< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

37/08/07

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : الطرف الثالث - الذمام

كنا في مبحث الذمام ومن الفروع التي تعرض له المصنف هو قوله: (و لو دخل المسلم دار الحرب مستأمنا فسرق وجب إعادته سواء كان صاحبه في دار الإسلام أو في دار الحرب) وجوب اعادة المسروق يستفاد من ظاهر عقد التأمين فان المستأمن عند ما يطلب الأمان لنفسه ففي الحقيقة يأمّنهم عن الخيانة في أموالهم وأنفسهم و في الحقيقة عقد التأمين قرار متقابل بين المستأمن والمؤّمن، فما قاله صاحب الجواهر رداً على هذا الدليل: (إن الأمان لا يقتضي أزيد من مأمونية المستأمن لا العكس) في غير محله، ولو لم يصرحوا بذلك في صيغة العقد، فان هذا الموضوع مدلول الفحوى عرفاً وعادتاً، والعجب منه بعد المناقشة في الاستدلال بمدلول عقد الأمان يقول: (و لعل الأولى الاستدلال بالنهي عن الغلول و الغدر لهم، ضرورة أولوية هذا الفرد من غيره) بينما الغلول والغدر هما بمعنى الخيانة والمفروض عدم اعترافكم بانّ عقد الاستيمان مفيد للزوم مراعات الأمان من الجانبين فمن اين اتى الغلول والغدر، فأخذ اموال الحربيين أمر مجاز عندكم فهذا الكلام منه رضوان الله عليه كرّ إلى ما فرّ منه.

ثم ذكر المحقق فرع آخر فقال: (و لو أُسر المسلم و أطلقوه و شرطوا الإقامة عليه في دار الحرب و الأمن منه لم يجب الإقامة، و حرمت عليه أموالهم بالشرط و لو أطلقوه على مال لم يجب الوفاء به).[1] مفروض المسألة أن المشركين يأسرون مسلما ثم يطلقون سراحه بشرطين: اولاً: الإقامة في دار الحرب، ثانياً: الأمن منه، اي لا يأتي منه ضرر على المشركين لا في أنفسهم ولا في أموالهم، وقد يضيفون اليه شرط آخر وهو دفع مال معين إليهم، فالمصنف يرى عدم وجوب الوفاء بالشرط الاول والثالث وانما يحكم بوجوب الوفاء بالشرط الثاني. والوجه في ذالك أن هذا العقد الذي انعقد بينهما لم يكن برضا المسلم بل كان مكرها عليه فالعقد لا عبرة به، بل يجب عليه الخروج لأن البقاء في دار الكفر لا يجوز الا بمجوّز كالضرورة او للدعوة إلى الاسلام او تحصيل خدمة للمسلمين. كما انه لا يجب عليه دفع المال لانه لم يستسلم للدفع الا كُرهاً فلا يجب دفعه. واما وجوب الوفاء بالتأمين لأنهم إطمئنّوا به و زعموا أنفسهم وأموالهم في الأمان، فمخالفة العقد في هذا القرار يعتبر غدراً وغلولاً. ولكن نقض الشرطين الاولى والثانية ليس فيه ضرر عليهم وانما كان عدم تسليم شيئ لايستحقونه.

ثم إن صاحب الجواهر طرح هنا مسألة أخرى تناسب السياق وهي قوله: (نعم لو هرب منهم كان له الأخذ من مالهم كما في المنتهى لإباحة أنفسهم و أموالهم للمسلمين، فليس غلولا، و لا غدراً في الحقيقة كي يشمله النهي المزبور عنهما). والفارق بين هذا الفرع وما ذكره المحقق ان هنا لم يقع بينهما عقد واشتراط، و دماء المحاربين واموالهم مباح للمسلمين فيجوز له بعد هروبه أن ينهب اموالهم بل ان يقتل أفرادهم، وهذا يكون وفق القاعدة وليس فيه خيانة ولا نقض عهد ولا خرق تأمين.

هنا كذلك ذكر صاحب الجواهر فرع آخر يناسب السياق فقال: (و لو دخل المسلم دار الحرب بأمان فاقترض مالاً من حربي و عاد إلينا و دخل صاحب المال بأمان ففي المنتهى كان عليه ردّه إليه، لأن مقتضى الأمان الكف عن أموالهم، قلت هو كذلك و إن لم يدخل المقرض إلينا، و كذا قوله أيضا و لو اقترض حربي من حربي مالا ثم دخل المقترض إلينا بأمان فإن عليه رده إليه، لأن الأصل وجوب الرد‌ و لا دليل على براءة الذمة، و اللّٰه العالم).

هنا وجوب اداء القرض مما يدل عليه أكثر من دليل فانه أمانة على ذمة المقترض واداء الامانة واجب لأي شخص كان. و في الفرع الثاني نفس الدليل فان وجوب اداء القرض لا يختص بشريعة دون شريعة، بل العقل يحكم بذلك فلا حاجة لأثبات وجوب رد القرض أن نتمسك بالأصل لأنه دليل حيث لا دليل وموضوعه الشك في الحكم ولا مجال للشك كي نتمسك بالأصل.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo