< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

40/01/15

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: شروط الامر بالمعروف والنهی عن النکر/ کتاب الامر بالمعروف والنهی عن المنکر قال المصنف في الفصل الثاني من بحثه:

(الثاني في شروط النهي عن المنكر، ‌و لا يجب النهي عن المنكر ما لم تكمل شروط أربعة:

‌الأول أن يعلمه منكرا‌ً ليأمن الغلط في الإنكار).

انه رضوان الله عليه انما ذكر شروط النهي عن المنكر ولعله اراد الاعم ليشمل الامر بالمعروف ايضاً لان عنوان البحث هو فريضة شاملة لكلا الامرين، كما قد يبرر الاكتفاء بعنوان النهي عن المنكر، بان ترك الواجب حرام فيتعلق به وجوب النهي عنه فالنهي قد يتوجه الى فاعل المحرمات وقد يتوجه الى تارك الواجبات . ولكن هذا التبرير ليس سديدا الا بالمسامحة لان النهي لا يتعلق بالترك وانما الامر يتوجه الى الفعل لانه لا معنى لتعلق الحكم بالعدم فتأمل.

ثم ان ظاهر كلام المصنف ان العلم بالواجب والحرام شرط لوجوب الامر والنهي فلايجبان الا على العالم بهما، وفي هذه المسئلة خلاف بين فقهائنا العظام فمنهم من جعل العلم بهما شرط للوجوب ومنهم من جعله شرط للواجب، فان ذهبنا الى قول الاول فلا يجب على المكلف ان يتعرف على المحرمات والواجبات ليقوم بفريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى القول الثاني يعني جعل العلم بهما شرط للواجب فيجب على المكلف تعلمهما ليقوم بواجب الامر والنهي.

و الشهيد الثاني في المسالك اختار كون العلم شرط للواجب دون الوجوب خلافا لظاهر المصنف فيجب على المكلف تحصيله كما ان الصلاة واجب على المحدث مشروطاً بالطهارة فيجب عليه تحصيلها كي يتمكن عن اتيان صلاة صحيحة.

ولكن صاحب الجواهر اختار القول بكون العلم بالمعروف والمنكر شرط للوجوب، وقد ردّ على الشهيد والكركي بما ملخصه:

اولاً: ان القول بكونه شرطا للواجب مناف لما سمعته من الأصحاب من دون خلاف فيه بينهم كما اعترف به في المنتهى-

ثانياً: أنه مناف لما في خبر مسعدة من قوله عليه السلام "انما يجب على القوي المطاع العالم بالمعروف من المنكر"، ثالثاً: أن المنساق من إطلاق الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر هو ما علمه المكلف من الأحكام من حيث كونه مكلفا بها، لا أنه يجب أن يتعلم المعروف من المنكر زائدا على ذلك مقدمة لأمر الغير و نهيه. رابعاً: ان أصالة البراءة تفيد عدم الجوب على الجاهل بهما،

اقول: انه كما بيناه سابقا ان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة كفائية في الشريعة الغراء، ولها أهمية بالغة لا يمكن الاستهانة بها، فيجب ان يقوم من به الكفاية للقيام بهذا الواجب تحصيل شروط صحتها في مقام الامتثال و اهمها ان يتعلم جمع من الناس الاحكام الشرعية لارشاد الناس و للامر بالمعروف والنهي عن المنكر بمعناهما الواسع .

قال الله: ﴿وَلتَكُن مِنكُم اُمّة يدعون الى الخير و يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر﴾ ففي هذه الآية المباركة امرٌ صريحٌ بايجاد أمة يقومون بهذه الفريضة ولا شك انه لابد من الكفاية لاداء المهمة عِدّة وعُدة فلابد من تحصيل شروطهما والعلم بالمعروف والمنكر من اهم الشروط.

كذلك قوله تعالى:

﴿فَلَولا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرقَةٍ مِنهُم طائِفَةً لِيَتَفَقّهوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِروا قَومَهُم اِذا رَجَعُوا اِلَيهِم لَعَلَّهُم يَحذَرُونَ﴾ فالامر بالتفقّه في الدين امر بمعرفة المعروف من المنكر وهل الإنذار الذي جعل غاية للتفقه ليس من اوضح المصاديق للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمعناهما الواسع؟ وقوله عليه السلام: الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة عظيمة بها تقام الفرائض الا يجب تمهيد المقدمات لمثل تلك الفريضة؟ وهل يجوز الإهمال فيها بعذر عدم العلم بالمعروف والمنكر؟. وقول الرضا عليه السلام عن جده رسول الله (صلی الله علیه وآله): "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَقُولُ إِذَا أُمَّتِي تَوَاكَلَتِ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ- فَلْيَأْذَنُوا بِوِقَاعٍ مِنَ اللَّهِ". أو ليس التواكل إحالة كل واحد من الناس الامر الى الآخر الذي هو إعلام محاربة الله؟ أَوَ لا يدل هذا الحديث على وجوب الكفائي للمسلمين بالقيام بهذه الفريضة؟، أَو لا يدل قول رسول الله: " لَا يَحِلُّ لِعَيْنٍ مُؤْمِنَةٍ تَرَى اللَّهَ- يُعْصَى فَتَطْرِفَ حَتَّى تُغَيِّرَهُ".على عدم جواز السكوت على المنكرات؟ فالامر بالمعروف والنهي عن المنكر من احسن مغيّرات للبيعة عن حالة المعصية الى الطاعة.

ثم ننظر الى ما تمسك به صاحب الجواهر للردّ على الشهيد فنقول: أما التمسك بظاهر كلام الفقهاء فاولاً: كلامهم ليس حجة شرعية لغير مقلديهم وثانياً: كثير منهم جعلوا العلم بالمعروف والمنكر شرطا للقائم بهما وهذا يلائم مع كون العلم شرطا للواجب.

اما خبر مسعدة مضافا الى ضعف سنده يكون في مقام بيان عدم جواز التصدي الجاهل للامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك لا ينافي وجوب التعلم على المسلمين كفاية للقيام بهذا الواجب.

وعلى كل حال لا يمكن القول بعدم وجوب تعلم الواجبات والمحرمات للامر بالاول والنهي عن الثاني لانه يلزم منه تعطيل هذه الفريضة العظيمة في كثير من البلاد والمواطن فالحق انه شرط للواجب ويجب على من به الكفاية تعلّم المعروف والمنكر لحراسة المجتمع الاسلامي من الانحراف عن طريق الطاعة لله والعمل بالفرائض والانتهاء عن المعاصي.

اما التمسك بالبرائة لاثبات عدم وجوب التعلم على الجاهل فانما يجوز اذا لم يكن لنا دليل شرعي من الامارات وبما ان الايات والروايات دلت على وجوبها كفاية ففي ظرف عدم الكفاية لا يمكن الاستناد الى اصل البرائة

وللكلام تتمة نذكرها غدا انشاء الله

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo