< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

39/06/16

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : المهادنه علی ما لایجوز/ المهادنه/ احکام اهل الذمه/کتاب الجهاد

كان بحثنا حول ما يبطل عقد الهدنة من الشروط لانها من المحرمات وقلنا ان عقد الهدنة لا يقاس بعقد الذمة فكل شرط ينافي مضمون الهدنة او وَرد نصٌ على عدم جوازه، فهو ممنوع فيها، فاما يكون الشرط باطل لا يجب الوفاء به كما ظهر من كلام المصنف، او مبطل للعقد كما عليه جمع من الفقهاء، ولكن سائر المحرّمات التي هي محرّمة في الشريعة الاسلامية اذا رأى الإمام المصلحة في قبول اشتراطها للعدو في عقد الهدنة فلا بأس به، خلافاً لما ذهب اليه العلامة في المنتهى، وخلافاً لما ذكره المصنف من عدم جواز اشتراط لهم من اظهار المناكير، على التفصيل الذي ذكرناه قبل اليوم.

ولكن بما انّ هناك روايات فيها صحاح تدل على مرفوضية كل شرط خالف الكتاب وقد تمسكوا باطلاقها على عدم صحة كل شرط كان محرّماً في شريعة الاسلام:

منها صحيحة عبد الله بن سنان: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ وَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عن أبي عبد اللّه (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: «من اشترط شرطا مخالفا لكتاب اللّه فلا يجوز له، و لا يجوز على الذي اشترط عليه، والمسلمون عندشروطهم مما وافق كتاب اللّه عزوجل»‌[1]

و منها: صحيحته الأخرى‌، عن الشيخ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «المسلمون عند شروطهم إلا كل شرط خالف كتاب اللّه عز و جل فلا يجوز»‌ [2]

و منها: صحيحته الثالثة، وَ عَنْهُ عَنْ صَفْوَانَ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ قال‌ سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن الشرط في الإماء لا تباع و لا توهب، قال: «يجوز ذلك غير الميراث، فإنها تورث لأن كل شرط خالف الكتاب باطل»[3]

و منها: ما رواه الشيخ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ عَنْ أَبِي الْمَغْرَاءِ عَنِ الْحَلَبِيِّ رواية الحلبي‌ عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) في رَجُلين اِشتَركا في مال و ربحا فيه ربحاً و كان المال ديناً عليهما، فقال أحدهما لصاحبه: أعطني رأس المال‌ و الربح لك و ما تَوِىَ فَعليك، فقال (عليه السلام): «لا بأس به إذا اشترط عليه، و إن كان شرطاً يخالف كتاب اللّه عز و جل فهو ردّ إلى كتاب اللّه عزوجل»‌الحديث [4] في السند علي بن حديد وهو من رجال كامل الزيارات و روي عنه ابن ابي عمير ولكن ضعفه الشيخ فيسقط عن الاعتبار وابي المغراء الصيرفي هو حميدبن المثنى وثقه الشيخ مرة والنجاشي مرتين. ولكن النتيجة تابعة لأخس المقدمتين فالسند ساقط عن الحجية ونحن في غنى عنه اعتمادا على الصحاح السابقة.

و المراد من عدم الجواز في الحديثين عدم الصحة و النفوذ، فالنهي في المعاملات محمول على حكم الوضعي وهو البطلان و الرواية الاخيرة صريح في البطلان.

قال الامام الخامنئي (دام ظله): (لا ينبغي الشك في أن أحكام الشريعة كلها داخلة في عنوان كتاب اللّه و إن ثبتت بالسنة، إما من جهة قوله تعالى (وَ مٰا آتٰاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ) فالأخذ بقول الرسول و أوصيائه المعصومين (عليهم سلام الملك الحق المبين) أخذ بما ورد في الكتاب و لو إجمالا، و إما من جهة أن المراد بكتاب اللّه ما كتبه اللّه تعالى على الناس، لا خصوص ما هو مكتوب في القرآن)[5]

اقول هذا التأويل خلاف الظاهر ولكن نحن نطمئن ان ما صدر من المعصومين عليهم السلام في قوة ما في القران فمشاركة اوامر النبي والمعصومين عليهم السلام دليل على التعميم.

فدلالتها تامّة على عدم صحة شرط خالف الشريعة الاسلامية ولكن لا يمكن سريان الحكم الى شروط الهدنة لان المشروط لهم وهم ليسوا بمسلمين ولم يتشرعوا بالاسلام وهذه الروايات انما تدل على شروط فيما بين المسلمين او شروط تلزم المسلمين على الحرام، ولكن اقرار الكفار على شريعتهم وما يلتزمون به من اعرافهم، لا دليل على عدم جوازه بل من مسلم الفقه اقرارهم على خمورهم وخنازيرهم واقراراليهود على سبتهم واقرار اهل الكتاب على كنائسهم وبيعهم واديرتهم و ان يقوموا بطقوسهم الدينية و احكامهم في الزواج والطلاق وسائر ما يلتزمون به كما ورد في الحديث الزموهم بما التزموا. وهي امر لا يجوز للمسلمين ممارستها.


[5] المهادنة، السید علی الخامنئه ای، ص37.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo