< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

39/07/07

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:اعاده الرجال/فرع الثانی/المهادنه علی ما لایجوز/ المهادنه/ احکام اهل الذمه/کتاب الجهاد

قد انتهينا عن البحث والاستدلال على عدم جواز اشتراط اعادة المهاجرة ممن اسلم في عقد الهدنة اذا لم يؤمّن من الخطر على نفسه او دينه بما لامزيد عليه.

اما اذا كان له عِدّة وعُدّة يدافعون عنه من شر المشركين و رأى الامام المصلحة في قبول شرط الاعادة لا بأس به كما قال المصنف وقد فصل علامة الحلي بنفس الميزان، نكتفي بذكر كلامه هنا لما فيه من الفائدة و رعاية للاختصار قال في المنتهى: (مسألة: لو شرط الإمام ردّ من جاء مسلماً من الرجال، ثمّ جاء مسلم فأرادوا أخذه، لم يخل الحال من أحد أمرين: إمّا أن يكون ذا عشيرة و قوّة تحميه و تمنعه عن الافتتان و الدخول في دينهم. أو يكون مستضعفاً لا يؤمن عليه الفتنة في الدين أو النفس. فالأوّل يجوز ردّه إليهم و لا يمنعهم منه؛ عملاً بالشرط، و عدم الضرر عليه متحقّق؛ إذ التقدير ذلك- لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ردّ أبا جندل بن سهيل و أبا بصير، في صلح الحديبيّة بمعنى أنّه لا يمنعهم من أخذه إذا جاءوا في‌ طلبه، و لا يجبره الإمام على المضيّ معهم، و له أن يأمره في السرّ بالهرب منهم و يقاتلهم؛فإنّ أبا بصير لمّا جاء إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و جاء الكفّار في طلبه، قال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «إنّا لا يصلح في ديننا الغدر، و قد علمت ما عاهدناهم عليه، و لعلّ اللّه أن يجعل لك فرجا و مخرجا»‌فلمّا رجع مع الرجلين قتل أحدهما في طريقه، ثمّ رجع إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فقال: يا رسول اللّه، قد أوفى اللّه ذمّتك، قد رددتني إليهم و أنجاني اللّه منهم، فلم ينكر عليه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و لم يلمه، بل‌قال: «و يلمّه مسعر حرب لو كان معه رجال»‌ فلمّا سمع ذلك أبو بصير، لحق بساحل البحر، و انحاز إليه أبو جندل بن سهيل و من معه من المستضعفين بمكّة، فجعلوا لا تمرّ عير لقريش إلّا عرضوا لها، فأخذوها و قتلوا من معها، فأرسلت قريش إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله تناشده اللّه و الرحم أن يضمّهم إليه، و لا يردّ إليهم أحدا جاءه، ففعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ذلك. فعلى هذا يجوز لمن أسلم من الكفّار أن يتحيّزوا إلى جماعة و ناحية و يقتلون من قدروا عليه من الكفّار، و يأخذون أموالهم، و لا يدخلون في الصلح، إلّا أن يشترط الإمام ذلك، أو يضمّهم إليه بإذن الكفّار، فيدخلون في الصلح، و يحرم عليهم قتل الكفّار. و الثاني: أن يكون مستضعفا لا يؤمن عليه الفتنة، فهذا لا يجوز إعادته عندنا. و به قال الشافعيّ. و أطلق أحمد الجواز. و هو خطاء؛ و لهذا لم يوجب على من له قوّة على إظهار دينه و التزام أحكام الإسلام و إظهار شعائره المهاجرة من بلاد الشرك، و أوجبناها على المستضعف).[1]

ثم المصنف في مقطع الاخير من الفرع الثاني قال: (و لا يتولى الهدنة على العموم و لا لأهل البلد و الصقع إلا الإمام أو من يقوم مقامه). فحصر حق عقد الهدنة الى الامام ومن يقوم مقامه.

قال في الجواهر بعد ما ذكر ادلة العلامة في المنتهى مِن تعلُّق الهدنة بنظر الامام اوّلاً،

وتجويزه لغيره مستلزم لابطال الجهاد بالكلية او في تلك الناحية ثانياً، والاجماع على عدم جواز مهادنة احد من الرعية ثالثاً. قال: (لا كلام في أن ذلك من وظائف الإمام عليه السلام، إلا أن الظاهر قيام نائب الغيبة مع تمكنه مقامه في ذلك لعموم ولايته، بل لا يبعد جريان الحكم على ما يقع من سلطان الجور المعد نفسه لمنصب الإمامة، كما أومأ إليه الرضا عليه السلام فيما تقدم من أن بني تغلب على ما صالحهم عليه عمر حتى يظهر الحق، بل قد ذكرنا سابقا استمرار السيرة من الأعوام و العلماء في كل‌ مصر على تناول الجزية من أيديهم كتناول الخراج، بل يعدون ذلك من الحلال البين، و قد تقدم منا بعض الكلام في ذلك) [2]

قال الامام الخامنئي دام ظله بعد الاعتراف بولاية الامام وولاية الفقیه مكانه يشكل على صاحب الجواهر في تصحيح الهدنة من الجائر المتغلب مستندا الى حديث امام الرضا عليه السلام بقوله: يرد على الاستدلال بالرواية: أولا: أنها مرسلة و لا يعتمد عليها من جهة السند، و ما قيل من أن‌ مرسلات الصدوق إذا كانت بنحو نسبة القول إلى الإمام (عليه السلام) فهي في قوة الحديث المسند اعتمادا على الصدوق (رحمه اللّه) مما لا يساعده المبنى المعروف و المرضي في باب حجية خبر الواحد، و ليس هناك ما ينجبر به ضعف سند الرواية.و ثانيا: أن موضوع الحديث هو التصالح بين الخليفة و بعض أهل الذمة في أمر مالي، و أين هذا من الهدنة التي هي ختم الجهاد، و الصلح مع العدو المحارب، فإلحاق ما نحن فيه بمورد الرواية لا يتم إلا بالقياس المردود لدى الإمامية.و ثالثا: ما صدر عن عمر و إن كان نافذا كما بينه الإمام الرضا (عليه السلام) إلا أن من المحتمل أنه كان قضية في واقعة، فلعل نفوذه كان من جهة تنفيذ أمير المؤمنين (عليه السلام) له أو شي‌ء من ذاك القبيل، فصحة ذاك التصرف لا تدل على صحة التصرفات الصادرة عن الحكام و الأمراء كما يدعي صاحب الجواهر (رحمه اللّه).و رابعا: من المحتمل أن قوله (عليه السلام) في المرسلة: «فعليهم ما صالحوا عليه و رضوا به» إمضاء لما صدر من عمر المتراءى أنه كان معمولا به إلى زمانه (عليه السلام)، و ذلك لعله لحاجة لبعض الشيعة في تعاملهم مع بقايا بني تغلب، فأرادوا صحة معاملتهم معهم، فأجاز الإمام و أمضى كولي لأمور المسلمين القرار الذي وضعه عمر قبل عشرات السنين.و على هذا الاحتمال الذي لا يبعد كثيرا عن لحن الحديث، فصحة الفعل الصادر عن الخليفة أيضا غير مقبول و لو بنحو القضية في واقعة.

و يؤيد هذا الاحتمال قوله (عليه السلام) في آخر الحديث: «إلى «إلى أن يظهر الحق» حيث أن هذه الفقرة تناسب كون الحكم وَلَويّا من الإمام الرضا (عليه السلام). و أما السيرة المدعاة فليست بأشفى و أوفى من الرواية المذكورة، و يظهر وجوه الإشكال فيها بتأمل يسير). ولنِعم ما قاله حفظه المولى.

ثم يقول ماملخصه: (هذا، و القول بعدم نفوذ الهدنة الصادرة من الحكام غير المحقين مطلقا و بدون أي استثناء، أيضا ينجرّ إلى ما لا يلتزم به ذو اعتبار فضلاً عن فقيه، إذ ربّما يكون في الهدنة المصلحة التامة للمسلمين و لبلادهم و مصيرهم، ....، فحينئذ إما أن يُقدِم الجائر على الهدنة، أو تفوت الهدنة...، و لا أظن فقيهاً يلتزم و يفتي بتورط المفسدة و فناء النفوس المحترمة و تلف الأموال و غير ذلك مما يترتب على الحرب الدامية.و على هذا فالظاهر أن قبول الهدنة من الجائر و ترتيب الآثار عليها فيما يترتب على تركه المفسدة، مما يحكم به الارتكاز الشرعي و الذهن المتعارف المتشرعي، و إن كان نفس العمل من الجائر تصرفا فيما لا يحق له التصرف فيه و هو حرام عليه شرعا، و اللّه العالم). [3] اقول: يمكن القول ببطلان هدنة الجائر و وجوب الالتزام بما يحفظ النظام و مصالح المسلمين كما لا نعترف بأصل حكومتهم، ولكن لا نعمل بما يخلّ بنظام المسلمين فتأمل.


[3] المهادنة، السید علی الحسینی الخامنئه ای، ص70.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo