< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

38/05/02

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: طوائف الروایات فی احیاء الموات

كان بحثنا في حكم الاحياء وما يترتب عليه من ملكية الارض لمحييها؟ وقلنا أن موضع الاختلاف عند الفقهاء في ثلاثة امور: أحدها: في ان الاحياء سبب للملكية للشيعة او لعموم المسلمين او لكل من احياها سواء كان مسلماً او كافراً؟، ثانيها: بعد ثبوت ذالك في الأراضي الموات بالاصالة فهل في الاراضي الموات بالعرض يختص بأرض أسلم أهلها عليها طوعا او عام يشمل كل أرض ترك أهلها عمارتها؟ ، ثالثها: هل يجب على المحيي أن يدفع الطسق لأهلها او لا يجب؟، وذكرنا بعض كلمات الفقهاء في ذلك،و ملخص الكلام.

ان المحقق في الشرائع: ذهب الى ان الاحياء موجب للملكية بشرط اذن الامام مطلقا للمسلم والكافر و في عصر الحضور والغيبة.

وذهب الشهيد في المسالك: الی ان في حال الحضور الاذن الامام شرط للتملك بالاحياء لكن في انه خاص بالمسلم او اعم؟ ذكر القولين بلا تعيين. وفي حال الغيبة ذهب الى سببية الاحياء للملكية مطلقا لا حاجة الى الاذن ولا يشترط فيها الاسلام.

وذهب العلامة في التذكرة: الى ان الاحياء انما هو سبب للملكية للمسلمين ونسب هذا الرأي الى علماءنا، وغير المسلم لا يملك ولو كان احيائه باذن الامام. وهذا مختار المحقق الكركي في جامع المقاصد ايضاً.

وقال المحقق الكركي في قاطعة اللجاج: (اعلم: أنّ الأرض المعدودة من الأنفال إمّا أن تكون محياة أو مواتا، و على التقديرين، فإمّا أن يكون الواضع يده عليها من الشيعة أولا، فهذه أربعة أقسام.و حكمها:أن كلّ ما كان بيد الشيعة من ذلك، فهو حلال عليهم، مع اختصاص كلّ من المحياة و الموات بحكمه ، لأنّ الأئمة- عليهم السلام- أحلّوا ذلك لشيعتهم حال الغيبة. و أمّا غيرهم فإنها عليهم حرام. و ان كان لا ينتزع منهم في الحال على الظاهر، حيث انّ المستحق لانتزاعه هو الإمام- عليه السلام- فيتوقّف على أمره)[1] .

واليوم اردنا ان نطل اطلالة على رياض كلمات اهل البيت عليهم السلام لنرى مدى دلالتها على حكم احياء الموات. و الروايات في هذا الموضوع طوائفٌ،

الطائفة الاولی: ما تفيد اطلاق الملكية لكل من احيى الارض سواء كان مسلما او غیر مسلم ؟ وليس عليه شيئ في ذلك واليك هذه الطائفة:

الاولى: صحيحة محمدبن مسلم : مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ صَفْوَانَ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الشِّرَاءِ مِنْ أَرْضِ الْيَهُودِ وَ النَّصَارَى- قَالَ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ إِلَى أَنْ قَالَ- وَ أَيُّمَا قَوْمٍ أَحْيَوْا شَيْئاً مِنَ الْأَرْضِ- أَوْ عَمِلُوهُ فَهُمْ أَحَقُّ بِهَا وَ هِيَ لَهُمْ.[2]

فقوله: "وَ أَيُّمَا قَوْمٍ أَحْيَوْا شَيْئاً مِنَ الْأَرْضِ- أَوْ عَمِلُوهُ فَهُمْ أَحَقُّ بِهَا وَ هِيَ لَهُمْ". فهذه العبارة مطلقة تشمل المسلم والكافر و ليس فيها اشتراط الاذن ايضاً.

الثانية: وَ عَنْهُ (مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ) عَنِ النَّضْرِ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ يَأْتِي الْأَرْضَ الْخَرِبَةَ- فَيَسْتَخْرِجُهَا وَ يُجْرِي أَنْهَارَهَا وَ يَعْمُرُهَا- وَ يَزْرَعُهَا مَا ذَا عَلَيْهِ- قَالَ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ الْحَدِيثَ[3] .

في سنده سليمان بن خالد قال فيه النجاشي: (كان قاريا فقيها وجهاً) اما الدلالة: فالرجل يشمل المسلم والكافر ولم يتقيد بالاذن. وتعيين الصدقة عليه يدل بالالتزام جواز الاحياء وعدم وجوب اجارة لرقبة الارض لمن كان يملكها على فرض الوجود لعدم الاستفصال في الجواب.

الثالثة: وَ عَنْهُ (مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ) عَنْ فَضَالَةَ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ‌ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: أَيُّمَا قَوْمٍ أَحْيَوْا شَيْئاً مِنَ الْأَرْضِ- أَوْ عَمَرُوهَا فَهُمْ أَحَقُّ بِهَا.[4]

فالسند صحيح وايّما قوم مطلق يشمل المسلم والكافر. ، ولم يرد فيها اشتراط بالاذن.

الرابعة: صحيحة محمدبن مسلم : وَ بِإِسْنَادِهِ (الشيخ) عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع يَقُولُ أَيُّمَا قَوْمٍ أَحْيَوْا شَيْئاً مِنَ الْأَرْضِ- وَ عَمَرُوهَا فَهُمْ أَحَقُّ بِهَا وَ هِيَ لَهُمْ.[5]

الكلام ما قلناه في سابقتها فقوله: ايّما قوم فيه اطلاق ولم يتقيد بإذن.

الخامسة: صحيحة الفضلاء: وَ عَنْهُ(الشيخ عن علي بن ابراهيم) عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ زُرَارَةَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ وَ أَبِي بَصِيرٍ وَ فُضَيْلٍ وَ بُكَيْرٍ وَ حُمْرَانَ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ أَحْيَا أَرْضاً مَوَاتاً فَهِيَ لَهُ[6] . فيها اطلاق من دون تقييد بالاستئذان.

السادسة: صحيحة زرارة: وَ عَنْهُ (الشيخ عن علي بن ابراهيم)عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ أَحْيَا مَوَاتاً فَهُوَ لَهُ[7] . وهي كسابقتها.

السابعة: مرسلة الصدوق: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: قَدْ ظَهَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَى خَيْبَرَ- فَخَارَجَهُمْ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْأَرْضُ فِي أَيْدِيهِمْ- يَعْمَلُونَ فِيهَا وَ يَعْمُرُونَهَا- وَ مَا بَأْسٌ لَوِ اشْتَرَيْتَ مِنْهَا شَيْئاً- وَ أَيُّمَا قَوْمٍ أَحْيَوْا شَيْئاً مِنَ الْأَرْضِ- فَعَمَرُوهُ فَهُمْ أَحَقُّ بِهِ وَ هُوَ لَهُمْ[8] . هي ايضاً.

الثامنة: وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ‌عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سُئِلَ وَ أَنَا حَاضِرٌ عَنْ رَجُلٍ أَحْيَا أَرْضاً مَوَاتاً- فَكَرَى فِيهَا نَهَراً- وَ بَنَى فِيهَا بُيُوتاً- وَ غَرَسَ نَخْلًا وَ شَجَراً- فَقَالَ هِيَ لَهُ وَ لَهُ أَجْرُ بُيُوتِهَا- وَ عَلَيْهِ فِيهَا الْعُشْرُ فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ- أَوْ سَيْلُ وَادٍ أَوْ عَيْنٌ- وَ عَلَيْهِ فِيمَا سَقَتِ الدَّوَالِي وَ الْغَرْبُ نِصْفُ الْعُشْرِ.[9]

مع القاء الخصوصية عن المورد تفيد الاطلاق.

التاسعة: موثقة او خبر السكوني: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ غَرَسَ شَجَراً- أَوْ حَفَرَ وَادِياً بَدِيّاً لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَيْهِ أَحَدٌ- وَ أَحْيَا أَرْضاً مَيْتَةً- فَهِيَ لَهُ قَضَاءً مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ ص.[10]

قوله: "من غرس" فيه اطلاق يشمل المسلم والكافر وهي ظاهرة في ان هذا الحكم حكم اولي من الله ورسوله وليس مجرد ايذان منهم عليهم السلام.

العاشرة: صحيحة معاوية بن وهب: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ وَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ: "أَيُّمَا رَجُلٍ أَتَى خَرِبَةً بَائِرَةً فَاسْتَخْرَجَهَا- وَ كَرَى أَنْهَارَهَا وَ عَمَرَهَا- فَإِنَّ عَلَيْهِ فِيهَا الصَّدَقَةَ- فَإِنْ كَانَتْ أَرْضٌ لِرَجُلٍ قَبْلَهُ- فَغَابَ عَنْهَا وَ تَرَكَهَا فَأَخْرَبَهَا- ثُمَّ جَاءَ بَعْدُ يَطْلُبُهَا- فَإِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ وَ لِمَنْ عَمَرَهَا" [11]

فيه اطلاق بالنسبة الى المحيي و صريح في نفي حق للمالك السابق.

هذه الروايات واكثرها صحاح دلت على ان الارض لمحييها سواء كان مسلما او كافرا وليس على المحيي سوى الزكاة وهذا الحكم يشمل الموات بالاصالة و بالعرض لاطلاق بعضها و نص الاخيرة وهي صحيحة معاوية بن وهب.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo