< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

39/05/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: ادلة المهادنة والمناقشة فیها

كان بحثنا حول كلام الامام القائد حفظه الله حيث بعد ما التزم بلزوم تعيين الأجل في عقد الهدنة، عالج انعقاد الهدنة مؤبداًعند الضرورة، بقبولها فيصبح العقد باطلاً لا يجب الوفاء به، وانشاء العقد الباطل انما يترتب عليه الحكم الوضعي وهو البطلان ولا يترتب عليه حكم تكليفي اي الحرمة، فمتى أراد الإمام ان يبدء بالحرب يبدء بها.

و نحن ناقشنا هذا الاستدلال: بان هذا العقد ولو كان باطلاً، ولكن لا ينبغي نقضه لانه غدرٌ لا يجوز حتى مع العدو، كما استفدنا هذا المعنى من روايات كثيرة.

فنحن نبحث عن المعالجة للموضوع بأن نناقش سماحته

اوّلاً في المبنى، اي اشتراط صحة الهدنة على تعيين الأجل، فنقول: ما دام انتم لم تقتنعوا بدلالة آيات سورة البرائة على تحديد الأجل بأقل من السنة، و عند الضرورة بعشر سنوات، كما هو الحق و صاحب الجواهر وغيره اعترفوا بذلك حيث ان تلك الآيات قضايا خارجية لا اطلاق لها ولو دلت على شيئ فانما تدل على جواز ما فعل النبي صلى الله عليه واله. فلزوم الأجل في عقد الهدنة لا يثبت بتلك الآيات.

كما يظهر من كلامكم عدم تحقق اجماع على اشتراط تعيين الأجل لصحة عقد الهدنة وانما استظهرتم عدم الخلاف في المسألة حيث قلتم: (لا خلاف ظاهراً في اشتراط المدة في عقد الهدنة، و يعلم ذلك من أخذهم قيد الزمان في تعريف الهدنة، ... و من دعوى الإجماع على اعتبار مدة خاصة،....، و يستفاد ذلك أيضا‌ ‌من عدم ذكرهم في مقام الاستدلال على اعتبار المدة، سوى أن عدم ذكرها يقتضي التأبيد، و التأبيد باطل، فيشبه إرسال المسلم، و الاتكال على وضوح الأمر[1] )

فنقول: اما قيد الزمان في تعريف الهدنة، كما قلتم ليس الا من قبيل العوارض والعلامات حيث قلتم ونِعمَ ما قلتم: (التحقيق أن ما ذكروه من الفارق ليس هو الفارق الأصلي بين ماهيتيهما، بل إنما هي من قبيل العوارض و العلامات.و الفرق بينهما جوهرياً هو أن الطرف المقابل في عقد الجزية، هو العدو المغلوب الذي قد ظهر المسلمون عليه، و فتحت أرضه و أسقطت دولته.... أما الطرف المقابل في المهادنة فهو العدو المستقر على أرضه و الباقي على دولته و نظامه المدني، و ربّما يكون قويّاً و غالباً على أمره).

مضافاً الى ما نرى عند مراجعة كلمات الفقهاء في التعريف من مشابهة تامة في الفاظها مما يوحي انّ كل خلف اخذ من السلف وابتنى على كلامه من دون مناقشة؟!

واما دعوى الاجماع فهو ليس الا اجماعاً منقولاً مدركياً، نعلم بعدم تحققه حيث كثير من الفقهاء لم يتعرضوا للمسالة فكيف يتم الاجماع؟.

اما الاستدلال على لزوم ذكر الأجل بأن (عدم ذكره يقتضي التأبيد، و التأبيد باطل[2] ) دور باطل فلم يبق لنا دليل على اشتراط ذكر الاجل في صحة عقد الهدنة.

واما الاستدلال بان عقد الهدنة مؤبداً باطل (لانه يقتضي وجوب الوفاء به ما لم يظهر نقض من العدو، و هذا خلاف المصلحة ز،) فهو مخدوش بان العدو في الاحتمال الغالب ينتقض الهدنة، و ما دام على عهده فيمكن فتح باب قتال سائر الكفار ممن ليس بيننا و بينهم عهد.

ثم ان تنازلنا وقلنا بلزوم تعيين الاجل في الهدنة. فعقد الهدنة مؤبداً ثم عدم الالتزام به بحجة بطلانه كما قلنا غدر وجفاء، ولا يجوز الغدر حتى مع العدو بما توضّح من الروايات الكثيرة في هذا الشأن. فان اردنا ان نتنازل عن شيئ فالاولى ان نتنازل عن اشتراط الاجل في صحة عقد الذمة عند الضرورة التي تبيح المحظورات.

لا يقال: ان الضرورات ترفع الحكم التكليفي لا الوضعي. لانا نقول قد ترفع الضرورة الحكم الوضعي ايضاً

اما على مبنى الذي اخترناه من انّ قتال المسالم لا يجب بل لا يجوز، فما دام الكفار مسالمون معنا فلا حاجة للقتال وعند ما نقضوا العهد فنقاتلهم فقوله: (انّ عدم ذكر المدّة في ضمن العقد يجعله مؤبداً وهو باطل غير تام لان العدو ما دام ملتزما بالهدنة لا داعي لقتاله والقتال من المقولات التي كلما وجد له موضوع يترتب عليه الحكم فاذا وُجدعدوٌ محارب يجب القيام بقتاله كما انّ تجهيز الميت لا يجب الا عند وجود الميت.


[1] المهادنة، السید علی الخامنه ای، ص14.
[2] المهادنة، السید علی الخامنه ای، ص15.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo