< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

39/10/11

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع : تعريف كلمة الأمر والمعروف والمنكر/ فرع الأول من كلام المحقق/كتاب الأمر بالمعروف

قد مررنا على بعض الآيات القرآنية والروايات الشريفة حول الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. واليوم ندخل في تفاصيل المسئلة حسب ما قدم المحقق من البيان قال رضوان الله عليه:

(و الكلام فيه و شروط النهي و مراتب الإنكار و في المقيم للحد) [1]

فجعل البحث في اربع محاور:

البحث حول تحديد الموضوع وتعريفه، و البحث في شروط وجوب النهي عن المنكر، و البحث حول مراتب الانكار و اساليبه التي يجوز اختياره، والبحث حول من له تنفيذ الحدود على مرتكب المنكرات.

وقبل الدخول في تحليل كلام المصنف اودّ ان نتحدث حول معنى مفردة الأمر:

فقيل: ( الأمرهو طلب الشيء ممن هو دونه على سبيل الاستعلاء) فاشترط في مفهوم الامر اولاً أن يصدر من العالي الى الداني وثانياً ان يكون الصدور على سبيل الاستعلاء، ولكن الظاهر إن هذين الشرطين ليسا مأخوذاً في موارد استعمال صيغة الأمر بل انما اتخذوهما في مفهوم الأمر لأنّ في الغالب ان الدون لا يوجه امراً الى من هو فوقه لعدم الضمان في التنفيذ فيتمنّى منه مراده كي يستعطفه ويسترحمه في انفاذ طلبه، كما ان الاستعلاء في الامر يضمن التنفيذ من الداني.

ولكن هذين الشرطين ليسا مقوِّماً لصحة استعمال صيغة الأمر، فكثيراً ما يستعمل هذه الصيغة فيما لا يتوفَّر فيه الشرطين او أحدهما، فنحن نوجّه صيغ الأمر في ما نريده من ربّنا تعالى. كما في محاوراتنا كثيراّ ما نرى مثل ذلك. و الاصوليون خصوصاً المتأخرون منهم ذهبوا الى أن الامر حقيقة في مطلق الطلب وانما الوجوب يستفاد من حكم العقل بلزوم طاعة المولى. الا اذا كان هناك ترخيص منه في الترك بالصراحة او بالكناية و القرينة كما في الاوامر الندبية .

مضافاً الى ان صحة تقسيم الاوامر الى الوجوبية والندبية وتقسيمها الى الارشادية والمولوية تفيد شمولها لغير ما يكون من العالي الى الداني على سبيل الاستعلاء. و نبّه الى هذه النقطة بعض كبار فقهاء السلف كابي الصلاح الحلبي حيث قال: (و الأمر و النهى على مقتضى الأصول عبارة عن قول الأعلى للأدنى: افعل، أو لا تفعل، مقترنا بالإرادة و الكراهة، و فيما قصدناه عبارة عما أثر وقوع الحسن و ارتفاع القبيح من الغير من الأقوال و الأفعال[2] ).

اما المحور الاول من المحاور الأربعة التي جعلها المصنف مطارح كلامه هو تحديد موضوع البحث وتعريفه فقال فيه المحقق:(الأول الكلام فيه، ‌المعروف هو كل فعل حسن اختص بوصف زائد على حسنه إذا عرف فاعله ذلك أو دلّ عليه و المنكر كل فعل قبيح عرف فاعله قبحه أو دل عليه). [3] وقريب من هذا التعريف ورد عن العلامة في المنتهى و التحرير و التذكرة.

و المراد من الحسن في هذا التعريف ما يقابل القبيح، فيشمل كل فعل جائز ولو كان مرجوحاً وقد عرّفوا الحسن في مفهومه هذا: (بما للقادر عليه العالم بحاله أن يفعله[4] ) وقد عرّفه البعض (بما لم يكن على صفة تؤثر في استحقاق الذم[5] ).

و لعل الوجه في جعل الحسن اسماً لكل ما هو جائز فعله حتى المكروه، لانه في مقابل القبيح ولا يجوز عتاب مرتكب المكروه ولا تقبيحه ولا منعه عن الفعل حيث ان الله رخص فيه. نعم قد يطلق الحسن على ما له مدخلية في استحقاق المدح، فيختص حينئذ بالواجب و المندوب، و يخرج عنه المباح و المكروه. ولكن المصنف اراد من الحسن، المعنى الشامل للمباح والمكروه ايضاً بقرينة تعريف المعروف بكل فعل حسن اختص بوصف زائد على حسنه.

والمراد من الوصف الزائد الذي جاء في التعريف، هو الوصف الذي يوجب له رجحان فعله على تركه، فبذلك يحصر في المستحب والواجب.

اما قوله: (إذا عرف فاعله ذلك أو دلّ عليه) لان ما لا يعرفه المكلف فاخباره بالوجوب او الاستحباب هو مصداق لارشاد الجاهل وليس من الامر بالمعروف، و قوله: (او دل عليه) اي قامت الحجة على الوجوب، فعم الحكم العلم والعلمي.

اما المنكر فقد عرّفه المصنف بقوله: (و المنكر كل فعل قبيح عرف فاعله قبحَه أو دلّ عليه[6] ).

بعد ما استعمل المصنف الحسن بما وراء الحرام فلم يبق للمنكر الا ما هو حرام، فالمباح و المكروه فضلا عن ترك المندوب ليسا من المعروف و لا من المنكر، فلا يؤمر بهما و لا ينهى عنهما،

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo