< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

39/10/23

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الثانی/شروط النهی عن المنکر/کتاب الامر بالمعروف و النهی عن المنکر

كان بحثنا في ان العلم بالمعروف والمنكر هل هو شرط للوجوب او شرط للواجب؟

ظاهر كلام المحقق و جمع من الفقهاء رضوان الله عليهم يفيد انّه شرط للوجوب، ولكن الشهيد الثاني في المسالك ناقشهم و حاول إثبات انه شرط للواجب لا للوجوب وقد ذكرنا نص كلامه. ثم ردّ عليه صاحب الجواهر بما ملخصه: اولاً: ظاهر فتاوى الفقهاء جعله شرطا للوجوب، ثانياً: أن خبر مسعدة يفيد انه شرط للوجوب حيث حصر الوجوب على العالم بهما في قوله: "انما يجب على القوي المطاع العالم بالمعروف من المنكر" ثالثاً: سياق ادلة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر يفيد وجوب الامر والنهي بما علمه معروفا او منكرا لعمل نفسه فمن لم يتعلم المعروف والمنكر لنفسه لا يجب ان يتعلمهما للامر والنهي. رابعاً: فرض الوجوب على من علم بوقوع المنكر أو ترك المعروف، من شخص معيّن في الجملة، بواسطة شهادة العدلين، خارج عن محل الكلام او فقل اَخَصّ منه لانّه خاص بظرف العلم بتحقق ترك الواجب وفعل المنكر الذان هما موضوع الخطاب في ادلتهما، بخلاف من فعل أمراً أو ترك شيئاً و لم نعلم حرمة ما فعله و لا وجوب ما تركه، فإنه لا يجب تعرف ذلك مقدمة للأمر و النهي، فالدليل أخص من المدعى. خامساً: ان اصل البرائة من وجوب معرفة المعروف والمنكر للامر والنهي بهما تفيدنا عدم الوجوب لانه من الشك في التكليف.

اقول بما ان وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كفائي فيجب كفاية لأداء هذا المهم ان يتعلم جمع من الناس الاحكام الشرعية لارشاد الناس و للامر بالمعروف والنهي عن المنكر بمعناهما الواسع . وقد قال الله: "وَلتَكُن مِنكُم اُمّة" فهذا امر بايجاد أمة آمرة بالمعروف وناهية عن المنكر بما فيه الكفاية فلابد من تحصيل شروطهما والعلم بالمعروف والمنكر من اهم الشروط. وكذلك قوله تعالى: "﴿فَلَولا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرقَةٍ مِنهُم طائِفَةً لِيَتَفَقّهوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِروا قَومَهُم اِذا رَجَعُوا اِلَيهِم لَعَلَّهُم يَحذَرُونَ"﴾ فالامر بالتفقّه في الدين امر بمعرفة المعروف من المنكر وهل الإنذار الذي جعل غاية للتفقه ليس من اوضح المصاديق للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمعناهما الواسع؟ وقوله عليه السلام: "الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة عظيمة بها تقام الفرائض" الا يجب تمهيد المقدمات لمثل تلك الفريضة؟ وهل يجوز الإهمال فيها بعذر عدم العلم بالمعروف والمنكر؟. وقول الرضا عليه السلام عن جده رسول الله: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَقُولُ إِذَا أُمَّتِي تَوَاكَلَتِ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ- فَلْيَأْذَنُوا بِوِقَاعٍ مِنَ اللَّهِ". اوليس التواكل إحالة كل واحد من الناس الامر الى الآخر الذي هو إعلام محاربة الله؟ اَوَلا يدل هذا الحديث على وجوب الكفائي للمسلمين بالقيام بهذه الفريضة؟، اولا يدل قول رسول الله: " لَا يَحِلُّ لِعَيْنٍ مُؤْمِنَةٍ تَرَى اللَّهَ- يُعْصَى فَتَطْرِفَ حَتَّى تُغَيِّرَهُ".على عدم جواز السكوت على المنكرات؟ فالامر بالمعروف والنهي عن المنكر من احسن مغيّرات للبيعة عن حالة المعصية الى الطاعة.

ثم ننظر الى ما تمسك به صاحب الجواهر للردّ على الشهيد فنقول: اما التمسك بظاهر كلام الفقهاء فاولاً كلامهم ليس حجة شرعية لغير مقلديهم وثانياً: كثير منهم جعلوا العلم بالمعروف والمنكر شرطا للقائم بهما وهذا يلائم مع كون العلم شرطا للواجب.

اما خبر مسعدة مضافا الى ضعف سنده يكون في مقام بيان عدم جواز التصدي الجاهل للامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك لا ينافي وجوب التعلم على المسلمين كفاية للقيام بهذا الواجب.

واما قولكم ان ما ذكره من المثال فهو خارج عما نحن فيه، ضرورة العلم حينئذ بتحقق موضوع الخطاب بخلاف مَن فَعل أمرا أو ترك شيئا و لم نعلم حرمة ما فعله و لا وجوب ما تركه، فإنه لا يجب تعرف ذلك مقدمة للأمر و النهي فيمكن الدفاع عن الشهيد بانه ذكر مصداقا بين الحكم حيث يجب التعلم فيه للقيام بالواجب ويستكشف من خلاله كبرى وهي ان العلم شرط للواجب ولذا يجب تحصيله. وعلى كل حال لا يمكن القول بعدم وجوب تعلم الواجبات والمحرمات للامر بالاول والنهي عن الثاني فان يلزم من تعطيل هذه الفريضة العظيمة في كثير من البلاد والمواطن فالحق انه شرط للواجب ويجب على من به الكفاية تعلم المعروف والمنكر لحراسة المجتمع الاسلامي من الانحراف عن طريق الطاعة لله والعمل بالفرائض والانتهاء عن المعاصي.

اما التمسك بالبرائة لاثبات عدم وجوب التعلم على الجاهل فانما يجوز اذا لم يكن لنا دليل شرعي من الامارات وبما ان الايات والروايات دلت على وجوبها كفاية ففي ظرف عدم الكفاية لا يمكن الاستناد الى اصل البرائة

وللكلام تتمة نذكرها غدا انشاء الله

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo