجرد احتمال ضررٍ ما. بل يدل على عدم وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لغير القادر بهما ومن قيامه بهما لا يثمر الهدف المنشود لهما.

منها: ما رواه الكليني :َ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ يَحْيَى الطَّوِيلِ صَاحِبِ الْمُقْرِي قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام: "إِنَّمَا يُؤْمَرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ يُنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ مُؤْمِنٌ فَيَتَّعِظُ- أَوْ جَاهِلٌ فَيَتَعَلَّمُ- فَأَمَّا صَاحِبُ سَوْطٍ أَوْ سَيْفٍ فَلَا".[5] في سنده يحيى الطويل وهو مجهول الحال وانما الموجود في الرجال يحيى بن ام الطويل الذي توثق. و اما الدلالة فنفي التكليف عن توجيه الامر والنهي الى صاحب السيف والسوط ظاهر للتوقي من الخطر المحتمل العظيم من جانبه ، مع اليأس من الاثر. فلا يصح الاستدلال بها لمطلق الضرر.

منها: ما عن الكليني و عَنْ علي بن ابراهيم عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُفَضَّلِ بْنِ يَزِيدَ‌ عن ابيعبد الله عليه السلام قال: قال لي: "يا مفضل، من تعرض لسلطان جائر فأصابته بلية لم يؤجر عليها و لم يرزق الصبر عليها".

اما سنده ففيه مفضل بن يزيد ولم يذكر منه في الرجال ذكر وقد ورد في الرجال مفضل بن مزيد وهو اخو شعيب الا انه ذكر في مجمع الرجال للقهبائي مرثد وزيد نسخ بدل لليزيد ومزيد ممدوح لم يوثق صريحاً.ولكن كون يزيد المدكور في الوسائل عن الكافي هو مزيد لا مثبت له فالسند ساقط عن الاعتبار

واما الدلالة فنفي الاجر والصبر عند اصابة البليّة ‌ ظاهر في عدم الوجوب بل عدم الرجحان ايضاً، ولكن ليست الرواية في النهي عن المنكر وانما فيها "التعرض للسلطان"، كما ان البلية التي ناتجة عن التعرض للسلطان الجائر ظاهرة في بلية عظيمة عادة. فلا يمكن الاستناد بها لاثبات سقوط التكليف في الامر بالمعروف في مطلق احتمال الضرر. فالحديث محمول على التعرض للسلطان الجائرمن دون حكمة و روية مما يؤدي الى اضرار كبيرة من دون فائدة.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo