< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

37/12/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: وجوب موارات الشهید

من الفروع التي ذكرها المحقق ملحقاً بأحكام الأسرى هو وجوب موارات الشهيد فقال: (و يجب مواراة الشهيد دون الحربي[1] ) فوجوب موارات الشهيد مما لا شك فيه ولا خلاف فیه بين المسلمين وكل ما يدل على وجوب موارات المؤمن يدل على وجوبها للشهيد ايضاً وهذا البحث مطروح في مبحث احكام الأموات ولا داعي للخوض في ادلته وتفاصيله فنحيل البحث الى مكانه.

نعم أن الشهيد يواري بثيابه من دون غسل ولا تكفين وانما يصلّى عليه و يدفن، قال المحقق في ملاحق مبحث الاغسال : (الشهيد يدفن بثيابه و ينزع عنه الخفان و الفرو أصابهما الدم أو لم يصبهما على الأظهر[2] )

الروایات الوارده فی ان الشهید یدفن بثیابه:

منها: عن أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: الذي يقتل في سبيل الله يدفن في ثيابه و لا يغسل إلا ان يدركه المسلمون و به رمق ثم يموت بعد، فإنه يغسل و يكفن و يحنط، ان رسول الله (صلى الله عليه و آله) كفن حمزة في ثيابه و لم يغسله و لكنه صلى عليه‌[3]

عدم جواز موارات الحربی:

انما الكلام في عدم جواز موارات الحربي او غيرهم من الكفار قال صاحب الجواهر: (بلا خلاف و لا إشكال، بل قيل لا يجوز دفنه بلا اشكال فيه[4] )

وقال في عروة الوثقى: (لا يجوز تغسيل الكافر و تكفينه و دفنه بجميع أقسامه من الكتابيّ، و المشرك، و الحربيّ، و الغالي، و الناصبي، و الخارجيّ و المرتدّ‌ الفطريّ و الملّيّ إذا مات بلا توبة[5] ) ولم يعلق عليه من المشاهير من الفقهاء.

وقد عنون في الوسائل الباب 18 بعنوان: بَابُ عَدَمِ جَوَازِ تَغْسِيلِ الْمُسْلِمِ الْمَيِّتَ الْكَافِرَ وَ لَا دَفْنِهِ وَ لَا تَكْفِينِهِ وَ لَوْ ذِمِّيّاً وَ لَوْ قَرَابَةَ الْمُسْلِمِ أَوْ أَبَاهُ وَ كَذَا الْبُغَاةُ‌. ووردت فيه روايات:

منها: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنِ الْمُفِيدِ عَنِ الصَّدُوقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُصَدِّقِ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ مُوسَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ النَّصْرَانِيِّ يَكُونُ فِي السَّفَرِ- وَ هُوَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَيَمُوتُ- قَالَ لَا يُغَسِّلُهُ مُسْلِمٌ وَ لَا كَرَامَةَ وَ لَا يَدْفِنُهُ- وَ لَا يَقُومُ عَلَى قَبْرِهِ وَ إِنْ كَانَ أَبَاهُ[6] .وَ رَوَاهُ الصَّدُوقُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَمَّارِ بْنِ مُوسَى ، وَ‌رَوَاهُ الْكُلَيْنِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ مِثْلَهُ إِلَى قَوْلِهِ وَ لَا يَقُومُ عَلَى قَبْرِهِ.

اما السند: فمحمد ابن الحسن الذي يروي عنه الصدوق هو شيخه، و هو محمد بن أحمد بن وليد قال النجاشي فيه: (القمي جليل القدر بصير بالفقه ثقة يروي عن صفار الخ) اما عمرو بن سعيد فقد وثقه النجاشي ايضاً، وأمّا مصدّق بن صدقة فهو فطحي ثقة كما يستفاد من الكشي، وكذلك عمار بن موسى هو ساباطي فطحي المذهب يقول الشيخ في الفهرست: (له كتاب كبير جيد معتمد) ويقول النجاشي فيه: (عماربن موسى الساباطي أبوا الفضل مولى وأخواه قيس و صبّاح رووا عن ابي عبد الله و ابي الحسن عليهما السلام وكانوا ثقات في البروايةالخ)[7] فالسند موثق لا بأس به.

واما الدلالة : فانما يدل على عدم وجوب المشاركة في تجهيزه لان النهي في مقام توهم الوجوب، فلا يفيد الا نفي الوجوب.

و منها: جَعْفَرُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ سَعِيدٍ الْمُحَقِّقُ فِي الْمُعْتَبَرِ نَقْلًا مِنْ شَرْحِ الرِّسَالَةِ لِلسَّيِّدِ الْمُرْتَضَى أَنَّهُ رَوَى فِيهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع النَّهْيَ عَنْ تَغْسِيلِ الْمُسْلِمِ قَرَابَتَهُ الذِّمِّيَّ وَ الْمُشْرِكَ- وَ أَنْ يُكَفِّنَهُ وَ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ وَ يَلُوذَ بِهِ[8] ".

اما السند: فلا سند متصل له فلا تتم حجيته.

وأما الدلالة: فالنهي فيها يمكن حمله على الترخيص في الترك لمثل ما قلناه في السابقة.

و منها: أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الطَّبْرِسِيُّ فِي الْإِحْتِجَاجِ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ قَالَ لِلْحُسَيْنِ هَلْ بَلَغَكَ مَا صَنَعْنَا بِحُجْرِ بْنِ عَدِيٍّ- وَ أَصْحَابِهِ ، شِيعَةِ أَبِيكَ فَقَالَ ع وَ مَا صَنَعْتَ بِهِمْ- قَالَ قَتَلْنَاهُمْ وَ كَفَّنَّاهُمْ- وَ صَلَّيْنَا عَلَيْهِمْ فَضَحِكَ الْحُسَيْنُ ع- فَقَالَ خَصَمَكَ الْقَوْمُ يَا مُعَاوِيَةُ- لَكِنَّا لَوْ قَتَلْنَا شِيعَتَكَ مَا كَفَّنَّاهُمْ وَ لَا صَلَّيْنَا عَلَيْهِمْ وَ لَا قَبَرْنَاهُمْ[9] .

اما السند: فغير متصل وفيه صالح بن كيسان لم يرد له توثيق.

واما الدلالة: فهؤلاء أصحاب معاوية كانوا یعتبرون من البغاة المسلمين وهو خارج عن موضوع بحثنا. ولعل الامام اراد أن يفهمه انهم كانوا معترفين بايمان اصحاب علي بينما اصحاب معاوية كانوا من النصاب لاهل البيت الذين هم انجس من الكلب. فاشار الى عدم وجوب غسلهم.

و منها: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَوْمَ بَدْرٍ لَا تُوَارُوا إِلَّا مَنْ كَانَ كَمِيشاً- يَعْنِي مَنْ كَانَ ذَكَرُهُ صَغِيراً وَ قَالَ- لَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا فِي كِرَامِ النَّاسِ[10] .

اما السند: هذا الحديث سنده صحيح الا انه ورد في مقام التميز بين المسلم وغيره ممن يجب دفنه وغيره فلا يدل على حرمة موارات اشلاء المشركين فما قاله صاحب الجواهر بعد ذكر قول المشهور في عدم جواز موارات الكفار- من قوله: بلا خلاف و لا إشكال، بل قيل لا يجوز دفنه بلا‌ إشكال فيه، و إن كان فيه نظر بل منع، للأصل السالم عن معارضة حرمة التشريع بعد أن كان الدفن من المعاملة لا من العبادات، فهو حينئذ في الكافر و غيره من الحيوانات حتى الكلب و الخنزير على مقتضى الأصول، و النهي في الصحيح الآتي إنما يراد به في مقام توهم وجوب مواراة الجميع و لو للمقدمة، فيراد منه حينئذ عدم وجوب ذلك إلا من كان كمشا[11] . وقوله ولو للمقدمة يعني لا يجب دفن الجميع حتى نتيقن بدفن المسلمين فيما بينهم بل يكفي دفن كميش الذكر منهم -هذا كلام قريب الى الواقع و مقتضى القواعد.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo