< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

39/07/16

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: ذکر الادلة/قتال اهل البغی/رکن الرابع/المهادنه/ احکام اهل الذمه/کتاب الجهاد

كان بحثنا في الادلة التي استدل بها في المنتهى على وجوب قتال اهل البغي فالآية تم دلالتها من دون حاجة الى حديث السيف،

ومما استدل به العلامة : ما رواه العلامة عن الجمهور باسنادهم عن أبي هريرة "أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: «من حمل علينا السلاح فليس منّا»[1] و قال: «من خرج عن الطاعة و فارق الجماعة، فمات فميتته جاهليّة[2] » وعن ابن عبّاس، أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: «من فارق الجماعة شبرا، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه[3] ». و عن ابن عمر، أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: «من خلع يده من طاعة الإمام، جاء يوم القيامة لا حجّة له عند اللّه، و من مات و ليس في عنقه بيعة، فقد مات ميتة جاهليّة[4] ».

ولكن هذه الروايات مضافاً على ضعف اسنادها لا تدل على وجوب جهادهم، وانما تدل على حرمة شهر السلاح على الامام و حرمة مفارقة الجماعة.

و استدلّ من طريق الخاصّة بما رواه الشيخ َ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ السِّنْدِيِّ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "قَالَ عَلِيٌّ علیه السلام الْقِتَالُ قِتَالانِ قِتَالُ أَهْلِ الشِّرْكِ- لَا يُنْفَرُ عَنْهُمْ حَتَّى يُسْلِمُوا- أَوْ يُؤْتُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صَاغِرُونَ- وَ قِتَالٌ لِأَهْلِ الزَّيْغِ لَا يُنْفَرُ عَنْهُمْ- حَتَّى يَفِيئُوا إِلَى أَمْرِ اللَّهِ أَوْ يُقْتَلُوا"[5] .

في سندها سندي بن ربيع الكوفي البغدادي لم يرد له توثيق و ابوعبد الله محمد بن خالد البرقي، هو من اصحاب ابي الحسن موسى وابي الحسن الرضا عليهما السلام طعن فيه الغضائري مرة، فقال: (حديثه يعرف وينكر و يروي عن الضعفاء كثيراً ويعتمد المراسيل[6] ). و وثّقه مرة اخرى عند ذكر اصحاب الرضا عليه السلام، والنجاشي قال فيه: (وكان محمد ضعيفا في الحديث[7] الخ).

وابي البختري هو وهب بن وهب الذي اخبر الكشي بسنده عن الفضل بن شاذان قال في حقه: انه اكذب البرية[8] . وقال الغضائري:ابو البختري القاضي كذاب عامي الا ان له عن جعفر بن محمد عليهما السلام أحاديث كلها لا يوثق بها[9] . وقال الشيخ في الفهرست فيه: (ضعيف و هو عامي المذهب[10] وقال النجاشي فيه: (روى عن ابيعبد الله عليه السلام وكان كذابا وله احاديث مع الرشيد في الكذب[11] ). فالسند ساقط عن الاعتبار.

اما الدلالة فقوله: " وَ قِتَالٌ لِأَهْلِ الزَّيْغِ لَا يُنْفَرُ عَنْهُمْ- حَتَّى يَفِيئُوا إِلَى أَمْرِ اللَّهِ أَوْ يُقْتَلُوا). ظاهر في الوجوب.

مما استند اليه العلامة لوجوب قتال البغاة عدم الخلاف فقال: ( و لا خلاف بين المسلمين كافّة في وجوب جهاد البغاة[12] )، ثم استند الى روايات عامية تحكي لنا فعل الخلفاء في قتال اهل الردة و الحوار الحاصل بين ابي بكر وعمر وقد ذكرناها قبل يومين، وهي ليس بحجة مضافا الى ما نعرف من بعضهم انهم كانوا مؤمنين ولكنهم لم يعترفوا بابي بكر. فلتراجعوا الى ما ذكرناه لكم قبل يومين.

ثم استند رضوان الله عليه على قتال امير المؤمنين عليه السلام الطوائف الثلاثة من الناكثين والقاسطين والمارقين فقص لنا من كتب العامة والخاصة وبما ان قصتهم من ضروريات التاريخ فلا داعي لذكرها هنا و في المستقبل بمنا سبة بيان بعض احكام البغاة نتطلّع الى بعضها.

ثم ان صاحب الجواهر مضافا الى ادلة المذكورة استند الى : (ما عن علي عليه السلام أنه قال: «أمرت بقتال الناكثين و القاسطين و المارقين ففعلت ما أمرت»‌(دعائم الإسلام ج 1 ص 388).

وقوله عليه السلام: «و اللّٰه ما وجدت إلا قتالهم أو الكفر بما أنزل اللّٰه تعالى على نبيه محمد صلى اللّٰه عليه و آله»‌( مستدرك الوسائل- الباب 24 من أبواب جهاد العدو الحديث 12 وورد في النهج ايضاً). وما عن الباقر عليه السلام: أنه ذكر الذين حاربهم علي عليه السلام فقال: «أما إنهم أعظم حربا ممن حارب رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله، قيل له و كيف ذلك يا بن رسول اللّٰه؟ قال: لأن أولئك كانوا جاهلية و هؤلاء قرءوا القرآن و عرفوا فضل أهل الفضل، فأتوا ما أتوا بعد البصيرة»( المصدرح13). كما يدل على المطلوب خبر هاشم بن يزيد قال: «سمعت زيد بن علي يقول: كان علي عليه السلام في حربه أعظم أجرا من قيامه مع رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله في حربه، قال: قلت: و أي شي‌ء تقول أصلحك اللّٰه؟ قال:فقال لي لأنه كان مع رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله تابعا، و لم يكن له إلا أجر تبعيته، و كان في هذه متبوعا و كان له أجر كل من تبعه».( التهذيب- ج 6 ص 170 الرقم 326) وخبر محمد بن عمر بن‌ علي عليه السلام عن أبيه عن جده عليه السلام عن النبي صلى اللّٰه عليه و آله المروي مسندا عن مجالس الحسن بن محمد الطوسي أنه قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله: «إن اللّٰه تعالى قد كتب على المؤمنين الجهاد في الفتنة من بعدي كما كتب عليهم الجهاد مع المشركين معي، فقلت يا رسول اللّٰه: و ما الفتنة التي كتب علينا فيها الجهاد؟ قال: فتنة قوم يشهدون أن لا إله إلا اللّٰه، و أني رسول اللّٰه، و هم مخالفون لسنتي و طاعنون في ديني، فقلت فعلى ما نقاتلهم يا رسول اللّٰه و هم يشهدون أن لا إله إلا اللّٰه و أنك رسول اللّٰه؟ فقال على إحداثهم في دينهم و فراقهم لأمري، و استحلالهم دم عترتي»‌(الوسائل- الباب 26 من أبواب جهاد العدو الحديث 7). و ماعن علي عليه السلام «أنه حرض الناس على القتال يوم الجمل، فقال: قاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم، لعلهم ينتهون، ثم قال: و اللّٰه ما رمى أهل هذه الآية سهم قبل اليوم»‌(دعائم الإسلام- ج 1 ص 389- 390 المطبوعة عام 1383). و ما عنه عليه السلام أيضا أنه قال يوم صفين: «اقتلوا بقية الأحزاب و أولياء الشيطان، اقتلوا من يقول: كذب اللّٰه و رسوله، و تقولون صدق اللّٰه و رسوله».( المصدر). وماعبد الرحمن السلمي «1» قال: «شهدت صفين مع علي عليه السلام فنظرت إلى عمار بن ياسر و قد حمل فأبلى و انصرف و قد انثنى سيفه من الضرب، و كان مع علي عليه السلام جماعة قد سمعوا قول رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله لعمار: يا عمار تقتلك الفئة الباغية، فكان لا يسلك واديا إلا اتبعوه فنظر إلى هاشم بن عتبة المرقال صاحب راية علي عليه السلام و قد ركز الراية و كان هاشم أعور فقال له عمار: يا هاشم عورا و جبنا لا خير في أعور لا يغشى الناس، فانتزع هاشم الراية و هو يقول:أعور يبقى أهله محلا قد عالج الحياة حتى ملا لا بد أن يفل أو يفلا فقال عمار: أقدم يا هاشم- إلى أن قال: فحملا جميعا فما رجعا حتى قتلا»‌( المصدرص392)

وما عن علي عليه السلام: «أنه أعطى الراية يوم الجمل محمد بن الحنفية و أقامه بين يديه، و قدم الحسن عليه السلام على الميمنة و الحسين عليه السلام على الميسرة، و وقف خلف الراية على بغلة رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله الشهباء، قال ابن الحنفية: فدنا منا القوم و رشقونا بالنبل، و قتلوا رجلا، فالتفت إلى أمير المؤمنين عليه السلام فرأيته نائما قد استثقل نوما، فقلت يا أمير المؤمنين على مثل هذه الحال تنام و قد فضخونا بالنبل و قتلوا رجلا منا، هلك الناس، فقال علي عليه السلام لا أراك إلا تحن حنين العذراء الراية راية رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله، فأخذها فهزها و كانت الريح في وجوهنا فانقلبت عليهم، فحسر علي عليه السلام عن ذراعه و شد عليهم فضرب‌ بسيفه حتى صبغ كم قبائه و انحنى سيفه».( دعائم الإسلام ج 1 ص 353).

نعم انّ هذه المسئلة من المسلمات حيث قال في الجواهر وهو ضليع بالاقوال: (لا خلاف بين المسلمين فضلا عن المؤمنين في أنه يجب قتال من خرج على إمام عادل عليه السلام بالسيف و نحوه إذا ندب إليه الإمام عليه السلام عموما أو خصوصا أو من نصبه الإمام لذلك أو ما يشمله، بل الإجماع بقسميه عليه، بل المحكي منهما مستفيض كالنصوص من طرق العامة والخاصة[13] )

واضيف الى ما ذكره فقهائنا العظام: انّ وجوب قتال البغاة مما قياساتها معها عقلا ايضاً: فليس من الحكمة في شيئ عن يوجب الله شريعة على المسلمين ثم لم يأمر بالدفاع عنها وعن المؤمنين بها. ولو لم يكن اسلام لحكم العقل بلزوم دفع المعتدي ايا كان مسلما او غيره. وبما ان في ترك الدفاع خسارة كبيرة فهو معصية كبيرة. كما اشار المصنف بذلك.

اما تقييد الوجوب بما (إذا ندب إليه الإمام عموما أو خصوصا أو من نصبه الإمام) في كلام المصنف، لعل الوجه فيه ان الجهاد شأن حكومي ويحتاج الى ولاية وامارة وهذه من شؤون الامام او من نصبه، فمن نصبه يشمل الفقيه الجامع للشرائط ايضاً ممن له الولاية نيابة عن المعصوم نيابة عامة، وزاد اليه في الجواهر (او ما يشمله) و لعل مراده عند فقد الامام اوالفقيه فالامر يعود الى عدول المسلمين، حتى اذا لم يتيسر ذلك و توقف حفظ الدماء والاموال على القتال تحت لواء الجائر يجوز ذلك بل يجب.

و واضح عن هذا القتال واجب كفائي الا اذا وجه الامام او نائبه الخطاب بخصوص الافراد فيتعين فيهم.


[2] مسند الامام احمد الحنبل، محمد بن احمد بن حنبل، ج2، ص29.
[3] مسند الامام احمد الحنبل، محمد بن احمد بن حنبل، ج5، ص180.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo