< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

39/07/08

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : ارتداد الذمی عن دینه/ المهادنه/ احکام اهل الذمه/کتاب الجهاد

الحق المصنف فروعاً بالهدنة فقال: (و من لواحق هذا الطرف مسائل‌:الأولى: كل ذمي انتقل عن دينه إلى دين لا يقر أهله عليه‌لا يقبل منه إلا الإسلام أو القتل أما لو انتقل إلى دين يقر أهله كاليهودي ينقل إلى النصرانية أو المجوسية قيل يقبل لأن الكفر ملة واحدة و قيل لا لقوله تعالى وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلٰامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ و إن عاد إلى دينه قيل يقبل و قيل لا و هو الأشبه و لو أصر فقتل هل يملك أطفاله قيل لا استصحابا لحالتهم الأولى)[1] .

اما عدم الاقرار على دين كالوثنية امر واضح كما قال في الجواهر: (بلا خلاف و لا إشكال، بل في المنتهى و محكي التذكرة و التحرير الإجماع عليه، و هو كذلك، ضرورة عدم قبول دين من انتقل إليهم و عدم إقرارهم عليه، فهو أولى[2] )

اما اذا انتقل الى دين يقر عليه كانتقال اليهودي الى النصراني فمن الفقهاء من ذهب الى الاقرار عليه كالمحقق الثاني والشيخ في المبسوط حيث جعله ظاهر المذهب وفي الخلاف ادعى الاجماع عليه مستدلا على ان الكفر ملة واحدة فهو كان كافرا كتابيا والان يكون كافرا كتابياً فيستمر عليه الذمة.

ومنهم من ذهب الى عدم الاقرار عليه فهو مخير بين الاسلام والقتل كما ذهب اليه الشهيد الثاني في المسالك وفاقا للمصنف مستدلا بعموم قوله تعالى: "وَمَن يَبتَغِ غَيرَ الاِسلامِ دِيناً فَلَن يُقبَلَ مِنهُ" ، و النبوي «من بدل دينه فاقتلوه»‌ و لأنه عند ما ارتد عن دينه اعترف ببطلانه و ما عدا الإسلام، واضح البطلان فصار كالمرتد عن الإسلام الذي لا يقبل منه الا الاسلام أو القتل،[3]

ولكن يمكن المناقشة في التمسك بالآية انّها ارادت عدم القبول عند الله وخسرانه في القيامة، لان من المسلم جواز اقرار اهل الكتاب على دينهم، واما الاستدلال على النبوي فلا يتم لضعف سنده بالارسال، واما قياسه بالمرتد عن الاسلام الذي حكمه القتل فهو قياس مع الفارق فان المرتد الذي محكوم بالقتل على حسب ما ورد في النصوص والفتاوى فهو الذي ارتد عن الاسلام ، و لا يصدق على من انتقل من كتاب الى كتاب.

ثم بما قلناه يتضح الحكم في قول: (و إن عاد إلى دينه قيل يقبل و قيل لا و هو الأشبه)[4] فمن قال باقراره على دين يقر عله فعوده الى الدين الاول اولى بالقبول. نعم من قال بعدم اقراره بدين غير دينه ولو كان من الاديان الكتابية له ان يقول بحصر الخيار بين الاسلام و القتل، كما له أن يقول بجواز عوده الى دينه لانه دخل الى ما كان عليه فيصدق عليه العنوان السابق.

قال المصنف: (الثانية إذا فعل أهل الذمة ما هو سائغ في شرعهم و ليس بسائغ في الإسلام لم يتعرضوا، و إن تجاهروا به عمل بهم ما تقتضيه الجناية بموجب شرع الإسلام، و إن فعلوا ما ليس بسائغ في شرعهم كالزنا و اللواط فالحكم فيه كما في المسلم و إن شاء الحاكم دفعه إلى أهل نحلته ليقيموا الحد فيه بمقتضى شرعهم[5] ) .

اما عدم التعرض لهم عند عدم التجاهر لما فعلوا من المباحات عندهم فهو مقتضى اقرارهم على دينهم. ولكن ان تجاهروا فحكم المصنف وبعض الفقهاء الآخرين ان يحكم عليهم بمقتضى شرع الاسلام مستدلا على انهم مكلفون بالفروع، ولكن يرد عليهم اولا ان هذا الحكم يتم على رأي من يراهم مكلفون بالفروع ولكن من يقول بتكليفهم بالاصول ويعاقبون عليها فلا مجال لاجراء حد الاسلام عليهم.

ثم على فرض تكليفهم بالاسلام في الواقع فعقد الذمة و اقرارهم على دينهم جعلهم مسموحا لهم ترك ما يراه الاسلام فلا يؤاخذون على الفعل وانما شرط عليهم عدم التجاهر بما يحرم الاسلام ويحلل لهم دينهم. فهم انما يستحقون معاقبة التجاهر دون الفعل.

واما اذا ارتكبوا ما هو محرم في النحلتين فحكم المصنف بالتخيير بين ان يجرى عليهم حكم الاسلام او حكم نحلتهم. ولكن ظاهر اقرارهم على دينهم اجراء المجازات ايضا على ما في نحلتهم الا ان لا يكون لهم حكم في ذلك فالمرجع هو حكم الاسلام في المجازات. وهنا فروع و تشقيقات و ادلة ذكرها في المنتهى والجواهر وغيرهما من الكتب الفقهية نعرض عنها رعاية للاختصار.

قال المصنف: (الثالثة إذا اشترى الكافر مصحفاً لم يصح البيع، و قيل يصح و ترفع يده و الأول أنسب بإعظام الكتاب العزيز، و مثل ذلك كتب أحاديث النبي صلى اللّٰه عليه و آله، و قيل يجوز على كراهية، و هو أشبه[6] )

بما ان هذه المسئلة تناسب باب البيع فنتركها الى هناك، وانما نقول: ان كان لا يؤمن عن الاهانة الى القران فلا يجوز بل لا يصح بيعه وكذلك احاديث النبي والائمة عليهم السلام هذا هو المتيقن. ويمكن القول بعدم جواز تسليط الكافر على الكتاب ولو لم تكن فيه اهانة والامر موكول الى محله.

قال المصنف: (الرابعة لو أوصى الذمي ببناء كنيسة أو بيعة لم يجز لأنها معصية و كذا لو أوصى بصرف شي‌ء في كتابة التوراة و الإنجيل لأنها محرفة و لو أوصى للراهب و القسيس جاز كما تجوز الصدقة عليهم[7] )

قال في الجواهر: (أو غير ذلك معبدا لهم و محلا لصلاتهم و نحوها من عباداتهم الباطلة و رجع الأمر إلينا لم يجز لنا إنفاذها لأنها معصية و الوصية فيها غير جائزة إجماعا في المنتهى و محكي التذكرة و غيرهما، بل هو محصل)[8]

ظاهر كلام الجواهر ارجاع عدم الجواز الى التنفيذ بواسطتنا لا عدم صحة وصيتهم، ولكن يظهر من كلام المصنف نفي الجواز منهم و الثمرة تظهر في الرخصة لانفاذها بواسطتهم ايضاً

ثم يقول: و عن الشهيد «أن هذا ليس على إطلاقه، بل هو في موضع ليس لهم الإحداث فيه» و فيه أن عدم جواز إنفاذنا لها إذا رجع الأمر إلينا باعتبار كونها معصية في نفسها، و هو المراد من عدم صحتها، فإن لم يرجع الأمر إلينا لم يكن لنا التعرض لهم فيما يقتضيه شرعهم[9]

وقال في الوصية بكتابة العهدين: ( فصارت من كتب الضلال، قال اللّٰه تعالى شأنه «يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوٰاضِعِهِ» و قال: «فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتٰابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هٰذٰا مِنْ عِنْدِ اللّٰهِ»‌و روي «أن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله خرج يوما من داره فوجد في يد عمر صحيفة فقال: ما هي: فقال: من التوراة، فغضب عليه و رماها من يده، و قال: لو كان موسى و عيسى عليهما السلام حيين لما وسعهما إلا اتباعي»[10] .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo