< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

38/05/08

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: القول بان الاحیاء موجب للملکیة للمسلم دون الکافر

تذکیر:

كان بحثنا في إحياء الموات بأقسامها و قد ذكرنا طائفة من الروايات التي دلت بأطلاقها على أنّ الإحياء سبب للملكيّة في الموات بالأصالة وبالعرض و للمسلم والكافر، وطائفةٌ نصّت على ملكيّة الكافر بخصوصه، و طائفة حدّدت مدّة ترك الارض وخرابها للخروج عن ملكية صاحبها بثلاث سنين، و نحن جمعنا بين روايات المحددة بثلاث سنين لخروج الارض من ملك مالكها وبين ما هي مطلقة وانما اكتفت بعنوان "تركها واخربها" وما هو قريب المعنى به بتقديم الروايات المطلقة لضعف روايات المحددة بثلاث سنين اولاً، و حمل هذه الروايات بأنها بصدد ذكر أقلّ ما يصدق فيها ترك الارض وإهمالها.

و قد اشرنا ايضاً الى قول من يقول بان ملكية الارض ان تمّت بالاحياء فتزول بالإماتة والخراب، و إن تمت بسائر الاسباب كالارث والشراء وغيرها فلا تزول ملكيته بترك الارض وخرابها. ولكن ليس لهذا القول مستند الا رواية سليمان بن خالد حيث ورد فيها: (قُلْتُ فَإِنْ كَانَ يَعْرِفُ صَاحِبَهَا- قَالَ فَلْيُؤَدِّ إِلَيْهِ حَقَّهُ)

وأجبنا عن ذلك أولاً بضعف السند بخلاف ما يدل على ان من ترك الارض وأخربها ليس له حق في الارض فهي صحاح عديدة، مضافا الى أن في رواية سليمان فرض وجود المالك ولعلّه كان في ظرف لم يكن مالك الارض قادراً على احيائها ومعذوراً في ذلك، وتلك الصحاح المفروض فيها من تركها بغير علة فهي تخرج من ملكيته، فلا تعارض بينهما لتغاير الموضوع.

ادلة من یقول بان الاحیاء موجب للملکیة للمسلم دون الکافر:

قول الفقهاء:

ثم انه ينبغي أن ندرس دليل من يقول بانّ الإحياء انما يوجب الملكية لمن كان مسلماً دون الكفار وهم جمع من فحول الفقهاء قال العلامة في التذكرة: «إذا أذن الامام (عليه السلام) لشخص في إحياء الأرض ملكها المحيي إذا كان مسلما، و لا يملكها الكافر بالاحياء و لا بإذن الإمام (عليه السلام) له في الاحياء، فان أذن له الامام (عليه السلام) فأحياها لم يملك عند علمائنا».

وقال المحقق الكركي في جامع المقاصد: «يشترط كون المحيي مسلماً، فلو أحياه الكافر لم يملك عند علمائنا و إن كان الإحياء بإذن الإمام (عليه السلام)[1] .

و الشهيد في الدروس «الشرط الثاني- أي للملك بالإحياء- أن يكون المحيي مسلما، فلو أحياها الذمي بإذن الإمام (عليه السلام) ففي تملكه نظر)[2]

ادعاء الاجماع:

وظاهر قول العلامة في التذكرة و محقق الكركي في الجامع حیث قالا: ( لم يملك عند علمائنا) ادعاء الاجماع في هذا الحكم،

ولکن فیه: مضافاً الى كونه اجماع منقولٌ، فليس بحجة، ينقضه اقوال كثير من الفقهاء كالشيخ في المبسوط والخلاف وابن ادريس في السرائر و ابن براج في المهذب و الشهيد الثاني في روضة البهيّة وصاحب الجواهر في الجواهر، حتي ان المحقق في الشرائع ولو في بادء الامر يقول لا يملك الکافر ولكنه اضاف قوله: (و لو قيل: يملكه مع إذن الامام (عليه السلام) كان حسنا)[3] . وهو ظاهر في قبوله بان الكافر ايضا اذا احيى ارضا باذن الامام يملكها، فالمسئلة خلافية لابد من مراجعة ادلتها.

واستدلّ ببعض الروايات:

منها رواية الكابلي: وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ وَجَدْنَا فِي كِتَابِ عَلِيٍّ ع إِنَّ الْأَرْضَ لِلّٰهِ يُورِثُهٰا مَنْ يَشٰاءُ مِنْ عِبٰادِهِ- وَ الْعٰاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ" أَنَا وَ أَهْلُ بَيْتِيَ‌ الَّذِينَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ- وَ نَحْنُ الْمُتَّقُونَ وَ الْأَرْضُ كُلُّهَا لَنَا - فَمَنْ أَحْيَا أَرْضاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَلْيَعْمُرْهَا- وَ لْيُؤَدِّ خَرَاجَهَا إِلَى الْإِمَامِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي- وَ لَهُ مَا أَكَلَ مِنْهَا- فَإِنْ تَرَكَهَا وَ أَخْرَبَهَا فَأَخَذَهَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ بَعْدِهِ- فَعَمَرَهَا وَ أَحْيَاهَا- فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنَ الَّذِي تَرَكَهَا- فَلْيُؤَدِّ خَرَاجَهَا إِلَى الْإِمَامِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي- وَ لَهُ مَا أَكَلَ مِنْهَا- حَتَّى يَظْهَرَ الْقَائِمُ ع مِنْ أَهْلِ بَيْتِي بِالسَّيْفِ- فَيَحْوِيَهَا وَ يَمْنَعَهَا وَ يُخْرِجَهُمْ مِنْهَا- كَمَا حَوَاهَا رَسُولُ اللَّهِ ص وَ مَنَعَهَا- إِلَّا مَا كَانَ فِي أَيْدِي شِيعَتِنَا- فَإِنَّهُ يُقَاطِعُهُمْ عَلَى مَا فِي أَيْدِيهِمْ- وَ يَتْرُكُ الْأَرْضَ فِي أَيْدِيهِمْ"[4]

وجه الاستدلال بهذه الرواية قوله : "فَمَنْ أَحْيَا أَرْضاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَلْيَعْمُرْهَا" و قوله: "فَإِنْ تَرَكَهَا وَ أَخْرَبَهَا فَأَخَذَهَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ بَعْدِهِ- فَعَمَرَهَا وَ أَحْيَاهَا- فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنَ الَّذِي تَرَكَهَا" فالإذن انما صدر للمسلمين ثم قوله: " حَتَّى يَظْهَرَ الْقَائِمُ ع مِنْ أَهْلِ بَيْتِي بِالسَّيْفِ- فَيَحْوِيَهَا وَ يَمْنَعَهَا وَ يُخْرِجَهُمْ مِنْهَا- كَمَا حَوَاهَا رَسُولُ اللَّهِ ص وَ مَنَعَهَا- إِلَّا مَا كَانَ فِي أَيْدِي شِيعَتِنَا"

فيستفاد من هذه العبارة ايضاً تفصيل بين ما قبل الظهور وما بعده بان الاذن قبل الظهور يشمل جميع المسلمين وبعد الظهور خاص بالشيعة.

لكن يرد على هذا الاستدلال

اولا: ان النسبة بین هذه الروایة و الروايات المطلقة ادالة علی انً من أحيى ارضاً فهي له نسبة عموم المطلق و كلاهما مثبتين، فلا تنافي بينهما فاثبات الشيئ لا ينفي ماعداه.

فان قلت: تقييد الاحياء بالمسلمين يفيد الحصر للخروج عن اللغْوية.

قلنا: ان التقييد لا يدل على الحصر دائما فقد يكون للتركيز على موضع الحاجة و تنبيه المخاطب على المراد.

ثانیا: صدر الحديث في بيان بعض المعارف في مسئلة الامامة و قوله عليه السلام: "الارض كلها لنا" لابد من حملها علی الولاية التكوينية والتشريعية،

ثالثا: اما قوله: "فَمَنْ أَحْيَا أَرْضاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ" ان كان "المسلمين" عنوان للمحيي فيمكن القول باختصاص حق الاحياء بالمسلمين، ولكن ان كان مضاف اليه للارض بحذف المضاف، اي ارض من اراضي المسلمين، فهي الارض المفتوحة عنوة، فيكون اجنبي عن موضوع البحث، والظاهر هو الثاني لان الخراج للاراضي الخراجية وهي المفتوحة عنوة. كما انه عند ما ياتي الامام الحجة عليه السلام ايضاً يأخذ الأرض من غير الشيعة و يقاطع الشيعة على الخراج والمقاطعة تقع على اراضي المفتوحة عنوة فالقضية أجنبية عما نحن فيه.

ومما يمكن ان يستدل به على ان الاحياء سبب للملكية بالنسبة الى الكفار ايضاً، جعل الشارع المقدس الأراضي العامرة المفتوحة عنوة للمسلمين، فان صيرورتها للمسلمين متفرِّع على كونها قبل الفتح للكفار وهي لم تكن محياة بالاصالة لانّها لو كانت محياة بالاصالة لم تكن للكفار بل كانت ملكا للامام كالموات فان قلنا المفتوحة عنوة من المحياة بفعل البشر اذا لم يكن المحيي مسلما فلا يملكه فهي ملك للامام وملك الامام لا يغتنم للمسلمين. فيكشف عن ملكيتهم للكفار ثم اغتنم وصار ملكا للمسلمين.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo