< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

39/07/30

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : تملک اموال اهل البغی/قتال اهل البغی/رکن الرابع/المهادنه/ احکام اهل الذمه/کتاب الجهاد

كان بحثنا قي المسألة الثانية مما الحق المحقق بمبحث البغاة حيث قال في الفقرة الاولى من هذه المسألة: (لا يجوز تملك شي‌ء من أموالهم التي لم يحوها العسكر سواء كانت مما تنقل كالثياب و الآلات أو لا تنقل كالعقارات، لتحقق الإسلام المقتضي لحقن الدم و المال)[1] وقد توضح ان الحكم المذكور هنا لا نقاش فيها عند الفقهاء مضافاً الى النصوص الكثيرة التي هي فوق الاستفاضة مما هو صريح في الحكم وقد مرت بنا في الايام الماضية.

ثم قال المصنف : (و هل يؤخذ ما حواه العسكر مما ينقل و يحول؟ قيل لا لما ذكرناه من العلة و قيل نعم عملاً بسيرة علي عليه السلام، و هو الأظهر)

في هذه المسألة خلاف بين الفقهاء قد ذهب جمع من الفقهاء الى عدم جواز أخذ ماحوته العسكر من اموال اهل البغي كالسلاح و الدواب و غيرهما منهم السيد المرتضى و ابن إدريس و الفاضل في جملة من كتبه و الشهيد في الدروس على ما حكي عن بعضهم ، بل عن الناصريات لا أعلم خلافا من الفقهاء فيه، و عن السرائر إجماعنا بل المسلمين عليه، و عن التذكرة نسبته إلى كافة العلماء. مستندا الى الروايات التي مرت بنا مما هو صريح في عدم جواز أخذ اموالهم و انهم مسلمون والاسلام يحقن الدم والمال وما يدل بعمومها على ذلك.

و ذهب جمع أخر بجواز اخذ الغنائم التي يحويها العسكر كالمصنف و العماني و الإسكافي و الشيخ في الخلاف و النهاية و الجمل و القاضي و الحلبي و ابن حمزة و الفاضل في المختلف و الشهيد الثاني و محقق الكركي وفي قد نسب العلامة في المختلف جواز الأخذ الى الاكثر.

واستدلوا على قولهم اولا: بسيرة امير المؤمنين عليه السلام وثانيا: بإجماع الفرقة و أخبارهم، والعجب كلا الطائفتين استدلوا بسيرة امير المؤمنين كما نقلوا اجماع الفرقة! فالمحقق استند الى السيرة للجواز والشهيد في الدروس استند اليها لعدم الجواز.

قال العلامة في المختلف: اختلف علماؤنا في قسمة ما حواه العسكر من أموال البغاة‌، فذهب السيد المرتضى في المسائل الناصرية إلى أنّها لا تقسّم و لا تغنم، قال: و مرجع الناس في ذلك كلّه الى ما قضى به أمير المؤمنين- عليه السلام- في محاربي أهل البصرة فإنّه منع من غنيمة أموالهم و قسمتها كما تقسّم أموال الحرب. و لا أعلم خلافا من الفقهاء في ذلك

وقال: (و الشيخ في المبسوط وافقه فإنّه قال: فاذا أنقضت الحرب بين أهل العدل و البغي امّا بالهزيمة أو بأن عادوا إلى الحق و طاعة الامام، و قد كانوا أخذوا الأموال و أتلفوا و قتلوا، نظرت فكلّ من وجد عين ماله عند غيره كان أحق به، سواء كان من أهل العدل أو أهل البغي، لما رواه ابن عباس أنّ النبي- صلّى‌ ‌اللّه عليه و آله- قال: «المسلم أخو المسلم لا يحلّ دمه و ماله إلّا بطيبة من نفسه».و روي أنّ عليّا- عليه السلام- لما هزم الناس يوم الجمل قالوا له: يا أمير المؤمنين ألا تأخذ أموالهم؟ قال: لا، لأنّهم تحرّموا بحرمة الإسلام، فلا يحلّ أموالهم في دار الهجرة. و روى أبو قيس أنّ عليا- عليه السلام- نادى من وجد ماله فليأخذه، فمرّ بنا رجل فعرّف قِدرا نطبخ فيها فسألناه أن يصبر حتى ينضج الطبيخ فلم يفعل و رمى برجله فأخذها.

قال- رحمه اللّه-: و روى أصحابنا أنّ ما يحويه العسكر من الأموال فإنّه يغنم. قال: و هذا يكون إذا لم يرجعوا إلى طاعة الإمام، فأمّا إن رجعوا الى طاعته فهم أحق بأموالهم . فهذا رجوع عمّا أطلقه أوّلا في تفصيل العبارة. و ابن إدريس وافق السيد المرتضى.و قال ابن أبي عقيل : يقسّم أموالهم التي حواها العسكر.و قال الشيخ في الخلاف: ما يحويه عسكر البغاة يجوز أخذه و الانتفاع به و يكون غنيمة يقسّم في المقاتلة، و ما لم يحوه العسكر لا يتعرّض له. و استدلّ على ذلك بإجماع الفرقة و أخبارهم، و بقوله تعالى: «فَقٰاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي» أمر بقتالهم، و لم يفرّق بين أن يقاتلوا بسلاحهم و على دوابهم أو بغير ذلك ، و قال في النهاية: يجوز للإمام أن يأخذ من أموالهم ما حواه العسكر و يقسّم في المقاتلة حسب ما قدمناه، و ليس له ما لم يحوه . و جوّز ابن الجنيد قسمة ما حواه العسكر أيضا، و هو اختيار ابن‌ البراج ، و أبي الصلاح . و استدل ابن أبي عقيل بما روي انّ رجلا من عبد القيس قام يوم الجمل فقال: يا أمير المؤمنين ما عدلت حين تقسّم بيننا أموالهم و لا تقسم بيننا نساءهم و لا أبناءهم، فقال له: إن كنت كاذبا فلا أماتك اللّه حتى تدرك غلام ثقيف، و ذلك انّ دار الهجرة حرمت ما فيها و دار الشرك أحلت ما فيها فأيّكم يأخذ امه من سهمه، فقام رجل فقال: و ما غلام ثقيف يا أمير المؤمنين؟ قال: عبد لا يدع للّه حرمة إلّا هتكها، قال: يقتل أو يموت؟ قال: بل يقصمه اللّه قاصم الجبارين. و الأقرب ما ذهب إليه الشيخ في النهاية. لنا: ما رواه ابن أبي عقيل و هو شيخ من علمائنا تقبل مراسيله لعدالته و معرفته. و لأنّ البغاة عند بعض علمائنا كفار، لما تقدّم، فجاز قسمة أموالهم. و لأنّ بعض الشيعة جوّز سبي ذراريهم فأموالهم أولى. و لأنّه قول الأكثر فيتعيّن المصير إليه، إذ تطرق الغلط إلى الأكثر أندر من تطرّقه إلى الأقل، فيغلب على الظنّ صواب حكم الأكثر و خطأ الأقل.و ما رواه أبو حمزة الثمالي قال: قلت لعلي بن الحسين- عليهما السلام-: إنّ عليا- عليه السلام- سار في أهل القبلة، بخلاف سيرة رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- في أهل الشرك، قال: فغضب ثمَّ جلس، ثمَّ قال: سار فيهم و اللّه بسيرة رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- يوم الفتح، انّ عليا- عليه السلام- كتب الى مالك و هو على مقدمته يوم البصرة: لا تطعن في غير مقبل و لا تقتل مدبرا و لا‌ تجهز على جريح، و من أغلق بابه فهو آمن. فأخذ الكتاب فوضعه بين يديه على القربوس ثمَّ قال قبل أن يقرأه: اقتلوا فقتلهم حتى أدخلهم سكك البصرة، ثمَّ فتح الكتاب فقرأه ثمَّ أمر منادي ينادي بما في الكتاب، لا يقال: إنّ المراد تنافي هذه الأحكام. لأنّا نقول: تفصيل هذه الأحكام لا ينافي إرادة العموم. وعن حفص بن غياث، عن الصادق- عليه السلام- الى أن قال: و كانت السيرة فيهم من أمير المؤمنين- عليه السلام- ما كان من رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- الى أهل مكة يوم فتح مكة، فإنّه لم يسب لهم ذرية، و قال: من أغلق بابه و ألقى سلاحه و أدخل دار أبي سفيان فهو آمن، و كذلك قال أمير المؤمنين- عليه السلام- فيهم: لا تسبوا لهم ذرية و لا تتمّوا على جريح و لا تتبعوا مدبرا، و من أغلق بابه و ألقى سلاحه فهو آمن . و لأنّ عصمة النفس أولى من عصمة المال، فاباحة المال أولى من اباحة النفس. و عن عبد الكريم بن عتبة الهاشمي في الحسن، عن الصادق- عليه السلام- قال: إنّ أبي حدثني- و كان خير أهل الأرض و أعلمهم بكتاب اللّه و بسنة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله- انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: من ضرب الناس بسيفه و دعاهم الى نفسه و في المسلمين من هو أعلم منه فهو ضالّ متكلّف. و إذا كان ضالا جاز قسمة ماله.

احتجّ المخالف بما رواه حفص بن غياث، عن أبيه، عن جده، عن مروان ابن الحكم قال: لما هزمنا علي بالبصرة ردّ على الناس أموالهم من أقام بيّنة أعطاه، و من لم يقم بيّنة أحلفه، قال: فقال له قائل: يا أمير المؤمنين أقسم الفي‌ء بيننا و السبي. قال: فلمّا أكثروا عليه قال: أيّكم يأخذ أمّ المؤمنين في سهمه؟فكفّوا. و لأنّهم مسلمون فيحرم أموالهم، لقوله- عليه السلام-: «لا يحلّ مال امرئ مسلم إلّا عن طيب نفس منه». و الجواب عن الحديث: بضعف السند، و لأنّهم سألوه قسمة الأموال و الذرية، و جاز أن تكون المصلحة في ردّ الأموال عليهم ففعله- عليه السلام. و عن الثاني: انّ المسلم المعصوم يحرم ماله، أمّا غيره فلا[2]

اقول فلابد من المقارنة بين ادلة الطرفين ثم استخراج ما هو اقوى واصح نتركه الى بحث لا حق ان شاء الله.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo